مؤشرات سياسة بايدن الخارجية تنم عن عدم كفاءة أو غطرسة
اعتبر خبير أميركي أن المؤشرات الأولى لسياسة الرئيس جو بايدن الخارجية، لا تتواكب مع التوقعات السابقة لوصوله إلى البيت الأبيض.
وقال الباحث في شؤون الدراسات الأمنية بمعهد كاتو، وخبير الشؤون الدولية، الخبير تيد جالين كاربنتر، إن الرواية السائدة في وسائل الإعلام هي أن انتخاب بايدن يعني عودة «الراشدين» و«المحترفين» للأخذ بزمام أمور سياسة الولايات المتحدة الخارجية، بعد أربعة أعوام مما يراه البعض سلوكاً خطراً لهواة، من جانب الرئيس السابق دونالد ترامب، ومن قام بتعيينهم.
ويقول كاربنتر، في تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأميركية، إن الأحداث التي تكشفت لاحقاً تثبت عكس ذلك، مشيراً إلى أنه يجب أن تدق العديد من الإجراءات المبكرة لإدارة بايدن أجراس الخطر لدى الكونغرس، والشعب الأميركي. ويضيف: «السؤال الوحيد هو: هل هذه الزلات تعكس عدم كفاءة أم غطرسة؟».
وبحسب التقرير، ظهر أحد المؤشرات المثيرة للقلق، حتى قبل أن يؤدي بايدن اليمين الدستورية، حيث دعا سفير تايوان الفعلي لدى الولايات المتحدة لحضور حفل تنصيبه، وهي المرة الأولى التي يُمنح فيها هذا التكريم منذ حولت الولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية إلى جمهورية الصين الشعبية في عام 1979.
وقال الكاتب إنه حتى ترامب، أو الرئيس السابق جورج دبليو بوش، وقد كان الاثنان من أشد المؤيدين لتايوان، لم يقدما على شيء جريء لإظهار الازدراء لموقف بكين. وأدت هذه البادرة من بايدن إلى بداية فاترة لعلاقات الإدارة الجديدة مع الصين. ويبدو أنه من غير المحتمل ألا يكون بايدن ومستشاروه على دراية بكيفية رد حكومة الرئيس الصيني شي جين بينغ. ومع ذلك، إذا كان هذا هو الحال، فإن التفسير الآخر الوحيد هو أنهم كانوا يعرفون أن ذلك كان استفزازاً، ولكنهم لم يهتموا. والتفسيران مثيران للقلق، على حد تعبير الكاتب.
وذكر التقرير أنه تم اتخاذ بعض التحركات الأخرى المشكوك فيها من جانب بايدن وفريق السياسة الخارجية التابع له، والتي تؤثر في العلاقات الأميركية الصينية.
وفي أول محادثة هاتفية للرئيس الأميركي مع رئيس الوزراء الياباني الجديد، يوشيهيدي سوجا، كرر بايدن أن معاهدة الدفاع المشترك بين البلدين تغطي سلسلة جزر سينكاكو غير المأهولة، التي تدعي الصين أيضاً سيادتها عليها. وفي أواخر شهر فبراير، صعّد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، جون كيربي، الأمور عندما صرّح بأن واشنطن تدعم «سيادة» اليابان على هذه الجزر.
تحوّل كبير
وأشار هذا التعليق إلى تحول كبير في السياسة الأميركية. وكان الموقف الرسمي لواشنطن هو أنه في حين أن الولايات المتحدة ستقاوم أي استخدام للقوة لإنهاء إدارة طوكيو للجزر الصغيرة، فإنها لم تبدِ موقفاً في ما يتعلق بوقائع النزاع الإقليمي. وسجل بيان كيربي تأييد الولايات المتحدة لسيادة طوكيو على للجزر، وكان عليه أن يتراجع في اليوم التالي بـ«توضيح» يعيد التأكيد على السياسة القائمة سلفاً. ويرى الكاتب أن «مثل هذا الأداء الفوضوي لا يوحي بالثقة».
ولم تكن منطقة شرق آسيا الساحة الوحيدة التي ظهر فيها سلوك الإدارة الجديدة مشوشاً. ففي أواخر فبراير، أمر البيت الأبيض بشن ضربات جوية على سورية، لأن الميليشيات الموالية لإيران هاجمت منشآت عسكرية أميركية في العراق المجاور.
وأثار جانبان من جوانب هذا القرار انتقادات على الفور، فقد وافق الرئيس على القصف دون استشارة الكونغرس، واستند في صلاحيته المزعومة على تفسير موسع للغاية لـ«التصريح باستخدام القوة العسكرية» ضد تنظيم «القاعدة» والجماعات الإرهابية الأخرى، الذي يعود لعام 2001 في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.
وأثار تحرك بايدن انتقادات فورية، بمن في ذلك من الأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس، الذين رفضوا فكرة أن «التصريح باستخدام القوة العسكرية» يشمل ضربات جوية بعد مرور عقدين، على بلد ليس له صلة على الإطلاق بأحداث 11 سبتمبر. وأوضح التقرير أن قرار الإدارة باستخدام القوة العسكرية، دون أي تنسيق مع حزب الرئيس في الكونغرس، يشير إلى تبنٍّ متغطرس للرئاسة الإمبراطورية، أو هو مجرد حماقة. وهناك جانب آخر من القرار، كان أكثر سوءاً. فعلى الرغم من أن روسيا لديها وجود عسكري كبير في سورية، لدعم حكومة الرئيس بشار الأسد المحاصر في الحرب الأهلية هناك، يبدو أن الولايات المتحدة أعطت موسكو إخطاراً مسبقاً قبل أربع أو خمس دقائق فقط من القصف.
ويقول الكاتب إنه كان من الممكن أن تؤدي هذه المدة القصيرة للغاية إلى وقوع حادث خطر. ويساعد الأفراد الروس في تشغيل نظام الدفاع الجوي السوري، ويمكن للمرء أن يتخيل بسهولة رد الفعل، إذا تم إسقاط طائرة أميركية أثناء الغارة. وهناك خطر آخر أكبر، وهو أن الهجوم كان من الممكن أن يؤدي إلى مقتل عسكريين روس، لم يكن لديهم الوقت للاحتماء. واعتبر الكاتب أن ذلك الخطر لا داعي له، وكان من الممكن، بل كان يجب، تجنبه. واشتكى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بشدة من سلوك واشنطن. ومن المؤكد أن هذه الواقعة لم تقدم شيئاً لتهدئة العلاقات الأميركية الروسية المتوترة بالفعل.
واختتم الكاتب بالقول إنه إذا كانت سياسات الهواة الفظة تلك هي ما يمكن أن تتوقعه أميركا من محترفين، يفترض أنهم يتمتعون بالخبرة، فإن الولايات المتحدة ستسير في طريق صعب خلال السنوات الأربع المقبلة.
• في أول محادثة هاتفية للرئيس الأميركي مع رئيس الوزراء الياباني الجديد، يوشيهيدي سوجا، كرر بايدن أن معاهدة الدفاع المشترك بين البلدين تغطي سلسلة جزر سينكاكو غير المأهولة، التي تدعي الصين أيضاً سيادتها عليها. وفي أواخر شهر فبراير، صعّد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، جون كيربي، الأمور، عندما صرّح بأن واشنطن تدعم «سيادة» اليابان على هذه الجزر.
• على الرغم من أن روسيا لديها وجود عسكري كبير في سورية، لدعم حكومة الرئيس بشار الأسد المحاصر في الحرب الأهلية هناك، يبدو أن الولايات المتحدة أعطت موسكو إخطاراً مسبقاً قبل أربع أو خمس دقائق فقط من القصف.