ركام المــنازل المدمَّرة.. سبيل الغزيين لإعادة الإعمار
مع إشراقة شمس كل يوم جديد، يتوجه الشاب أحمد علوش إلى مناطق المنازل المدمّرة في قطاع غزة، ليس بحثاً عن شيء فقده خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد القطاع المحاصر، وإنما لجمع حجارة البيوت المهدمة، والبحث عن الحديد المسلح، لاستخراجه من وسط الركام، بواسطة أدوات يدوية بسيطة.
وبعد انقضاء ساعات طويلة من العمل الشاق تحت أشعة الشمس، ينقل علوش (28 عاماً) ما جمعه من كتل إسمنتية وحديد مسلح عبر الشاحنات، التي تتجه إلى المناطق النائية، حيث مصانع مواد البناء المتوقفة، لإعادة تدوير الركام من جديد، بواسطة أدوات يدوية، وأخرى آلية.
فنتيجة لمنع إدخال الاحتلال مواد البناء إلى قطاع غزة، عبر معبر كرم أبوسالم الذي يسيطر عليه، اضطر سكان غزة إلى إعادة تدوير ركام المنازل والمنشآت المدمرة، لاستخدامه في عمليات بناء ما دمرته آلة الحرب من جديد.
ونتيجة لأحداث الحرب التي استمرت 11 يوماً متواصلة في مايو الماضي، دمّرت آليات ومروحيات الاحتلال 17 ألفاً و200 وحدة سكنية وصناعية وخدمية، والتي أصيبت بأضرار كلية وجزئية، فيما بات 6000 شخص في غزة بلا مأوى، بعد أن تحولت منازلهم إلى أنقاض متناثرة.
رزق من بين الركام
الشاب علوش، وهو عامل بناء فقد عمله خلال السنوات الماضية، نتيجة لإغلاق معابر قطاع غزة، والاستمرار في تشديد الحصار، يعمل في جمع ركام المنازل والمنشآت المدمرة، منذ يونيو الماضي، إلى جانب عمل عشرات الشباب معه في عملية استخراج الحديد المسلح من الكتل الإسمنتية، ونقل الحجارة المهدمة.
ويقول الشاب علوش لـ«الإمارات اليوم» إن «حجم الدمار الذي خلّفته الحرب الأخيرة، طال جميع مناطق قطاع غزة، حيث آلاف الوحدات السكنية والمنشآت الصناعية والخدماتية، وبسبب تشرد مئات العائلات من نساء وأطفال وكبار سن، ومنع الاحتلال إدخال مواد البناء وإعادة الإعمار، لجأنا إلى إعادة تدوير الركام من جديد، والتي أصبحت مهنة مؤقتة لمئات الشباب والمواطنين العاطلين عن العمل».
ويضيف أن «هذه المهنة المؤقتة والشاقة، تعتمد على استخراج الحديد المسلح من المنازل التي تعرضت للقصف المروحي والمدفعي، باستخدام وسائل بدائية، منها المطرقة الحديدية والفأس، لتفتيت الكتل الإسمنتية واستخراج الحديد».
ويبيّن أن جمع الحجارة واستخراج الحديد المسلح، عملية شاقة جداً، وتحتاج إلى عشرات الشبان في المنطقة الواحدة، للتمكن من إتمام العمل بالشكل المناسب.
عملية التدوير
ووفرت عملية إعادة تدوير ركام المنازل والمنشآت المدمرة، العديد من فرص العمل لمئات المواطنين الغزيين، خصوصاً العاطلين عن العمل بفعل إغلاق معابر القطاع، حيث تحتاج إلى عمال للبحث عن الركام واستخراجه، ثم إعادة تدويره مجدداً داخل مصانع مواد البناء، التي تعطلت هي الأخرى عن العمل، لمنع إدخال المواد والأدوات اللازمة لتشغيلها من جديد.
المواطن بهاء الحمامي، أحد العاملين في مصنع لإنتاج الطوب ومستلزمات البناء، يستقبل يومياً الحديد المسلح والكتل الإسمنتية والحجارة المتهالكة، من عشرات الشبان، الذين يعملون في البحث عن ركام المنازل والمنشآت المدمرة، وتجميعه من مناطق عدة في غزة.
ويشرح الحمامي طريقة إعادة تدوير الركام، قائلاً إن «الحجارة تدور من خلال طحنها في آليات خاصة تسمى الكسارات، ثم يتم تحويل الكتل الإسمنتية إلى قطع صغيرة من الحصى، لإعادة صناعة الحجارة الكبيرة (البلوك)، واستخدامها مرة ثانية في عمليات إعادة الإعمار».
ويواصل العامل الغزي حديثه «أما المستخرجات الأخرى من تحت أنقاض المنازل والمباني المدمرة، كالحديد المسلح، فتتم إعادة تعديلها بواسطة آلة ومعدات يدوية بسيطة، لتصلح من جديد في عمليات البناء للمنازل والمنشآت المدمرة».
• وفّرت عملية إعادة تدوير ركام المنازل والمنشآت المدمرة العديد من فرص العمل لمئات المواطنين الغزيين، خصوصاً العاطلين عن العمل بفعل إغلاق معابر القطاع، حيث تحتاج إلى عمال للبحث عن الركام واستخراجه، ثم إعادة تدويره مجدداً داخل مصانع مواد البناء، التي تعطلت هي الأخرى عن العمل، بسبب منع إدخال المواد والأدوات اللازمة لتشغيلها من جديد.