المرصد.. زمن الـ«ميتا فيرس»
في كلمات مقتضبة، زف مارك زوكربيرغ لجمهوره نبأ نهاية عصر الـ«فيس بوك»، وبداية عصر يدعى زمن الـ«ميتا فيرس»، الذي سيكون بداية لعالم افتراضي، وعالم رقمي جديد.
انشغل كثيرون بمعنى كلمة «ميتا فيرس»، ثم ركزوا على كلمة «ميتا»، التي يبدو أنها الاختصار الرشيق الأكثر احتمالاً للانتشار، وانشغل البعض من هذا الكثير بأصلها الفلسفي، الذي تعني «ما بعد»، كما انشغل لغويون بدلالاتها اللغوية المتباينة، حيث أثارت اللفظة جدالات في أوساط الترجمة العبرية والعربية، بوصف اللفظة تعني في اللغتين معنى متعلقاً بالموت.
على مستوى آخر أكثر عملية وضرورة ملحة، تبارت مواقع في تقديم شروحات للمولود الافتراضي الجديد، تحاول فك طلاسمه.
وطبقاً لموقع «سي إن اي تي»، فإن «ميتا فيرس» هي عبارة عن مساحة يمكن أن تلتقي فيها الصورة الرمزية، ونظام بيئي للتطبيقات المتصلة، ويقوم بدمج الواقع الافتراضي والواقع المعزز، ويحولهما إلى نوع من الكون الافتراضي عبر الإنترنت.
مجلة «كومبيوتر ورلد» عرّفته بأنه النظام الذي سيتيح العديد من المساحات الافتراضية على الإنترنت، ويتيح أيضاً العوالم والأنظمة الأساسية، ليس من أجل التسلية فقط، بل من أجل العلم والتعليم والتواصل.
موقع «اراجيك» عرّف الـ«ميتا فيرس» بأنه العالم الرقمي، الذي يمكن أن يتفاعل معه الكثير من المستخدمين، والذي يشجع رواده على الانخراط بشكل تفاعلي.
ويبدو أن التعريفات، مهما بالغت في محاولاتها لتوصيف الحالة، ومهما تبارت في دقة ألفاظها، وشمول معانيها، فإنها غير قادرة على الوصول بقارئها إلى معرفة جوهرية فاصلة لهذا العالم الجديد، وإنّ أقصى الطموح هنا هو تنسم إشارات، ولو بسيطة، لفهم هذا العالم.
فالمولود الجديد، كما تؤشّر الدلالات، سيركز على خلق بيئة افتراضية ثلاثية الأبعاد، فإذا كان يمكننا اليوم حضور اجتماعات عملنا، صوتاً وصورة، عبر تقنيات «الفيديو كونفرنس» مثلاً، ففي زمن الـ«ميتا فيرس» سيمكن للفرد حضوره مجسّداً عبر تقنية ثلاثية الأبعاد، التي تظهر حركات الوجه واليدين، والمولود الجديد أيضاً سيعطي اهتماماً مكثفاً، وأكبر للنظارة الذكية، التي ستساعد في تعلم قيادة السيارات والقطارات والطيران، دون كلف بشرية، والدخول في عمليات جراحية مفترضة على جثث مفترضة، وعلى التصميم والتخطيط الحضري بالنسبة للعاملين في مجال التصميم المعماري والتخطيط الحضاري، وأخيراً في مجال التسلية الذكية، كما أن هذه النظارة ستشمل تغطية كل لحظات حياتك، كما سيعطي الـ«ميتا فيرس» فرصة استثنائية لتعزيز التقارب بين الواقع الافتراضي والواقع التقني المعزز، أو المعاون.
الطريف أن «ميتا فيرس»، الذي يفصل بيننا وبينه ساعات، مثّل تجسيداً على أرض الواقع لروايتين خياليتين، الأولى لنيل ستيفنسون «تصادم الثلج»، والثانية لوليم جيبسون «نيرومانسر»، تجسيداً يذكّرنا بأن العالم الافتراضي أصبح أكثر واقعية من كل واقع.