اتهام أنقرة بدعم «الإسلاميين» بالسلاح يفزع أردوغان
انخرطت تركيا منذ البدايات في الأزمة السورية التي بدأت في 2011 ولاتزال مستمرة، حيث وفرت أنقرة ملاذاً للمعارضين، وأصبحت معادية بشكل متزايد لسياسات حكومة الرئيس بشار الأسد، وامتد الوضع إلى تزويد الفصائل المنشقة بالسلاح، بحسب تقارير دولية عدة.
وقال المحلل التركي البارز، الزميل في منتدى الشرق الأوسط بالولايات المتحدة، بوراك بكديل، في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي، إنه في 19 يناير 2014، فتشت قيادة الدرك التركي في جنوب البلاد ثلاث شاحنات متجهة إلى سورية، وكان يرافق الشاحنات ضباط استخبارات أتراك، وكانت الشاحنات تحمل شحنة غريبة، ففي الحاوية الأولى، كان هناك ما يراوح ما بين 25 و30 صاروخاً أو قذيفة صاروخية، و10 إلى 15 صندوقاً محملة بالذخيرة.
وفي الثانية، كان هناك ما بين 20 إلى 25 صاروخاً أو قذيفة صاروخية، و20 إلى 25 قذيفة هاون وذخيرة مضادة للطائرات، في خمسة أو ستة أكيس.
وكانت الصناديق، بحسب بكديل، تحمل علامات بالكتابة الكِريلية، وهو نظام كتابة يُستخدم في أبجديات عدة عبر أوراسيا.
وشهد أحد السائقين بأن الشحنة تم تحميلها على الشاحنات من طائرة أجنبية في مطار إيسنبوجا في أنقرة، وقال: «لقد حملنا أحمالاً مماثلة مرات عدة من قبل».
العدو الإقليمي
ويقول بكديل إنه كان من الواضح أن الأسلحة كانت متجهة إلى المعارضين الذين يقاتلون ضد الرئيس السوري بشار الأسد، العدو الإقليمي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وبعد ما يقرب من عامين، كاد أردوغان أن يعترف بشحنات الأسلحة. وقال في نوفمبر 2015: «لا يهم إن ما كانت (الشحنة) أسلحة أم لا».
وفي مايو 2015، نشرت صحيفة «جمهوريت» اليومية العلمانية، على صفحتها الأولى، أدلة فوتوغرافية على تسليم أجهزة الاستخبارات التركية أسلحة إلى الجماعات المسلحة في سورية. وادعت حكومة أردوغان أن الشحنة كانت مساعدات إنسانية للسكان المحليين التركمان في سورية، لكنها وجّهت بعد ذلك اتهامات جنائية ضد محرري «جمهوريت»، واتهمتهم بأنهم أعضاء في «منظمة إرهابية»، وبالتجسس، والكشف عن أسرار الدولة.
وبحسب بكديل، لم يجرؤ أحد في ذلك الوقت على التساؤل عن سبب اعتبار إرسال المساعدات الإنسانية لمجموعة عرقية في بلد تجتاحه الحرب الأهلية، سراً من أسرار الدولة.
دفع الثمن
وقال أردوغان في خطاب عام: «من نشر هذا الخبر سيدفع الثمن بشكل كبير». وطلب الادعاء الحكم بالسجن مدى الحياة على اثنين من محرري صحيفة جمهوريت. ومنذ ذلك الحين، يعيش كان دوندار، رئيس التحرير آنذاك، في المنفى بألمانيا.
وفي ديسمبر 2015، زعمت روسيا أن تركيا تدعم تنظيم «داعش» من خلال التجارة في النفط، وهو مصدر دخلهم الرئيس. وفي مارس 2016، زعم تقرير آخر أن إجمالي الإمدادات التي أرسلتها تركيا إلى «الإرهابيين» في سورية في عام 2015 شمل 2500 طن من نترات الأمونيوم، و456 طناً من نترات البوتاسيوم، و75 طناً من مسحوق الألومنيوم ونترات الصوديوم والجليسيرين وحمض النيتريك.
وجاء في التقرير ما يلي: «من أجل المرور عبر الحدود دون عوائق، وبالتواطؤ مع السلطات التركية، يتم تجهيز المنتجات للشركات التي يزعم أنها مسجلة في الأردن والعراق.. ويتم تنظيم تسجيل ومعالجة الشحنة في مراكز الجمارك في مدن أنطاليا، وغازي عنتاب، ومرسين (التركية). وبمجرد تنفيذ الإجراءات اللازمة، تمر البضائع دون عوائق عبر المعابر الحدودية في سيلفيجوسو وأونكوبينيار».
وفي الوقت الحالي، وفي بداية مايو 2021، بدأ سادات بكر، وهو رجل عصابات تركي مدان ومؤيد شرس لأردوغان - حتى الآن - بنشر سلسلة من مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، أطلق فيها اتهامات غير مؤكدة بالفساد والقتل وتجارة المخدرات ضد كبار السياسيين، وشاهد تلك المقاطع ملايين من الأتراك.
وفي أحد المقاطع، شرح بكر بالتفصيل كيف أرسلت حكومة أردوغان شحنات أسلحة إلى المعارضين الإسلاميين في سورية.وقال إن «شاحنات وكالة الاستخبارات، شملت (من بين أمور أخرى) طائرات بدون طيار، وملابس عسكرية، وسترات واقية من الرصاص، وأجهزة راديو. وقد عرضتُ شاحناتي الخاصة (على الحكومة) لتقديم مساعدات إنسانية للتركمان، وقد استخدموا شاحناتي دون أن يخبروني بما أرسلوه إلى سورية. كنا نعلم أنهم شحنوا الأسلحة، لكن ذلك كان طبيعياً. لقد ذهبت (الشاحنات) إلى سورية باسمي، دون أي تسجيل جمركي بين تركيا وسورية. ورأيت أشخاصاً من التركمان يشكرونني في مقاطع فيديو نشروها على وسائل التواصل الاجتماعي، أو هكذا ظننت، ثم أدركت أن شعب التركمان يتحدث العربية. ثم علمت أن شاحناتي استخدمت لإرسال (معدات عسكرية) إلى (جبهة) النصرة».
جبهة النصرة
وفي هذا المقطع، يزعم رجل العصابات التركي بكر أن حكومة أردوغان أرسلت شحنات أسلحة إلى «جبهة النصرة» من خلال «سادات»، وهي شركة استشارات عسكرية تركية. وتعرف «سادات» مهمتها بأنها «تقدم الخدمات الاستشارية والتدريب العسكري في قطاع الدفاع الدولي والأمن الداخلي».
ومع ذلك، يتساءل المنتقدون، بمن فيهم نواب المعارضة، عن أنشطة «سادات»، ويشتبهون في أن مهمتها الحقيقية قد تكون تدريب القوات شبه العسكرية الرسمية أو غير الرسمية على خوض العديد من حروب أردوغان داخل تركيا وخارجها.
وبعد أسابيع من الصمت، نفى أردوغان مزاعم بكر، ولكن ليس بطريقة مقنعة. وأمر ممثلي الادعاء والقضاة بالتحقيق، وإثبات أن جميع ادعاءات بكر كانت أكاذيب وحملة تشهير ضد حكومته. ويتساءل الكاتب: «من يثق باستقلالية التحقيق القانوني عندما يكون الرئيس قد أمر بالفعل بحكمه؟».
ووفقاً لشركة «أفراسيا» لاستطلاعات الرأي، فإن 78% من الأتراك الذين يصوتون للمعارضة يؤمنون بـ«كل ما كشف عنه بكر»، وهذا ليس مستغرباً. كما كشفت أبحاث أفراسيا أن ما يقرب من ربع ناخبي أردوغان يعتقدون أيضاً أن كل ما كشف عنه بكر صحيح.
واختتم بكديل تقريره بالقول: «لقد فاقم زعيم عصابات سيء السمعة كوابيس أردوغان».
• خلال ديسمبر 2015، زعمت روسيا أن تركيا تدعم «داعش» من خلال التجارة في النفط، وهو مصدر دخلهم الرئيس.
• تركيا انخرطت منذ البدايات في الأزمة السورية التي بدأت في 2011 ولاتزال مستمرة، حيث وفرت أنقرة ملاذاً للمعارضين.
• في مايو 2015، نشرت صحيفة «جمهوريت» اليومية العلمانية على صفحتها الأولى أدلة فوتوغرافية على تسليم أجهزة الاستخبارات التركية أسلحة إلى الجماعات المسلحة في سورية. وادعت حكومة أردوغان أن الشحنة كانت مساعدات إنسانية للسكان المحليين التركمان في سورية، لكنها وجهت بعد ذلك اتهامات جنائية ضد محرري «جمهوريت».