يسعى لحصانة من تهم بالفساد تلاحقه
نتنياهو يستعين بــ «عرب إسرائيل» لتفادي نهاية مأساوية
ذات مرة، استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، شبح خروج المواطنين العرب، في إسرائيل، للتصويت بأعداد كبيرة، لتخويف قاعدته اليمينية، ودفعها إلى الإدلاء بأصواتها. وهو الآن يغازل هؤلاء الناخبين العرب أنفسهم، الذين يشكلون 17% من جملة الناخبين الإسرائيليين، في محاولة يائسة لإنقاذ مستقبله السياسي. وشعر القادة السياسيون العرب الإسرائيليون بالارتباك لرؤية رئيس الوزراء يقوم بحملته الانتخابية في الناصرة، وهي أكبر مدينة عربية في البلاد، ويحصل على موافقة رئيس البلدية.
أعمال شغب
وبينما أدى ظهور نتنياهو المفاجئ إلى اندلاع أعمال شغب في شوارع المدينة، التي تحظى بالاحترام، كونها مسقط رأس السيد المسيح، ألمح زعيم أحد الأحزاب السياسية العربية في البلاد، إلى أنه، هو أيضاً، قد يعقد شراكة مع نتنياهو. وبعد أن أبرم معاهدات سلام مع دول عربية، يحاول السياسي البالغ من العمر 71 عاماً، التمسك بوظيفته، والتي، بالمناسبة، ستمنحه حصانة من ثلاث لوائح اتهام بالفساد.
لكن عرض نتنياهو غير المحتمل للناخبين العرب، ليس سوى جزء من لعبة الشطرنج. وبصفته أطول سياسي خدمة في إسرائيل، عمل نتنياهو على مستويات عدة للتحضير لرئاسة جو بايدن. وإذا فشل خصومه في الإطاحة به في الانتخابات الإسرائيلية، في 23 مارس المقبل، فإن لدى نتنياهو أجندة واضحة: صقل إرثه كصانع سلام مع العالم العربي - مع تهميش الفلسطينيين - وتحييد إيران، والحفاظ على دعم الولايات المتحدة في عهد بايدن، والبقاء بعيداً عن السجن.
ومع استقرار بايدن في البيت الأبيض، يجب على نتنياهو تجنب العودة من حيث توقف، في مواجهات مريرة مع باراك أوباما، عندما كان رئيساً. وتضمنت الأحداث البارزة الخطاب الذي ألقاه نتنياهو قبل اجتماع مشترك بين مجلسي النواب والشيوخ، للتنديد بالاتفاق النووي الإيراني، لعام 2015. وفي لحظة فاصلة في العام التالي، رفض أوباما مناشدات إسرائيل، وعمل على تمرير قرار يدين بناء المستوطنات في الضفة الغربية، في مجلس الأمن.
حماس انتخابي
ومع تزايد التأييد في تجمعات حملته الانتخابية، سيردد أتباعه المتحمسون اسمه بحماس، مثلما هتف مؤيدو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب باسمه، قبل اقتحام مبنى الكابيتول الأميركي. ووجهاً لوجه مع منافسيه الأقل دهاء، مثل جدعون سار من حزب الأمل الجديد، ونفتالي بينيت من «يمينا»، ويائير لابيد؛ سيخرج نتنياهو متأرجحاً. ويتعهد نتنياهو بضخ المليارات في المدارس والمستشفيات العربية، التي طال إهمالها، وتعزيز وجود الشرطة، لوقف موجة الجريمة في المدن العربية.
وكانت محاربة جائحة «كوفيد-19»، من خلال تطعيم السكان أسرع من أي دولة أخرى، بمثابة محاولة لرئيس الوزراء للبقاء في السلطة. وخلال الحملة الانتخابية، سيركز نتنياهو على اتفاقياته الجديدة في الشرق الأوسط، بما في ذلك إنهاء المقاطعة العربية لإسرائيل، كدليل على مهاراته الدبلوماسية، التي لا مثيل لها. وقال خبير المخاطر السياسية لمنطقة الشرق الأوسط في «جيو إيكونوميكا»، ومقرها عمان، رياض الخوري، إن «مناورات نتنياهو، بما في ذلك استمالة الناخبين العرب، أخيراً، في الناصرة، تثبت مرة أخرى أنه خبير تكتيكي».
إذكاء المخاوف
وفي حين أنه من غير المرجح أن يمنع نتنياهو بايدن من الانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني، بعد انسحاب ترامب منه، فإنه سيستخدم النقاش لإذكاء المخاوف الإسرائيلية من طهران وتعبئة ناخبيه. وأثارت إدانته الشديدة للاتفاقية أمام الكونغرس الأميركي الإعجاب، وأقام التحالف اللاحق بسبب مواقف مشتركة لدول عربية تجاه لإيران. وسيقاوم نتنياهو الانجرار إلى المستنقع الدائم مع الفلسطينيين، الذين لم تعد محنتهم، إلى حد كبير، عاملاً مهماً للناخبين الإسرائيليين. لكن الفلسطينيين، أيضاً، يخططون لإجراء انتخابات في الأشهر المقبلة - الأولى منذ عام 2009 - مع توقعات بأن الإدارة الأميركية المتعاطفة معهم، ستحاول، في النهاية، مساعدتهم في إقامة دولة مستقلة.
وفي حين أن وزير الخارجية الأميركي الجديد، أنتوني بلينكن، قد أشار إلى أن إدارة بايدن سيكون لها أولويات أخرى، في عامها الأول، فقد أظهرت التجربة السابقة، أن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، لديه طريقة ما ليندرج في أجندة البيت الأبيض.
وفي أربعة انتخابات على مدى العامين الماضيين، أربك نتنياهو استطلاعات الرأي، وهزم المعارضين، وأكد مكاسبه في القدس. وبعد أن تم تصويره لعقود على أنه كابوس لعرب إسرائيل، كم سيكون الأمر مثيراً للسخرية إذا تجنب نتنياهو نهاية صديقه ترامب، فقط، بمساعدة عرب إسرائيل.
محاولات كسب الود
يبذل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قصارى جهده لكسب ود الإدارة الأميركية الجديدة، بعد أن تفاخر في حملته السابقة بتحالفه الحميم مع الرئيس السابق دونالد ترامب. وفي العام الماضي، وضع حزب الليكود لوحات إعلانية ضخمة، في القدس، للرجلين وهما يتصافحان. ومع ذلك، فإن الحضور في الناصرة ليس موجهاً، فقط، للفوز بالأصوات. ويحاول نتنياهو بطريقة تكتيكية أيضاً، أن يُظهر لجو بايدن والقادة العرب أنه حساس تجاه المخاوف العربية (في إسرائيل). ولهذه الغاية، يعد بضخ المليارات في المدارس والمستشفيات العربية، التي طالما أهملها، وتعزيز وجود الشرطة في الجليل، لوقف موجة الجريمة المتفشية في المدن العربية.
كما أوقف نتنياهو مؤقتاً خططاً لضم نحو 30% من الضفة الغربية، وهو وعد قدّمه عند توقيعه معاهدات السلام الأخيرة. ولكن هذا لن يمكنه من الفوز في ساحة سياسية صاخبة، في إسرائيل، حيث اختفى حزب العمل المهيمن، ذات يوم، وأحزاب يسار الوسط الأخرى. وبمجرد أن يهدأ بايدن، سينطلق نتنياهو لطمأنة قاعدته المتشددة من الليكود، والأحزاب الأيديولوجية الأصغر، التي يحتاجها لبناء ائتلاف حاكم. وبهم، فقط، وربما بإضافة مقعد أو مقعدين عن الأحزاب العربية، سيتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي من البقاء في المنصب، والحفاظ على نفوذه والهروب من العدالة.
جوناثان فيرزيجر: زميل غير مقيم في «المجلس الأطلسي» ومراسل «بلومبيرغ نيوز» السابق في الشرق الأوسط.
- بعد استقرار بايدن في البيت الأبيض، يجب على نتنياهو تجنب العودة من حيث توقف، في مواجهات مريرة مع باراك أوباما، عندما كان رئيساً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news