وصفها بأنها «سيئة النية»
باحث أميركي: يتعين على بايدن إدراك دبلوماسية أردوغان
تباينت مواقف رؤساء الولايات المتحدة تجاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ أشاد الرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش، بتبني أردوغان للديمقراطية، رغم أنها كما تردد بدأت في التراجع في تركيا خلال عهد إدارة بوش. كما وصف الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، أردوغان، بأنه من أبرز أصدقائه.
وقال الباحث المقيم بمعهد «أميركان إنتربرايز»، مايكل روبين، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، إن الرئيس السابق دونالد ترامب اتخذ موقفاً متشدداً تجاه تركيا، لإرغامها على إطلاق سراح القس أندريو بروسون، لكنه تغاضى عن الحركة المسلحة التي ترعاها تركيا. كما أن ترامب خان حلفاء أميركا الأكراد، عندما أعطى الضوء الأخضر لغزو تركيا لشمال سورية، ثم أشاد بأردوغان بصورة مبالغ فيها، حتى في الوقت الذي ركز فيه «الكونغرس» غضبه على أردوغان، لشرائه النظام الصاروخي «إس-400» من روسيا.
وأضاف روبين، المتخصص في بحث شؤون إيران، وتركيا، والشرق الأوسط، أنه عندما تولى بايدن منصبه، أدرك حقيقة أردوغان، وبدا أنه مصمم على حرمان أردوغان من الاستفادة من مبرر الشك.
فعلى سبيل المثال، جرى أول اتصال هاتفي بين بايدن وأردوغان بعد مرور 93 يوماً من ولاية بايدن، وهو تجاهل كان ملحوظاً من جانب المواطنين الأتراك. وللأسف أنه رغم تجنب بايدن وفريقه اللجوء للإشادة التي لجأ إليها أسلافه، فإنهم وقعوا في الكمين بقبول عروض التعاون التركي على محمل الجد.
فبعد أن أصبح واضحاً أن بايدن سيواصل حملته لمغادرة أفغانستان، اقترح أردوغان أنه من الممكن أن تتولى تركيا إدارة العمليات في مطار كابول، وكانت هذه الخطوة في مصلحة تركيا. فطوال أكثر من عقد من الزمان، قبل تولي أردوغان منصب رئيس الوزراء، رسّخ علاقات وثيقة مع الإسلاميين الأكثر تشدداً في أفغانستان، وحتى مع احتدام تمرد حركة «طالبان»، أوضح أردوغان أنه لا يحمل أي عداء أيديولوجي تجاه الحركة.
وقال روبين إنه سواء غادرت القوات الأميركية، وقوات دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) أم لا، أوضحت تركيا أن استثماراتها ووجود رعاياها سيستمر، حتى مع عودة الكثير من قواتها إلى البلاد. وببساطة، كانت لتركيا مصلحة مالية في الإبقاء على المطار مفتوحاً، كما أن أردوغان وجد فرصة للتفوق على بايدن في صفقة دبلوماسية.
تلبية شروط
كما أوضح أردوغان قائلاً «نريد أن تلبي أميركا بعض الشروط. أولاً، ستقف أميركا إلى جانبنا في العلاقات الدبلوماسية. وثانياً، ستحشد وسائلها اللوجستية لمصلحتنا، كما أنه ستكون هناك مشكلات جادة بالنسبة للقضايا المالية والإدارية، ومن الضروري أن توفر أميركا الدعم اللازم لتركيا».
ويرى روبين أنه في واقع الأمر، كان أردوغان يريد دعم بايدن في اغتصابه المستمر للأراضي، وفي حملات التطهير العرقي التي يقوم بها ضد الأكراد والإيزيديين. كما أنه سعى ليتدخل فريق بايدن لدى السلطة القضائية الأميركية، لعرقلة قضايا انتهاك العقوبات، وقضايا الاعتداء ضد تركيا ووكلائها. وأراد أردوغان جمع تنازلات أميركية لسياسة ستتبعها تركيا رغم أي شيء.
ويضيف روبين أن استعداد بايدن للنظر في عرض تركيا، وتردد وزارة الخارجية الأميركية في مساءلة تركيا أثناء المفاوضات، أكدا استراتيجية أردوغان. وأخيراً، نشر مراد مرجان، أحد الموالين لأردوغان منذ وقت طويل، الذي عيّنه سفيراً لتركيا لدى الولايات المتحدة، مقالاً افتتاحياً، يؤكد هذه الاستراتيجية بدرجة كبيرة.
وقال مرجان «إن تركيا هي مركز شبكة من خطوط الصدع في أنحاء منطقة يورو آسيا الكبرى، وتعتبر تركيا الحليف الذي يعتمد عليه في وقت الأزمات، فهي الصديق وقت الضيق، ويجب أن تعمل تركيا والولايات المتحدة معاً».
وقال السفير التركي بوجه خاص إن بوسع تركيا «حشد دعم شعبي لجهود تحقيق الاستقرار، والجهود المرتبطة بالأمن، مثل الجهود التي تبذل في ليبيا وسورية».
ويقول روبين إنه في المقابل، فإن كل ما تحتاجه تركيا هو تقدير أميركا وتفهمها لذلك.
ويوضح روبين أنه ينبغي التفكير في ما يعنيه ذلك، ففي سورية، قدمت تركيا الدعم اللوجيستي، والأسلحة والملاذ الآمن، ليس فقط للجماعات المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، بل أيضاً لتنظيم «داعش». ورغم أن المسؤولين الأتراك يبررون تصرفاتهم في مواجهة الإرهاب الكردي، تشير الأدلة إلى أن الإرهاب يسير في اتجاه آخر، فمن يعملون بالوكالة لمصلحة تركيا يهاجمون بانتظام الأكراد، بينما نادراً ما تفرّق الطائرات التركية المسيّرة ما بين المسلحين وأطفال المدارس.
ويؤكد روبين أن تمكين تركيا لـ«داعش» هو الذي أرغم الولايات المتحدة على إقامة علاقات مع الأكراد في سورية أساساً، ما أدى في نهاية المطاف إلى انتصار تركي في حصار عين العرب (كوباني). وسيعني توصل الولايات المتحدة لحل وسط مع تركيا في سورية تمكين النشاط المسلح، وإضعاف الاستقرار والأمن في أنحاء المنطقة. وإضافة إلى ذلك، فإن خيار واشنطن في سورية ليس مجرد خيار بين أردوغان وبشار الأسد، إذ إن الأكراد يمثلون مساراً ثالثاً.
إجماع
وفي ما يتعلق بليبيا، أوضح روبين أن هناك إجماعاً واسع النطاق في المجتمع الدولي على أن أفضل مسار لتحقيق تقدم يتمثل في انسحاب كل القوات الأجنبية من ليبيا. ورغم أن أوروبا على استعداد لدعم هذا الطلب، سعت وزارة الخارجية مراراً وتكراراً للتخفيف من انتقاد التدخل التركي في ليبيا.
واختتم روبين تقريره بالقول إن سجل تركيا يكذب صدق أردوغان، وأنه بدلاً من معاملة مبادرات أردوغان على أنها صادقة، حان الوقت لأن تدرك إدارة بايدن حقيقة دبلوماسية تركيا، إنها محاولة ذاتية لتجنب المساءلة عن السياسات التي يعتبر أردوغان ملتزماً أيديولوجياً بمواصلتها.
• من يعملون بالوكالة لمصلحة تركيا يهاجمون بانتظام الأكراد، بينما نادراً ما تفرق الطائرات التركية المسيّرة ما بين المسلحين وأطفال المدارس.
• سعى أردوغان ليتدخل فريق بايدن لدى السلطة القضائية الأميركية لعرقلة قضايا انتهاك العقوبات، وقضايا الاعتداء ضد تركيا ووكلائها.
• روبين: «توصل الولايات المتحدة لحل وسط مع تركيا في سورية سيعني إضعاف الاستقرار والأمن في أنحاء المنطقة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news