جمع معرفته الدينية المستنيرة بعاطفة وطنية وروح منفتحة
عبدالله أزرق طيبة.. صوفي ثوري أحبّه السودانيون
ودّع السودانيون، الأسبوع الماضي، العالم الصوفي، وصاحب المواقف الوطنية، والتوجهات المنفتحة، شيخ السجادة القادرية العركية، عبدالله الريح عبدالقادر، أزرق طيبة. وفي حين طغت الأحداث السياسية الجارية في السودان، منذ 25 أكتوبر الماضي، على ما عداها، برزت وقائع مراسم وداع طيبة في صدارة المشهد السوداني، لما مثله الرجل علمياً ودينياً ووطنياً وإنسانياً، بحسب متابعين.
وأعلنت ولاية الجزيرة الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام. وقالت في بيان رسمي إن «الفقيد كان رمزاً أثرى الحياة الدينية والسياسية والاجتماعية، وهو أحد أقطاب الحياة الصوفية، وكان مناضلاً جسوراً ضد الأنظمة الشمولية، وقد تتلمذ على يديه كثير من الوطنيين الخلص، بذل حياته لنشر الدعوة الدينية السمحة، وكان قائداً عمل على لم الشمل، داعياً إلى الوسطية، والبعد عن التطرف والغلو، وكان نموذجاً في توحيد الناس».
وقال الصحافي المقيم في القاهرة، محمود أبوبكر، لـ«الإمارات اليوم» إن «ما يميز العالم أزرق طيبة هو محاولته الجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث نظّم روابط القادرية العركية من الجنسين، كل على حدة، في المدن والأحياء والجامعات، كما أنه جعل العلم وطلبه، والعمل الصالح وتنوعه، أساساً في الانضمام إلى صفوف طريقته، وتجلى ذلك في تأسيسه مدرسة ثانوية في طيبة، ومجمع علمي في كوستي، وأفرع في القضارف وكسلا والروصيرص».
وتابع أبوبكر «موقف طيبة من السياسة يتغلب فيه الوطني على الحزبي، أو الجهوي، أو غير ذلك. فصحيح أنه بحكم الصلة بين طريقته والحزب الاتحادي محسوب على الأخير، إلا أنه منفتح على الجميع، حيث كان يتبادل الرسائل مع رمز اليسار السوداني الأول، الراحل محمد إبراهيم نقد، ويتحاور مع قيادي الحركة الشعبية ياسر عرمان، ويجتمع مع السياسي الجنوبي باقان أموم، ويشد الرحال ليلتقي بالرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، أثناء توليه السلطة، بغرض المناصحة وإصلاح البلاد، في أزمة الحكم، ولا يجد غضاضة في الجمع بين كل هذه التصرفات المتناقضة شكلاً، لأنه يرى أن الأهم في هذا كله السعي من أجل خير الوطن السوداني».
ويختم أبوبكر بأن «سلوك الصوفي الراحل، الممتد في مختلف الاتجاهات، لا يعني أنه كان بلا موقف، بالعكس، وقد شاهده السودانيون وهو يخطب ضد حكم الإنقاذ، والبلاد على تخوم ثورة ديسمبر، كما شاهدوه يهتف: تسقط بس، قبيل الثورة».
وقالت الباحثة السودانية، ريناس محمد، إن «تكوين وسلوك الراحل عبدالله أزرق طيبة يشبه جده عبدالباقي بن الشيخ حمد النيل، سواء في اهتمامه بالعلم، حيث كان الجد يطوف على القبائل لإقناعهم بإرسال أبنائهم إلى المدرسة التي شيّدها عام 1906، أم تأسيسه لمدرسة بنات عام 1942، أم في مواجهاته الوطنية ضد الإنجليز، أم في علاقاته بكل أقطاب الحركة الوطنية في زمانه، مثل الشريف الهندي، وإسماعيل الأزهري، وعلي الميرغني، وعبدالرحمن المهدي».
الجدير بالذكر أن أزرق طيبة قد تعرّض في حياته، رغم أفكاره التسامحية، لثلاث محاولات اغتيال، كان آخرها في معقله بقرية طيبة، وكان اللافت إصراره على حماية الجاني من بطش الأتباع، بعد إمساكهم به، بحسب متابعات صحافية.
تجدر الإشارة إلى أن بصمات طيبة في القضايا الكبرى تواصلت قبيل ثورة ديسمبر، في مؤتمر استضافه لكل الأحزاب السودانية، لتجميع جهودها في مواجهة البشير، وفي دعم حركة المزارعين في الجزيرة، كما تقدم في مايو 2020 إلى الحكومة السودانية بمبادرة لإكمال عملية السلام في النيل الأزرق وجنوب كردفان.
• أزرق طيبة تعرّض في حياته - رغم أفكاره التسامحية - لثلاث محاولات اغتيال، كان آخرها في معقله بقرية طيبة، وكان اللافت إصراره على حماية الجاني من بطش الأتباع بعد إمساكهم به.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news