منها الاحتجاجات والوباء وتدني شعبية بوتين
روسيا تحشد قواتها قرب أوكرانيا لأسباب داخلية
استمرت التعزيزات العسكرية الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، الأسبوع الماضي، ما أدى إلى تعميق القلق العالمي بشأن نوايا موسكو الحقيقية. ويأتي ذلك مع تصعيد كبار المسؤولين الروس، ووسائل الإعلام الحكومية لهجماتهم التحريضية. وما بدا كأنه استعراض للقوة أمام إدارة جو بايدن، أصبح ربما شيئاً أكبر. وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي قوافل من المركبات العسكرية تصل إلى المنطقة من أماكن بعيدة، مثل سيبيريا، وفقاً لتحليل أجرته مجموعة استقصائية، تسمى «فريق استخبارات الصراع».
وتتجمع القوات جنوب مدينة فورونيج الروسية على بعد 155 ميلاً من الحدود مع أوكرانيا، بعيداً بما يكفي للإيحاء بأن الغزو الفوري يبدو غير مرجح، لكن القوات قريبة بما يكفي لإثارة التوتر. وتتجاوز تحركات القوات من المناطق العسكرية الغربية والجنوبية بكثير ما كان متوقعاً في العادة لمناورة عادية من النوع الذي نفذته روسيا أخيراً. وقال الباحث في «فريق استخبارات الصراع»، كيريل ميخائيلوف، إن الأمر المُحير والمُقلق في الوقت نفسه، بشأن الحشد العسكري في فورونيج، هو الموقف الهجومي الواضح. وتقع المنطقة على حدود أوكرانيا التي تسيطر عليها حكومة كييف، وليس المناطق الانفصالية في دونيتسك ولوهانسك، حيث يعتمد الوكلاء المحليون على الدعم الروسي.
حشد وتصريحات ساخنة
وترافق الحشد العسكري مع تواصل تصريحات المسؤولين الروس الساخنة. ويوم الخميس، حذر ديمتري كوزاك، وهو مسؤول بارز في الكرملين، من أن تصعيداً كبيراً يحدث في الصراع من شأنه أن يمثل «بداية نهاية أوكرانيا». وفي الوقت نفسه، أعلنت روسيا التي سعت إلى تصوير أوكرانيا على أنها معتدية من خلال التحذير من أن كييف تستعد لتطهير دونباس عرقياً من الروس؛ أن ذلك استدعى تدخلها. ويوم الجمعة، حذر السكرتير الصحافي الروسي دميتري بيسكوف، من أن روسيا قد تضطر للتدخل في حالة وقوع «كارثة إنسانية مماثلة لكارثة سربرينيتشا»، في إشارة إلى الإبادة الجماعية لأكثر من 8000 مسلم بوسني على يد القوات الصربية في يوليو 1995.
وقبل أيام، قالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، جين بساكي، إن الولايات المتحدة تشعر بقلق متزايد من «تصعيد الاعتداءات الروسية» في المنطقة. وتحدث وزير الخارجية أنتوني بلينكين مع نظيره الألماني هيكو ماس، وشددا على أهمية الوقوف إلى جانب أوكرانيا ضد «الاستفزازات الروسية أحادية الجانب».
واشتعل الصراع والخطاب العدائي بشكل دوري منذ أن أنهى اتفاق السلام لعام 2015 أسوأ المعارك بين الطرفين، وأدى إلى حالة من الجمود غير المستقر، ولكن من الواضح أن الزعماء الغربيين قلقون. وذكرت شبكة «سي.إن.إن» أن الولايات المتحدة تدرس إرسال سفن حربية إلى البحر الأسود لإظهار الدعم. ويقول مراقبو الصراع منذ فترة طويلة، إن الغزو الشامل أمر غير مرجح.
وفي ذلك تقول مديرة برنامج الأمن عبر المحيط الأطلسي في مركز الأمن الأميركي الجديد، أندريا كيندال «أعتقد أن الجميع في مكان مماثل حيث نراقب عن كثب»، متابعة «مازلت أعتقد أن ما يحدث ليس أكثر من مجرد عرض وإرسال إشارات، ولكن من الواضح أن لا أحد على استعداد لاستبعاد حقيقة أنه يمكن أن يتحول إلى شيء أكثر خطورة».
السبب غير واضح
ولايزال سبب الحشد غير واضح، لكن الخبراء يشيرون إلى العوامل المحلية في روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة. واستمرت شعبية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الانخفاض إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق. ولايزال الكرملين يصارع الوباء، وفي يناير شهدت روسيا احتجاجات حاشدة في الشوارع في جميع أنحاء البلاد، في أعقاب اعتقال زعيم المعارضة أليكسي نافالني، الذي أضرب عن الطعام الأسبوع الماضي، للمطالبة بالعلاج الطبي مع تدهور صحته. وأوضحت كيندال أن «هناك عدداً كبيراً من خطوات المواجهة المتزايدة القادمة من الكرملين»، بما في ذلك الإهانة الأخيرة لكبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، خلال رحلته إلى موسكو، وقرار استدعاء السفير الروسي في الولايات المتحدة إلى أجل غير مسمى للتشاور.
وتضيف كيندال «يبدو الأمر كما لو أن بوتين يلعب على وتر رواية روسيا المحاصرة». وفي غضون ذلك، اتخذ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، موقفاً متشدداً على نحو متزايد ضد روسيا، وفرض عقوبات على حليف بوتين فيكتور ميدفيدشوك، وأغلق ثلاث محطات تلفزيونية، في وقت شهدت شعبيته تراجعاً. وقد تعتقد موسكو أن بإمكانها استفزاز زيلينسكي ليقوم بخطوة غير متوقعة في دونباس، وهو ما يبرر الرد الروسي؛ مثلما فعلت في جورجيا عام 2008، عندما انخرط الرئيس الجورجي السابق، ميخائيل ساكاشفيلي، في الحرب في إقليم أوسيتيا الجنوبية الانفصالي. وقال كبير الباحثين بمركز الأبحاث البحرية في فيرجينيا، مايكل كوفمان «يبدو أن النخب القيادية في موسكو تنظر إلى زيلينسكي على أنه من نوع ساكاشفيلي،» متابعاً «هذا التصور رغم أنه قد يكون غير دقيق فإن له عواقب عالمية حقيقية».
وتقول كيندال «أعتقد أنه قد يكون هناك بعض القلق في الكرملين من أنه في ظل إدارة بايدن، قد يشعر زيلينسكي بأن لديه فسحة أكبر للقيام بأشياء لا تحبها موسكو». وبوتين في النهاية قد يرغب في إعادة سيناريو عام 2008، لكنه لا يملك الأوراق على الطاولة. وفي ذلك يقول الأستاذ في الجامعة الوطنية في كييف، تاراس كوزيو «ما يود بوتين فعله هو تكرار تجربة عام 2008»، لكنه أشار إلى أن «زيلينسكي ليس ساكاشفيلي».
• اشتعل الصراع والخطاب العدائي بشكل دوري بين روسيا وأوكرانيا، منذ أن أنهى اتفاق السلام لعام 2015 أسوأ المعارك بين الطرفين، وأدى إلى حالة من الجمود غير المستقر.
• تتجمع القوات جنوب مدينة فورونيج الروسية، على بُعد 155 ميلاً من الحدود مع أوكرانيا، بعيداً بما يكفي للإيحاء بأن الغزو الفوري يبدو غير مرجح، لكن القوات قريبة بما يكفي لإثارة التوتر.
إيمي ماكينون - مراسلة شؤون الأمن القومي والاستخبارات في «فورين بوليسي»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news