الصين تستحوذ على التقنية الغربية فائقة الدقة من خلال الشركات الناشئة
على مدى السنوات القليلة الماضية، كثفت الحكومات والبرلمانات الغربية جهودها لمحاولة الحد من الفرص المتاحة للشركات من بعض البلدان، مثل الصين، لشراء أكثر شركاتها ابتكاراً. وتعمل المملكة المتحدة، مثل السويد، على تعزيز قوانينها التي تحد من عمليات الاستحواذ الأجنبية، وحذت حذوهما فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وفي أكتوبر من هذا العام، أصبحت آلية رقابة الاستثمار الأجنبي المباشر، التابعة للاتحاد الأوروبي، تعمل بكامل طاقتها، لكن مثل هذه القوانين المناهضة للاستحواذ الأجنبي للشركات الغربية جاءت بعد فوات الأوان، حيث ظلت الصين تتسلل إلى الشركات الغربية الناشئة قبل وقت طويل من نضجها بما يكفي للاستحواذ عليها في نهاية الأمر.
واستحوذ المشترون الصينيون في السويد، بين عامَي 2014 و2019، على 51 شركة سويدية وحصص في 14 شركة أخرى، وشمل الاستحواذ نحو 100 شركة فرعية، لكن الأكثر إثارة للقلق أن شركات صينية اشترت، عام 2018، ثلاث شركات سويدية ناشئة في مجال أشباه الموصلات، اثنتان من هذه الشركات الصينية مرتبطان بالجيش، وفي عام 2017 استحوذت شركة مملوكة لمؤسسة استثمارية صينية تسيطر عليها الدولة، على شركة «اماجنيشن»، وهي شركة بريطانية كبرى لتصنيع الرقائق، وقبل ذلك اشترت شركة صينية شركة «كوكا» الألمانية الرائدة في صناعة الروبوتات.
لكن عمليات الاستحواذ ليست سوى جزء يسير من مشاركة الصين في أكثر الشركات ابتكاراً في الدول الغربية، ففي الوقت الراهن توشك المملكة المتحدة على إطلاق أول شبكة «جي 5» في مجمع كامبريدج للعلوم، المملوك لجامعة كامبريدج، ويعد مقراً لنحو 120 شركة تكنولوجية متطورة. الشركتان اللتان تقفان خلف هذه الشبكة هما شركة «كامبريدج وايرليس» ومقرها كامبريدج، وعملاق الاتصالات الصيني شركة «هواوي».
وعلى الرغم من حظرها من قبل الحكومة البريطانية من عمليات توفير المعدات لشبكة «جي 5» في البلاد، تقوم الشركة بشكل مشترك ببناء ونشر شبكة «جي 5». وفي بيان صدر الشهر الماضي، قال الرئيس التنفيذي لشركة كامبريدج وايرليس، سيمون ميد، في بيان: «ندعو الشركات الطموحة إلى المشاركة، ومن خلال هذه الشراكة المثيرة لمدة ثلاث سنوات مع (هواوي)، سندعم رحلة ابتكار (جي 5)».
وبالنظر إلى التركيز الهائل للابتكار التكنولوجي الذي يحدث في مجمع كامبريدج للعلوم، وحقيقة أن الحكومة البريطانية استبعدت «هواوي» من جهود «جي 5» العامة الوطنية بسبب المخاوف الأمنية، فمن الغريب أن شبكة «جي 5» الخاصة بشركة «هواوي» تمضي قدماً في عملها لأنها تكتسب شرعيتها من كونها شركة خاصة.
«هواوي» ليست الكيان الصيني الوحيد الذي يستخدم التكنولوجيا المتقدمة التي يجري تطويرها في كامبريدج، وربما الأكثر إثارة للقلق هو شركات رأس المال المغامر الصينية التي تبحث بنشاط عن أفضل الأفكار، وتعمل «هواوي» مع شركة «تسبارك»، وهي الفرع البريطاني لشبكة «ساينس بارك»، من أجل تسريع الرقمنة في مجمع كامبريدج للعلوم، وتمكين الشركات من استغلال القدرات الجديدة وتعزيز الابتكار واكتساب ميزة تنافسية أثناء تحولها نحو تقنية «جي 5».
وفي المناسبات التي تنظمها مراكز الابتكار التكنولوجي في كامبريدج وأكسفورد بالمملكة المتحدة، تتم دعوة الشركات الناشئة بانتظام لعرض أفكارها على الشركات الصينية المستثمرة في مجال التقنية.
الوضع أيضاً مشابه في وادي السيليكون، حيث تعمل شركة بوهوا كابيتال، إحدى شركات الاستثمار الصينية الأكثر نشاطاً في المملكة المتحدة، وأيضاً الممول الرئيس للشركات الناشئة في مجمع التكنولوجيا الفائقة في كاليفورنيا. هناك أيضاً دانهوا كابيتال، وهي شركة رأسمال مغامر مقرها بالو ألتو وتدعمها الحكومة الصينية، ولديها العشرات من الشركات الأميركية الناشئة في محفظتها.
- استحوذ المشترون الصينيون في السويد بين عامَي 2014 و2019، على 51 شركة سويدية، وحصص في 14 شركة أخرى، وشملت عمليات الاستحواذ نحو 100 شركة فرعية.