لندن تفوقت في تطعيم العدد الأكبر
حرب لقاحات تلوح في الأفق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا
قامت دول غنية بإفراغ رفوف العالم من لقاحات فيروس «كورونا»، تاركةً الدول الفقيرة، مع القليل من الأمل في الخروج من الوباء في عام 2021. لكن مناوشات جديدة، هذا الأسبوع، وضعت الأغنياء في مواجهة بعضهم بعضاً، ووجدت بريطانيا نفسها في مواجهة الاتحاد الأوروبي، خلال التدافع على اللقاحات، لتنطلق منافسة قومية جديدة، يمكن أن تسمم العلاقات، وتعيق الجهود الجماعية لإنهاء الوباء. وهدد الاتحاد الأوروبي، الذي تأثر بتقدمه البطيء في مجال التطعيمات، هذا الأسبوع، بتشديد القواعد الخاصة بشحن الجرعات، البلجيكية الصنع، إلى بريطانيا. واتهم المشرعون البريطانيون، بدورهم، نظراءهم الأوروبيين بشن حملة ابتزاز، من شأنها أن توتر العلاقات لجيل كامل.
وتواجه البلدان الأكثر فقراً، والتي هي بالفعل في مؤخرة خط اللقاحات، فترات انتظار أطول إذا أدت الخلافات الشديدة، بين الدول الغنية، إلى ارتفاع الأسعار. ويحمل الخلاف في أوروبا أصداء الأيام الأولى المظلمة للوباء، عندما حظرت عشرات الدول، أو قيدت تصدير معدات الحماية والأجهزة الطبية. وبعد نحو عام، تفاقمت روح الحمائية. وفي حين أن إمدادات اللقاح نادرة جداً بالنسبة للعديد من البلدان الفقيرة لبدء التلقيح، فإن الدول الغنية لا تعرف كيفية مشاركة الجرعات المتاحة في ما بينها.
وقال مدير برنامج الصحة العالمية في معهد السياسات في لندن «تشاتام هاوس»، روبرت ييتس، «العلم ينجح، والتضامن يفشل»، متابعاً، «القادة السياسيون في العالم يخذلون العلماء والآخرين». ويتمثل جوهر المشكلة في تأخير الإنتاج، في مصانع منفصلة، في بلجيكا، تنتج لقاح «فايزر - بايونتك»، وتلك التي طورتها «أسترا زينيكا» بالتعاون مع جامعة أكسفورد.
ومع وجود نوع جديد وأكثر عدوى للفيروس التاجي، وزيادة عدد الحالات في العديد من البلدان الأوروبية، أدى هذا التأخير إلى تقويض الجهود المبذولة لتطعيم ملايين الأشخاص، ما زاد من المنافسة العالمية على الجرعات. ولكن تصنيع اللقاحات المعروف بصعوبته، ليس سوى جزء من المشكلة. ويقول خبراء الصحة العامة، إن النظام العالمي الكامل لشراء الجرعات، الذي يحرض دولة ضد أخرى مع القليل من الاهتمام بالإنصاف، غير مناسب لمهمة إنهاء جائحة، لا تحترم الحدود.
بالنسبة للاتحاد الأوروبي، عززت المشكلات، المتعلقة بحملات التطعيم، الانتقادات الموجهة للبيروقراطية البطيئة، وغير العملية في بعض الأحيان للكتلة. وبسبب عدم تمكنهم من تسريع صانعي اللقاحات، لجأ قادة الكتلة، بدلاً من ذلك، إلى التهديدات بشأن عملية التصدير، في علامة على الضغط الشديد الذي يواجههم؛ حيث يتخلف الاتحاد الأوروبي كثيراً عن بريطانيا والولايات المتحدة، اللتين قامتا بشراء اللقاحات مسبقاً. ومكانة الاتحاد الأوروبي تقوم على مفهوم الكفاءة، لا سيما عندما تتوزّع المسؤولية على أطراف مختلفة من القارة، حيث يعتقد الناس أن بروكسل ستكون أكثر كفاءة من السلطات الوطنية، وفقاً للمؤلف والسياسي السابق في البرتغال، برونو ماسايس، الذي أوضح أنه «يمكنك أن ترى شعوراً باليأس في الأيام القليلة الماضية».
تسريع وتيرة التطعيمات
ويأمل العديد من الدول الأوروبية، الغنية والفقيرة، في أن يؤدي وصول لقاح «أسترا زينيكا»، إلى تسريع وتيرة التطعيمات، نظراً لانخفاض سعره ومتطلبات التخزين البسيطة، مقارنةً بتلك التي تتطلبها شركتا «فايزر»، و«موديرنا».
لكن «أسترا زينيكا» أخبرت الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، أنها ستخفض عمليات التسليم المقررة إلى 31 مليون جرعة، بحلول نهاية مارس، أي أقل من نصف الكمية التي كانت الكتلة تتوقعها (80 مليون جرعة). وجاءت هذه الأخبار بالتزامن مع إعلان من شركة «فايزر» أنها ستبطئ عمليات تسليم اللقاحات، حتى تتمكن من ترقية مصنعها في بلجيكا. ومع غضب الدول الأعضاء، ردت المفوضية الأوروبية، بالقول إن جميع لقاحات فيروس «كورونا»، المصنوعة داخل الكتلة، تتطلب وثائق خاصة، ليتم شحنها إلى مكان آخر.
ويعرض ذلك إمدادات بريطانيا للقاحات «فايزر - بايونتك»، للخطر. وعلى عكس توريد لقاح «أسترا زينيكا»، الذي يتم إنتاجه في مصانع بريطانية، فإن شحناتها من لقاح «فايزر - بايونتك» تأتي بالكامل من مصنع في «بور» البلجيكي. وبرر المشرعون الأوروبيون هذه الخطوة، بالقول إنها ستسمح لهم بمراقبة «كيفية توزيع الشركات للقاحات، ومحاسبتها».
وقال متحدث باسم «أسترا زينيكا»، يوم الثلاثاء، «لم نحول أي إمدادات من سلسلة التوريد الأوروبية إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي». وكانت العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي متوترة بالفعل بعد أكثر من أربع سنوات من الجدل حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي انتهى قبل أسابيع، فقط، ورد المشرعون البريطانيون بغضب وألقوا باللوم على الكتلة الأوروبية. وقال ديفيد جونز، وهو مشرع من حزب المحافظين، إن «هذا يبدو بشكل فظيع مثل الابتزاز»، قائلاً إنه «يُظهر لماذا كنا على حق في مغادرة الاتحاد الأوروبي». وقال محللون إن الخلاف يشير إلى تصاعد التوترات على نطاق واسع في بريطانيا، حول التطعيم، بعد أن أعطت لقاحات لـ10%، من سكانها، حتى الآن، مقارنة بنحو 2%، فقط، في الاتحاد الأوروبي.
وكانت بريطانيا أول دولة تعطي التصريح للقاح، تم اختباره بالكامل، لفيروس «كورونا». وقال ييتس- من «تشاتام هاوس»، «أعتقد أن هناك أشخاصاً داخل الحكومة، وضمن المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يستمتعون بالفعل بهذا الأمر»، متابعاً، «في هذه الحالة، ربما نشهد بعض الانتقام، الآن، من جيراننا الأوروبيين الذين سئموا هذا الأمر».
• يقول خبراء الصحة العامة، إن النظام العالمي الكامل لشراء الجرعات، الذي يحرض دولة ضد أخرى مع القليل من الاهتمام بالإنصاف، غير مناسب لمهمة إنهاء جائحة، لا تحترم الحدود.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news