بايدن والغرب يواجهون تهديدات اليمين المتطرف
في خطاب تنصيبه، دعا الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن إلى الوحدة، وحدد عدواً، وأشار إلى أمراض ومخاطر النزعة القومية التي رعاها الرئيس السابق دونالد ترامب. وقال بايدن: «(إنها) صرخة من أجل العدالة العرقية، منذ نحو 400 عام، لذا تحركنا»، في إشارة إلى الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد خلال الصيف: «صرخة لا يمكن أن تكون أكثر يأساً أو أكثر وضوحاً. والآن تصاعد التطرف السياسي وتفوق البيض، والإرهاب الداخلي، الذي يجب أن نواجهه وسنهزمه». وتابع: «أعرف أن القوى التي تفرقنا عميقة وحقيقية، لكنني أعلم أيضاً أنها ليست جديدة. وقد عرف تاريخنا صراعاً مستمراً بين المثل العليا الأميركية، التي تنص على المساواة، والحقيقة القاسية والقبيحة، التي مزقتنا لفترة طويلة. إنها العنصرية وعداء المهاجرين، والخوف والشيطنة».
وقال بايدن إنه شعر بأنه اضطر للترشح للرئاسة، بعد أن بدا أن ترامب يدافع عن المشاركين في مسيرة عام 2017 لتفوق البيض، في شارلوتسفيل. ثم وجد هذا الغضب صدى مقلقاً، في اقتحام متطرفين من اليمين المتطرف لمبنى الكابيتول الأميركي، قبل نحو أسبوعين. ولوّح بعض المشاغبين، الذين سعوا إلى إلغاء نتائج المجمع الانتخابي، الذي أعطى الفوز لبايدن، بأعلام الكونفدرالية، وشعارات متطرفة. ووصفهم بايدن بأنهم «إرهابيون محليون».
نقاش جديد
أدت سنوات من حكم ترامب إلى تسريع النقاش حول تهديد التطرف اليميني عبر الديمقراطيات الغربية. ومن نيوزيلندا إلى الولايات المتحدة، مروراً بألمانيا، شن مسلحون من اليمين المتطرف هجمات إرهابية دموية، وجميعهم فعلوا ذلك بدافع المهاجرين والليبراليين. وفي بعض الحالات، يمكن رسم خط من تطرفهم إلى خطاب ترامب المتشدد. وعلى الرغم من شيطنة ترامب واليمين لـ«أنتيفا»، وهي مجموعة غير متماسكة من نشطاء اليسار المتطرف، تُظهر البيانات المحلية أن مؤامرات اليمين المتطرف، أو المتعصبين للعرق الأبيض في الولايات المتحدة، تفوق كثيراً تلك التي دبّرها الراديكاليون اليساريون، أو الفوضويون، في عام 2020. ويقول المحققون الأميركيون إن التجمع المؤيد لترامب، في السادس من يناير، الذي سبق اقتحام مبنى الكابيتول، حضره متطرفون معروفون من البيض، وكان بعضهم موجوداً بالفعل على قوائم مراقبة الإرهاب لمكتب التحقيقات الفيدرالي. ويبدو أن نحو واحد من كل خمسة من المتهمين، البالغ عددهم 140 متهماً، حتى الآن، لتورطهم في هجوم الكابيتول؛ قد خدم في الجيش، وفقاً لتقارير إعلامية.
وقبل تنصيب بايدن، أزالت السلطات 12 من أفراد الحرس الوطني، الذين تم نشرهم في واشنطن، بعد اكتشاف أن بعضهم كان له تعاطف أو علاقات محتملة مع الجماعات المناهضة للحكومة.
تهديد القوميين
في ألمانيا، استيقظت السلطات خلال العام الماضي، على تهديد القوميين البيض والنازيين الجدد، الذين يتسللون بشكل مطرد إلى قوات الأمن في البلاد. وفي يوليو، قامت الحكومة بحل وحدة عسكرية من النخبة، لأن قوات الكوماندوز التابعة لها كانت تشتبه في وجود علاقات مع اليمين المتطرف. وقالت مفوضة الدفاع بالبرلمان الألماني، إيفا هوغل، للصحافيين في ذلك الوقت: «هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراء»، متابعة: «لقد تم التقليل من شأن هذه التهديدات، ولم يتم التعامل معها بجدية كافية».
ومن بين أولئك الذين لم يأخذوا التهديد بجدية كافية، مسؤولون في إدارة ترامب، الذين بدا أنهم تجاهلوا المخاوف بشأن مجموعة ناشئة من الجماعات المسلحة اليمينية المتطرفة المنظمة العابرة للحدود. وقال مسؤول استخباراتي أوروبي، متحدثاً شريطة عدم الكشف عن هويته، الصيف الماضي: «طلباتنا إلى نظرائنا الأميركيين للحصول على المساعدة القانونية، وتبادل المعلومات في مسائل الجماعات اليمينية المتطرفة، غالباً ما تكون بلا إجابة».
سلوك متطرف
وهناك مجموعة واسعة من السلوك اليميني المتطرف الذي يثير قلق المحللين. وبعيداً عن الجماعات المسلحة، على غرار الميليشيات التي تتدرب على العنف، فإن الحشد اليميني المتطرف تلازم مع حركة «كيو أنون»، وهي مجموعة مترامية الأطراف من الادعاءات الكاذبة، التي اندمجت في أيديولوجية متطرفة أدت إلى تطرف أتباعها. وفوز بايدن، ورحيل ترامب، بالكاد أدى إلى تهدئة الحماسة بين أتباع «كيو أنون»، وفقاً لما قالته جويل فينكلشتاين، وهي مؤسسة مشاركة في معهد «نتوارك كونتايجن» للأبحاث، وهي مجموعة بحثية تدرس المعلومات المضللة عبر الإنترنت: «ما نراه هو اتجاه في اللغة المخيفة بشكل متزايد، وقد انتقل الحديث عن ثورة إلى الحديث عن انهيار يشبه نهاية الحضارة».
وقد انتشرت الظاهرة بالفعل، في أوروبا، حيث اندلعت احتجاجات اليمين المتطرف، ردد خلالها المحتجون بعض المعتقدات الغريبة لحركة «كيو أنون» الأميركية. وفي ذلك تقول مديرة «نيوز غارد»، وهي شركة تتعقب المعلومات المضللة عبر الإنترنت، آنا صوفي هارلينغ: «إذا كان هناك أي مؤشر على أن منصات التكنولوجيا الأميركية كان لها تأثير على الخطاب الدولي بطريقة لا حدود لها، فهذه هي»، مشيرة إلى احتجاجات اليمين في أوروبا.
ظاهرة عالمية
وكتبت المحللة هيذر أشبي في «فورين بوليسي»: «بدلاً من التعامل مع التطرف اليميني على أنه حوادث معزولة ضيقة الأفق بالنسبة لدول معينة، فقد حان الوقت للاعتراف به كظاهرة عالمية ومتطورة»، متابعة: «إذا لم تقم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بتعبئة الموارد بسرعة، والاتحاد ضد هذا التهديد، فقد يفقدون فرصة مهمة لوقف انتشاره». وأضافت أن الحكومات والمجتمعات بحاجة إلى الاستثمار في مشروعات محو الأمية الإعلامية، طويلة الأجل، لمواجهة التضليل الإعلامي.
ولا تستطيع الولايات المتحدة فرض الرقابة على أشكال معينة من خطاب الكراهية أو تجريمها كما تفعل أوروبا، على الرغم من أنه من المتوقع أن تعتمد إدارة بايدن سياسة مختلفة مع شركات التكنولوجيا، للتعامل مع المعلومات المضللة، وانتشار التطرف على شبكات التواصل الاجتماعي. ودعا العديد من خبراء السياسة والمشرعين في واشنطن إلى اتباع نهج من أعلى إلى أسفل في ما يخص الإرهاب المحلي، على غرار ما تم حشده ضد التطرف، في أعقاب 11 سبتمبر.
ويثير ذلك قلق النقاد الذين يخشون من أن الولايات المتحدة تتعلم الدروس الخاطئة، بعد سنوات من صنع سياسات مكافحة الإرهاب القاسية في كثير من الأحيان. وأولئك الذين ينتقدون إصدار قانون محلي للإرهاب، يجادلون بأن هناك، بالفعل، العشرات من قوانين جرائم الإرهاب الفيدرالية، وجرائم الكراهية، وقوانين الجريمة المنظمة، التي يمكن تطبيقها على أعمال الإرهاب المحلية، والأمر ببساطة يعود إلى إدارة تعطي الأسبقية للتهديدات الداخلية.
ووفقاً لتقرير «بوليتيكو»، فقد «حذرت أكثر من 130 منظمة مدنية وحقوقية من أن إنشاء تهمة إرهاب محلي، يمكن أن تستخدم وسيلة للتوصيف العرقي، واستهداف المجتمعات المهمشة.
ايشان ثارور: كاتب عمود في «واشنطن بوست»، وعمل سابقاً محرراً ومراسلاً في مجلة «تايم»
في ألمانيا، استيقظت السلطات خلال العام الماضي على تهديد القوميين البيض والنازيين الجدد، الذين يتسللون بشكل مطرد إلى قوات الأمن في البلاد. وفي يوليو، قامت الحكومة بحل وحدة عسكرية من النخبة، لأن قوات الكوماندوز التابعة لها كانت تشتبه في وجود علاقات مع اليمين المتطرف.
هناك مجموعة واسعة من السلوك اليميني المتطرف الذي يثير قلق المحللين. وبعيداً عن الجماعات المسلحة، على غرار الميليشيات التي تتدرب على العنف، فإن الحشد اليميني المتطرف تلازم مع حركة «كيو أنون»، وهي مجموعة مترامية الأطراف من الادعاءات الكاذبة، التي اندمجت في أيديولوجية متطرفة أدت إلى تطرف أتباعها.