سياسية نيوزيلندية تكشف أسباب ازدهار العلاقة التجارية مع الصين
انتقدت زعيمة المعارضة النيوزيلندية كلاً من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بسبب استهجانهما علاقة بلادها التجارية مع الصين، قائلة إن فشلهما في تبني اتفاقيات التجارة الحرة كان «من الغباوة بمكان»، ومن شأنه أن يزيد من الهيمنة الصينية في المحيطين الهندي والهادئ.
وتقول زعيمة الحزب الوطني النيوزيلندي المعارض، الذي يمثل يمين الوسط، جوديث كولينز، في مقابلة مع صحيفة «الغارديان» يوم الجمعة: «إذا كان هناك أي انتقاد لنيوزيلندا كما هي الحال دائماً بشأن علاقتنا الوثيقة مع الصين والتجارة، فإن إجابتي، سواء كانت الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، هي: أين اتفاقية التجارة الحرة الخاصة بنا؟».
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد انسحب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ في عام 2017، ولم تنضم الولايات المتحدة إلى بديلها المسمى «الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ». وبدأت نيوزيلندا محادثات مع المملكة المتحدة العام الماضي بشأن اتفاقية التجارة الحرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنها لم توقع بعد.
وقالت كولينز إن الولايات المتحدة اتخذت خطوة «حمقاء» عندما انسحبت من اتفاقيات التجارة الحرة تلك. وتضيف أن «ما فعلته هو أنها فتحت الأبواب أمام الصين لتكون أكثر أهمية في منطقة المحيط الهادئ ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، وتركت الباب مفتوحاً، وهو ما أدى في النهاية الى ظهور هذه المشكلة».
وتسترسل «عليهم أن يتوقفوا عن الحكم على نيوزيلندا من خلال حقيقة أننا دولة صغيرة في قاع العالم تحتاج إلى التجارة لكي تحصل على كل ما تريده».
وتعد الصين أكبر شريك تجاري لنيوزيلندا بهامش كبير، وتمثل بالنسبة لنيوزيلندا البلد الذي يستوعب نحو ثلث إجمالي صادراتها. ووفقاً لمجلس نيوزيلاندا الصيني، بلغت قيمة الصادرات إلى الصين العام الماضي 16.7 مليار دولار، أي أكثر من تجارة نيوزيلندا مع أستراليا والولايات المتحدة واليابان (أكبر شركائها التجاريين الثلاثة التاليين) مجتمعين، وقد أدى ذلك إلى تكهنات بأن نيوزيلندا غير قادرة على اتخاذ مواقف متشددة من بكين بسبب اعتمادها على التجارة.
وما فتئت حكومة رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن تجد نفسها في طريق محفوف بالمخاطر بشأن قضايا الصين، فتدلي ببيانات عن كل حالة على حدة بشأن القضايا المختلفة أو التعدي في هونغ كونغ على المتظاهرين أو تنمرها في بحر الصين الجنوبي، لكنها تتجنب الإدانات الأكثر صرامة والمتشددة الصادرة عن الولايات المتحدة أو أستراليا. وكانت تراقب عن كثب تجربة جارتها مع الصين، حيث تعرضت أستراليا لحرب تجارية باهظة الكلفة مع الصين، مع فرض رسوم جمركية هائلة على معظم سلعها التصديرية.
وقال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة فيكتوريا في ويلينغتون، البروفيسور ديفيد كابي، إن التجارة هي الحلقة المفقودة لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة. ويضيف «على مدى الأشهر القليلة الماضية، كان هناك الكثير من الاهتمام بالدور الأمني للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، على سبيل المثال القمة الرباعية بين أميركا والمملكة المتحدة وأستراليا والهند، وصفقة أوكوس الجديدة بين أميركا والمملكة المتحدة وأستراليا المتعلقة باتفاقية الغواصات، لكن بالنسبة للعديد من دول المنطقة، فإن الجزء المفقود من استراتيجية الولايات المتحدة هو التجارة». ويسترسل «إذا كانت الولايات المتحدة قلقة بشأن النفوذ المتزايد للصين، فما هي البدائل التي ينبغي عليها أن توفرها إزاء جاذبية الاقتصاد الصيني الهائلة في المنطقة؟ لطالما كانت التجارة الحرة قضية محفوفة بالمخاطر في السياسة الأميركية، وأصبحت أكثر صعوبة في السنوات القليلة الماضية، والنتيجة هي أن واشنطن ليس لديها حقاً استراتيجية تجارية لدعم أهدافها الأوسع». ويختتم بقوله «القيم المشتركة كلها جيدة لكنها لا تسد رمقاً ولا تسمن من جوع».
وبعد تصريحات وزيرة الخارجية النيوزيلندية نانايا ماهوتا بأن نيوزيلندا غير مرتاحة لتوسيع نطاق اختصاص ما يسمى بتحالف العيون الخمس، اتهم عضو برلماني محافظ في المملكة المتحدة أرديرن بـ«الإذعان للصين»، وقالت وسائل الإعلام الأسترالية إن البلاد «باعت روحها» للصين من أجل الحفاظ على الاتفاقيات التجارية.
وقالت كولينز إن المعارضة لم ترض عن تلك الانتقادات الخارجية الموجهة ضد الحكومة. وتقول «نحن لا نهاجم الحكومة لأننا نعرف أنها هي من سيدفع الفواتير»، وقالت إنه ستكون هناك تداعيات تجارية لنيوزيلندا إذا حدثت مشكلة مع الصين.
وأعلنت أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة الشهر الماضي عن اتفاقية أوكوس الأمنية الجديدة، وهي الاتفاقية التي كانت نيوزيلندا غائبة عنها بشكل ملحوظ، والتي قال الخبراء إنها مثال على المسافة البعيدة في العلاقات بين البلاد وحلفائها التقليديين. وقالت كولينز: «أوكوس لم تشملنا ولا تشمل كندا، وتم تجاهل كلانا وتم استبعادنا». وقالت إنها ظلت من أشد المؤيدين لسياسة نيوزيلندا الخالية من الأسلحة النووية، والتي تحظر دخول السفن التي تعمل بالطاقة النووية (بما في ذلك تلك التي تم إنشاؤها بموجب اتفاقية أوكوس) إلى مياه نيوزيلندا. ومع ذلك، قالت أيضاً «علينا أن نتساءل عن سبب استبعاد كندا ونيوزيلندا من هذه الاتفاقية».
• «إذا كان هناك أي انتقاد لنيوزيلندا، كما هي الحال دائماً بشأن علاقتنا الوثيقة مع الصين والتجارة، فإن إجابتي، سواء كانت الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، هي: أين اتفاقية التجارة الحرة الخاصة بنا؟».
• تعد الصين أكبر شريك تجاري لنيوزيلندا بهامش كبير، وتمثل بالنسبة لنيوزيلندا البلد الذي يستوعب نحو ثلث إجمالي صادراتها.