طهران تكيفت مع العقوبات مستعينة بالتصنيع المحلي
الولايات المتحدة بحاجة إلى إعادة ضبط العلاقات مع إيران
على الرغم من مغادرة الرئيس، دونالد ترامب، البيت الأبيض في يناير المقبل، قد تكون سياساته تجاه إيران موجودة لتبقى. ويكمن الخطر في حملة العقوبات الأميركية، المعروفة باسم «الضغط الأقصى»، التي تسارع وزارة الخارجية الأميركية لتثبيتها في مكانها، لإدارة بايدن المقبلة، وأشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أخيراً، إلى أن الولايات المتحدة يجب أن «تعوض» عن أخطاء هذه السياسة.
وبعبارة أخرى، أدت استراتيجية «الضغط الأقصى» إلى تقويض النفوذ الأميركي بدلاً من تحسينه، لكن كيف بدأت هذه الاستراتيجية؟ ولماذا فشلت؟
في عام 2018، عندما اختارت الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وأصدرت بدلاً منه إنذاراً نهائياً، يُعرف باسم «المطالب الـ12». وشملت هذه المطالب تنازلات إضافية بشأن أنشطة إيران النووية، ووضع حد لرعاية إيران للوكلاء، ووضع حد لبرنامج الصواريخ البالستية، وانسحاب القوات الإيرانية من سورية. وكانت عقوبة عدم الامتثال هي حملة العقوبات التي استهدفت المؤسسات التجارية والمالية الإيرانية، وهذه الاستراتيجية تسببت في ثلاثة إشكالات.
أولاً: تستهدف المطالب الـ12 مصالح إيران الأمنية الحاسمة، وقد بنت إيران استراتيجيتها العسكرية على الوكلاء والصواريخ البالستية لأنها ضعيفة تقليدياً، وفي حين أن وزارة الخارجية يمكن أن تقترح على إيران أن «تكون مثل النرويج»، فإن الحكومة الإيرانية ليس لديها ضمانات أمنية تجعل هذا الاقتراح معقولاً، ولدى الحرس الثوري شكوك عميقة في ما يخص النيات الأميركية بشأن نظام طهران، وكواحدة من كتل القوى الإيرانية الرئيسة، يمتلك الحرس الثوري نفوذاً مهيمناً في صنع القرار الاستراتيجي، ما يستبعد أي فرصة للاستسلام للمطالب الـ12.
ثانياً: تكيفت إيران مع العقوبات من خلال الاستفادة من قطاع التصنيع المحلي وتنويع اقتصادها، وحتى لو كانت سياسة الولايات المتحدة تهدف إلى وقف برامج الصواريخ الإيرانية، بدلاً من التسبب في نقص المواد الطبية الحيوية، فإن النتائج لاتزال عكس النية، وفي غضون ذلك تتحايل إيران على قيود الأسلحة، من خلال تصنيع أسلحتها محلياً، وبالمثل فإن طهران اختارت خفض النفقات على المواد الغذائية من أجل المحافظة على أسلحتها.
على الرغم من تفشي الوباء والعقوبات الأميركية المشددة، بشكل متزايد، تمكنت إيران من زيادة الإنفاق في ميزانيتها الدفاعية بمقدار مليارَي دولار في عام 2020. و«الضغط الأقصى» لا يستهدف الأنشطة المزعزعة للاستقرار، لكنه يلحق ضرراً اقتصادياً مباشراً بالشعب الإيراني ويمنع الجهود الإنسانية.
ثالثاً: بينما يخطط الرئيس المنتخب، جو بايدن، للعودة إلى الدبلوماسية مع إيران، فإن الآليات القانونية المستخدمة حالياً في حملة العقوبات تحمل علامات استمرارها، وهذا يعني أن أي تصحيح للمسار بعد الانتخابات، ستترتب عليه عقبات بيروقراطية، بالإضافة إلى تكاليف الصدقية مع إيران، وفي غضون ذلك تسارع «الضغط الأقصى»، إذ أعلنت وزارة الخزانة فرض عقوبات على البنوك الإيرانية، في سبتمبر وأكتوبر، بينما حاولت وزارة الخارجية فرض قيود جديدة على الأسلحة على إيران، وخارج الحكومة يقدم المحللون مبررات إضافية لتشديد استراتيجية العقوبات.
هذا على الرغم من النتائج العكسية في معظم المقاييس المذكورة، في المطالب الـ12 الأصلية، والمشكلة الأكبر في هذه الاستراتيجية أن «الضغط الأقصى» لم يتم دعمها بـ«طرق فرعية»، وبدلاً من استخدام القوة الاقتصادية والدبلوماسية الأميركية لتسهيل التفاوض، تختار الولايات المتحدة بشكل متزايد الإكراه، ومن بين الأدلة على ذلك القرار الأخير بمعاقبة السفير الإيراني.
وعلى الرغم من ذلك، يعتبر مؤيدو «الضغط الأقصى» هذه التحركات محاولة لاحتواء «لاعب شرير»، وأن هذه الاستراتيجية أبعدت كل احتمال للحرب.
لكن، هل من المفاجئ أن تكون الهجمات على الشركاء والأفراد الأميركيين هي النتيجة؟
لم تحقق العقوبات أي نتائج في أي من المطالب الـ12، وما حدث هو تقييد قدرة الولايات المتحدة على التفاوض من أجل تحقيق الأهداف التي تريدها، وإثارة التوترات بين أميركا وإيران، وإذا أراد الأميركيون تجنب استمرار الحروب التي لا نهاية لها، من العقدين الماضيين، فقد حان الوقت للاعتراف بأن «الحد الأقصى» من الضغط حقق نجاحاً ضئيلاً.
ولن يكون استئناف الدبلوماسية عملية سهلة، لكن الابتعاد عن حملة الإكراه، في العامين الماضيين، خطوة أولى حاسمة، والطريقة الوحيدة للخروج من هذه الحفرة هي التوقف عن الحَفر.
• بينما يخطط الرئيس المنتخب، جو بايدن، للعودة إلى الدبلوماسية مع إيران، فإن الآليات القانونية، المستخدمة حالياً في حملة العقوبات، تحمل علامات استمرارها، وهذا يعني أن أي تصحيح للمسار بعد الانتخابات، ستترتب عليه عقبات بيروقراطية، بالإضافة إلى تكاليف الصدقية مع إيران.
• على الرغم من تفشي الوباء والعقوبات الأميركية المشددة، بشكل متزايد، تمكنت إيران من زيادة الإنفاق على ميزانيتها الدفاعية بمقدار مليارَي دولار في عام 2020. والضغط الأقصى لا يستهدف الأنشطة المزعزعة للاستقرار، لكنه يُلحق ضرراً اقتصادياً مباشراً بالشعب الإيراني، ويمنع الجهود الإنسانية.
جيف لامير- خبير الشؤون الإيرانية وزميل في جمعية «جون كوينسي آدامز»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news