الشعب السوري يواجه أزمة إنسانية كارثية خلال أيام
خلال أيام، سيواجه مجلس الأمن الدولي خياراً حرجاً، من شأنه أن تكون له تداعيات على حياة أو موت الملايين في سورية، ومن المقرر أن تنتهي صلاحية قرار مجلس الأمن الدولي الحالي، الذي يقضي بعبور المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى داخل سورية، في 10 يوليو الجاري. وتعد هذه المساعدات بالنسبة لنحو أربعة ملايين شخص في شمال غرب سورية، ونصفهم مبعدون عن ديارهم ويعيشون في ملاجئ مؤقتة، بمثابة شريان حياة لا يمكن أن ينقطع.
ويحتاج نحو 80% من السكان في منطقة شمال غرب سورية إلى المساعدات الإنسانية، نصفهم من الأطفال، وهم يستحقون المساعدات من جميع الأشكال الممكنة، لكن من دون قرار الأمم المتحدة لإيصال المساعدات لا يمكن تأمين حاجاتهم، كما أن معاناتهم ستزداد، وباعتبارنا رئيسين لمنظمتين تعملان في مجال الصحة والمساعدات الإنسانية، نستطيع الجزم تماماً بأن تأثير عدم تجديد هذا القرار، ستكون له آثار مميتة في الكثير من السوريين.
أهمية المساعدات
ومع تدهور الوضع الإنساني إثر اندلاع الحرب في سورية، عملنا معاً على إدخال المساعدات في وقت مبكر، عبر الحدود من تركيا ولبنان والأردن، إلى سورية، وأصبحت الحاجات الإنسانية بما فيها المساعدات الطبية، مهمة جداً بالنظر إلى اندلاع الحرب الأهلية، التي نجم عنها اضطرار الملايين من السوريين إلى النزوح من بيوتهم داخل الدولة وخارجها.
وجاء في ما بعد قرار الأمم المتحدة 2165، الذي تمت الموافقة عليه في 14 يوليو 2014، والذي يدعو إلى فتح أربعة معابر حدودية في سورية لإدخال المساعدات الإنسانية عن طريق وكالات الأمم المتحدة، من دون موافقة الدولة السورية، ورافق ذلك آليات المراقبة والإشراف التي تضمن عدم وصول هذه المساعدات إلا إلى المحتاجين.
وسيكون من غير المقبول بالنسبة لأعضاء مجلس الأمن عدم زيادة عدد المعابر الإنسانية إلى سورية، بسبب تزايد الحاجة إلى المساعدات الإنسانية بنسبة 21% بين عامَي 2020 و2021، ونحن لا نقتبس أرقاماً لكن شهدنا الزيادة على هذه الحاجة.
وتنقل كلانا في شتى أنحاء سورية عدداً من المرات لتقييم هذه الحاجات، ولتأمين الخدمات الصحية، ودعم المشافي المحلية، وكان من المألوف سماع قصص الأطباء الذين يعالجون المرضى في أقبية المشافي، في حين كانت القذائف تتساقط فوقهم.
حاجات جديدة
وأدت جائحة «كورونا» إلى ظهور حاجات جديدة لا يمكن تأمينها من دون المساعدات العابرة للحدود، وهذه لحظة حرجة في الوقت الذي تواجه سورية موجة ثانية من «كورونا». وخلال الشهر الماضي، تضاعفت حالات الإصابة تقريباً شمال سورية، وخلال العام الماضي تم إدخال كميات كبيرة من المساعدات الطبية للمساعدة على علاج المصابين بـ«كورونا»، من خلال العديد من المنظمات غير الحكومية.
وثمة أزمة سوء تغذية متصاعدة تمثل مخاطر صحية أخرى بالنسبة للسوريين، ويواجه الكثير من السوريين انعداماً في الأمن الغذائي وفق ما ذكره برنامج الغذاء العالمي، ولهذا فإن عدم تجديد قرار مجلس الأمن الدولي المذكور سيجعل نحو مليون سوري يواجهون مخاطر الجوع، ويمكن أن يؤدي انعدام الأمن الغذائي المزمن، خصوصاً بالنسبة للأطفال، إلى أضرار صحية كبيرة، يمكن أن تؤدي إلى تأخير النمو والأمراض المزمنة.
وثمة إجماع بين منظمات المساعدات الإنسانية على أن عمليات تقديم المساعدات العابرة للحدود هي الأكثر مباشرة، كما أنها الطريقة الأمثل للوصول إلى ملايين الأطفال والنساء والرجال بالمناطق الأشد حاجة في سورية، ودعت العشرات من المنظمات الإنسانية إلى تجديد قرار الأمم المتحدة، وقال الأمين العالم للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس: «سيؤدي الفشل في تمديد قرار مجلس الأمن الدولي إلى تداعيات كارثية، وإن القوافل العابرة للحدود حتى لو تم نشرها بصورة منتظمة، لا يمكن أن تسد مكان العمليات العابرة للحدود أو تكون بحجمها»، وعاماً بعد عام تداخلت المصالح السياسية والجيوستراتيجية في توافر المساعدات ونقلها، وأسهمت في تدهور الوضع الإنساني في سورية، وهو أمر مشين، وينبغي على مجلس الأمن الدولي التصويت إلى جانب تجديد قرار عمليات المساعدات الإنسانية العابرة للحدود، وإذا كان المجتمع الدولي قد خذل السوريين خلال السنوات الـ10 الماضية، فدعونا نغير ذلك.
د. زاهر سحلول ■ رئيس منظمة «ميد غلوبال» الإنسانية وغير الحكومية
رابح توربي ■ مدير مشروع «هوب» لتقديم المساعدات في الأزمات الإنسانية
منظمات المساعدات الإنسانية تجمع على أن عمليات تقديم المساعدات العابرة للحدود، هي الأكثر مباشرة، كما أنها الطريقة المثلى للوصول إلى ملايين الأطفال والنساء والرجال بالمناطق الأشد حاجة في سورية.
ثمة أزمة سوء تغذية متصاعدة، تمثل مخاطر صحية أخرى بالنسبة للسوريين، ويواجه الكثير من السوريين انعداماً في الأمن الغذائي، وفق ما ذكره برنامج الغذاء العالمي، ولهذا فإن عدم تجديد قرار مجلس الأمن الدولي المذكور، سيجعل نحو مليون سوري يواجهون مخاطر الجوع.