في بلد يحب سكانه الهدوء والسكينة

موقع ياباني يحدد للسكان الجدد الأحياء العالية الضجيج

ضجيج الأطفال يحدد المناطق المفضلة للسكن في اليابان. من المصدر

تزدحم خرائط موقع «دوروزوكو» المهتمة بتحديد الأماكن الهادئة في اليابان، بدوائر ملونة تحدد الأماكن التي يجب على السكان الجدد تجنب السكن فيها لأنها - كما تقول - ترتفع فيها وتيرة صراخ الأطفال أثناء لعبهم، وأصوات الكبار وهم يتحدثون بصوت عالٍ مع بعضهم بعضاً ويزعجون جيرانهم. ويبدو أن الموقع قد أصاب وتراً حساساً في بلد يحب الهدوء والسكينة لدرجة أن قطارات الركاب المزدحمة غالباً ما تبدو واحات من الهدوء، كما أدرج السكان المحليون الغاضبون في الموقع معلومات حول ما يقرب من 6000 نقطة يرتفع فيها الضجيج في جميع أنحاء اليابان.

وبالضغط على الأيقونات في الموقع يستطيع المستخدم الكشف عن طبيعة الإزعاج بدءاً من صريخ أطفال يلعبون بالكرة، وصولاً إلى مجموعات من الكبار الذين ينخرطون في جلسات ماراثونية للقيل والقال.

ويقول مستخدم في تعليقه على الجلبة التي يحدثها الأطفال، إن «أطفال المدارس الابتدائية يلعبون دائماً ويتجولون في الشارع، ما يتسبب في مشكلات للأشخاص الذين يعيشون في الجوار»، بينما يشتكي مستخدم آخر من اضطراره إلى مراوغة الأطفال أثناء قيادته السيارة في الحي.

أطفال المدارس الأكبر سناً ليسوا المجموعة الوحيدة التي حددها الموقع، وإنما وضح الموقع أيضاً شكوى الأهالي من بكاء الأطفال وجلبة تلاميذ الرياض الذين يحدثون أصواتاً عالية في المساء وخلال عطلات نهاية الأسبوع.

إلا أن مشغل الموقع، وهو رجل في الأربعينات من عمره طلب عدم ذكر اسمه، يتعرض للانتقاد اللاذع، حيث يتهمه البعض بإثارة عدم التسامح مع الأطفال الذين يفعلون فقط ما هو طبيعي بالنسبة لهم، في بلد يحتاج إلى المزيد من الشباب إذا أراد أن يظل اقتصاده على قيد الحياة مستقبلا.

وبينما قال بعض آباء الأطفال الصغار إن الموقع، الذي يحدد أيضاً المناطق الأكثر هدوءاً، ساعدهم في اختيار المكان المناسب لهم للسكن، يشعر آخرون بالفزع لأنهم وجدوا أنفسهم مدرجين في المناطق الصاخبة على الرغم من أنهم كانوا جيراناً نموذجيين.

وأدرج الموقع أيضاً مرفق رعاية للأطفال في طوكيو يتردد صداه مع ضجيج عالٍ جداً. وقال أحد الأشخاص المرتبطين بالمنشأة لصحيفة أساهي شمبيون: «لم أكن أعرف أننا مدرجون في الموقع»، مضيفاً أن المرفق ظل مفتوحاً لمن يريد أن يتأكد بنفسه لأكثر من خمس سنوات دون شكوى واحدة.

ويبدو أن الضوضاء بلغت وضعاً سيئاً أثناء جائحة الفيروس التاجي التي اضطرت أعداداً قياسية من الأشخاص للعمل من المنزل، وأثناء حالة الطوارئ الأولى العام الماضي، عندما أغلقت المدارس.

غش

ووفقاً للخبير في هندسة البيئة الصوتية في معهد هاشينوهي للتكنولوجيا في شمال شرق اليابان، نوهيسا هاشيموتو، فإن الإجهاد الناجم عن الفيروس يمكن أن يضطر الأشخاص المستقيمين إلى الغش عندما يتعلق الأمر بحماية سلامهم وهدوئهم.

وقال هاشيموتو لصحيفة «أساهي»: «أولئك الذين ينشرون التعليقات على الموقع يجب أن يكونوا متسامحين وأن يعيدوا التفكير بهدوء فيما إذا كان يمكن اعتبار سلوك الآخرين حقاً مصدر إزعاج»، على الرغم من أنه نصح الآباء والأوصياء بالتأكد من أن أطفالهم لا يبالغون في الضجيج عند اللعب في الهواء الطلق.

وجاء هذا الإعلان في مسعى لإزالة الحواجز القانونية أمام بناء المزيد من مراكز رعاية الأطفال لعشرات الآلاف من الذين كانوا مدرجين على قوائم الانتظار، للسماح لوالديهم بالعمل، وعلى المدى الطويل، تشجيع الأزواج على تكوين أسر أكبر، ومعالجة معدل المواليد المنخفض في اليابان.

وجاءت تلك الحواجز القانونية بعد عدد كبير من الشكاوى حول ضجيج لعب الأطفال ومحاولات منع بناء حضانات ودور حضانة.

وفي عام 2012، رفع سكان في حي نيريما في طوكيو دعوى تعويض مطالبين فيها دار رعاية نهارية بكبح جماح أطفالها المزعجين. واستشهد المشتكون بقانون داخلي ينطبق على ضواحي طوكيو يحظر الضوضاء التي يتجاوز معدلها 45 ديسيبل - أعلى قليلاً من الأصوات العادية - بما في ذلك تلك الصادرة عن الأطفال المرضى.

وتم تعديل اللائحة في وقت لاحق لإعفاء الأطفال الصغار، وتشجيع السكان على تجنب الإجراءات القانونية والجدل المثير للنزاعات - ويفضل أن يكون ذلك دون رفع أصواتهم.


- أدرج السكان المحليون الغاضبون في موقع «دوروزوكو» معلومات حول ما يقرب من 6000 نقطة يرتفع فيها الضجيج في جميع أنحاء اليابان.

تويتر