رغم تزايد أعدادهم المتسارع
دول العالم تتنصل من معالجة أزمة اللاجئين
يبدو أن أعداداً متزايدة من الدول ترفض واقع اللجوء الموجود حالياً. ومع إغلاق الحدود، خوفاً من عبور اللاجئين، ومن المعارضات السياسية والإرهاب، أصبحت العديد من دول العالم ترى أن قضية اللاجئين، وطالبي اللجوء، والنازحين موضوع لا يخصها مطلقاً.
تحويل المسؤوليات
وبدلاً من محاولة إيجاد حل حقيقي لمشكلات اللاجئين، حولت الحكومات معظم مسؤوليات اللاجئين إلى المنظمات الدولية، التي غالباً ما تجد نفسها مفلسة، إضافة إلى المنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية. وأصبح معظم اللاجئين يتم تجميعهم في مخيمات في الدول المجاورة للدولة التي يهربون منها، وبصورة نمطية بعيداً عن حكومات وشعوب الدول الثرية والمتطورة.
وإضافة إلى أنها لا تسعى إلى معالجة مشكلات اللاجئين، فإن الحكومات غير مستعدة لمعالجة مشكلات اللجوء الحالية بصورة مباشرة، وغير مستعدة أيضاً لمعالجة مشكلات الأعداد الأكبر من اللاجئين، واللاجئين غير الشرعيين في المستقبل. وغالباً ما تفترض الحكومات أن أعداد اللاجئين ستنخفض مستقبلاً.
تضاعف العدد
بلغت أعداد اللاجئين في شتى أنحاء العالم في عام 2021 نحو 100 مليون، أي ضعفي ما كان عليه العدد عام 2010، كما أنه وصل إلى مستوى تاريخي، وان نصف هؤلاء نازحون داخل دولهم، ونحو ثلثهم لاجئون أو طالبو لجوء. ويوجد نحو أربعة ملايين طالب لجوء في جميع أنحاء العالم أي نحو أربعة أضعاف ما كان عليه الرقم قبل عقد من الزمن. وتزايد تعداد طالبي اللجوء أكثر في بعض البلدان، فعلى سبيل المثال، في الفترة ما بين 2008 و2018 تزايد تعداد طالبي اللجوء في الولايات المتحدة إلى ستة أضعاف، وفي ألمانيا إلى سبعة أضعاف، وفي إسبانيا إلى 12 ضعفاً. ومن المتوقع ان تستقبل أميركا خلال السنة المالية 2021 نحو 300 ألف من طالبي اللجوء، كما أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستعمل على إعادة توطين 15 ألف لاجئ. وهناك نحو 1.1 مليون لاجئ بانتظار صدور أحكام قضائية لتوطينهم، وهي العملية التي يمكن أن تستغرق سنوات عدة.
تعديل الأرقام
ويمكن تعديل هذه الأرقام في الولايات المتحدة بالنظر إلى أن واشنطن تنوي منح تأشيرات خاصة لآلاف اللاجئين الأفغان. وهناك بضعة دول، بما فيها كندا والمملكة المتحدة، تنوي قبول عدد كبير من اللاجئين الأفغان. ولكن ثمة دول أخرى، بما فيها أستراليا، وباكستان، وإيران، وتركيا، ومعظم الدول الأوروبية، ترفض قبول أعداد كبيرة من اللاجئين الأفغان.
وخلال السنوات الماضية، خصوصاً إثر وصول نحو مليون لاجئ إلى أوروبا بداية عام 2015 أصبحت العديد من الدول الأوروبية أكثر عدائية للاجئين. وتصاعدت الحركات السياسية الرافضة للاجئين في هذه الدول خوفاً على السلامة الثقافية، والأمن القومي، وسلامة المجتمع.
ويبلغ تعداد السكان في عالم اليوم نحو ثمانية مليارات نسمة يمتلكون الثروات بصورة غير متوازنة، وينتشر العنف، والصراعات الأهلية والاضطهاد والإساءة لحقوق الانسان، ونتيجة كل هذه الظروف يظهر عدد كبير من طالبي اللجوء والنازحين الداخليين واللاجئين غير الشرعيين، ومن المحتمل زيادة أعدادهم في المستقبل القريب.
صعوبة التمييز
ومن الصعب التمييز بين الأشخاص طالبي اللجوء واللاجئين الذين يبحثون عن فرص للعيش في الدول المتطورة، الأمر الذي يؤثر سلباً في حق طالبي اللجوء. ولكن حتى وإن كان جميع طالبي اللجوء شرعيين فإن أعدادهم الكبيرة تشكل عبئاً على الدول المستضيفة. وعلى سبيل المثال، أعلنت إدارة بايدن، أخيراً، أن الأعداد المتزايدة من اللاجئين الذين يدخلون أميركا من الحدود الجنوبية لا يمكن قبولهم.
أثر تغيّر المناخ
وتتفاقم أوضاع اللاجئين بسبب تغير المناخ. وأشار التقرير السادس لـ«الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ»، التابعة للأمم المتحدة، إلى أن الآثار المدمرة المتوقعة لتغير المناخ خلال العقود المقبلة ستكون على السكان الفقراء، خصوصاً الذين يعيشون في جنوب الصحراء الإفريقية وجنوب آسيا. وإضافة إلى ذلك قالت لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في حكم صدر عنها أخيراً إن الذين يهربون من دولهم نتيجة آثار تغير المناخ في السنوات المقبلة، ربما لن يتم إجبارهم على العودة إليها إذا كانت حياتهم في خطر.
ومن المحتمل أن يراوح تعداد اللاجئين بسبب المناخ بحلول خمسينات القرن الجاري ما بين ملايين عدة ومليار. ومثل هذا الرقم المروع سيكون أكبر من قدرات واستعداد معظم الدول لقبول المهاجرين الهاربين من تغيّر المناخ.
وترفض الدول على نحو متزايد حقائق اللجوء في هذه الأيام، وتصر على أنها غير معنية بأزمة اللاجئين، وأنه يجب على الآخرين الاهتمام بها، حيث قام بعض القادة السياسيين بتصوير اللاجئين وطالبي اللجوء باعتبارهم عبئاً كبيراً وتهديداً، ويعمدون إلى تقييد قبولهم إلى حد كبير. ولكن هذه الاستراتيجية ليس لها أثر يذكر على معالجة مشكلة الأعداد المتزايدة بسرعة من اللاجئين، وطالبي اللجوء والمهجّرين الآخرين من ديارهم الذين يبحثون يائسين عن مأوى وملاذ ومستقبل واعد.
جوزيف تشامي ■ خبير دولي بالسكان من الأمم المتحدة.
إضافة إلى أنها لا تسعى إلى معالجة مشكلات اللاجئين، فإن الحكومات غير مستعدة لمعالجة مشكلات اللجوء الحالية بصورة مباشرة، وغير مستعدة أيضاً لمعالجة مشكلات الأعداد الأكبر من اللاجئين، واللاجئين غير الشرعيين في المستقبل. وغالباً ما تفترض الحكومات أن أعداد اللاجئين ستنخفض مستقبلاً.
يبلغ تعداد السكان في عالم اليوم نحو ثمانية مليارات نسمة يمتلكون الثروات بصورة غير متوازنة، وينتشر العنف، والصراعات الأهلية والاضطهاد والإساءة لحقوق الإنسان، ونتيجة كل هذه الظروف يظهر عدد كبير من طالبي اللجوء والنازحين الداخليين واللاجئين غير الشرعيين، ومن المحتمل زيادة أعدادهم في المستقبل القريب.
• تزايد تعداد طالبي اللجوء أكثر في بعض البلدان، فعلى سبيل المثال، في الفترة ما بين 2008 و2018 تزايد تعداد طالبي اللجوء في الولايات المتحدة إلى ستة أضعاف، وفي ألمانيا إلى سبعة أضعاف، وفي إسبانيا إلى 12 ضعفاً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news