الهند تسعى للاستعانة بلاعبين إقليميين للعودة إلى أفغانستان
استضافت الهند قبل أيام مؤتمراً أمنياً إقليمياً بشأن أفغانستان، حيث وجه استيلاء «طالبان» على السلطة في البلاد ضربة قوية لمصالحها هناك. وكانت نيودلهي قد تمتعت بعلاقات وثيقة مع كابول لما يقرب من 20 عاماً، لكن التعامل مع نظام «طالبان» الجديد يمثل لها تحدياً. وتتمتع «طالبان» بعلاقة طويلة مع باكستان وتسعى إلى إقامة علاقات وثيقة مع الصين، واللتين تعتبران خصماً للهند. كما أدى انتصار «طالبان» إلى تحفيز المتشددين في المنطقة، ما أثار مخاوف نيودلهي من الإرهاب.
وضم مؤتمر هذا الأسبوع مستشارين للأمن القومي من روسيا وإيران وخمس دول في آسيا الوسطى. وسعت الهند إلى التأكيد على المخاوف الإقليمية بشأن مخاطر عدم الاستقرار في أفغانستان، بما في ذلك الإرهاب وتهريب المخدرات. كما اعتبر المسؤولون الهنود المؤتمر فرصة لإعادة نيودلهي إلى الحوار.
وسمح المؤتمر لنيودلهي بنقل مخاوفها الأساسية إلى الجهات الإقليمية الصديقة، التي لاتزال تتمتع بنفوذ في كابول، وهي استراتيجية من المرجح أن تتبناها في الأشهر المقبلة. وأنشأت الهند اخيراً قنوات اتصال رسمية مع «طالبان»، ولم يكن لديها سوى اجتماع واحد معروف مع مسؤولي الحركة منذ استيلائهم على السلطة.
لكن المؤتمر لن يفعل الكثير لتقوية نفوذ الهند في أفغانستان. وتشير علاقاتها المحدودة مع «طالبان»، إلى جانب احتمال تعميق النفوذ الباكستاني والصيني في البلاد، إلا أن الهند سيتم شطبها من النص. وقد استضافت كل من باكستان والصين بالفعل مسؤولين كباراً من «طالبان». وتسعى بكين إلى الاستثمار في البنية التحتية في أفغانستان، وقد سمحت إسلام أباد بالفعل لمسؤولي «طالبان» بتولي مناصب دبلوماسية لديها.
ويوضح قرار الصين وباكستان عدم حضور المؤتمر أن أياً من البلدين لا يسعى لمساعدة الهند في مواصلة رعاية مصالحها في أفغانستان. ويبدو أن إسلام أباد، التي تزعم أن نيودلهي ترعى إرهابيين مناهضين لباكستان في أفغانستان، لن تسمح للهند بأن تطأ أي شبر من الأرض في أفغانستان. وفشلت بالفعل في الاستجابة لطلب أخير للسماح لشاحنات هندية بعبور الأراضي الباكستانية، لتسليم شحنات غذائية إلى أفغانستان.
لا يمثل تضاؤل نفوذ الهند في أفغانستان خسارة استراتيجية فحسب، بل يعرض أيضاً استثماراتها هناك للخطر. ومنذ عام 2001، تمخضت ثلاثة مليارات دولار من المساعدات التنموية لأفغانستان عن أكثر من 400 مشروع، ومن ضمن ذلك سد وطريق سريع ومستشفى للأطفال ومبنى البرلمان. وعلى الرغم من أن الهند تجد نفسها فجأة في مأزق، إلا أنها لن تسلم للأمر الواقع. وتسعى نيودلهي إلى الحصول على تأكيدات من «طالبان» بأن أصولها ومواطنيها المتبقين في البلاد لايزالون في أمان.
ومع ذلك، تفتقر الهند إلى النفوذ الكافي للتعافي من نكساتها الاستراتيجية في أفغانستان في ظل النظام الجديد. وستحتاج الحكومة الهندية للتعبير عن مخاوفها من خلال الدول ذات النفوذ الأكبر، بما في ذلك الولايات المتحدة - التي اجتمعت مع الصين وباكستان وروسيا في إسلام أباد يوم الخميس، إلا أن آفاق التعاون بين الولايات المتحدة والهند في أفغانستان محدودة، على الرغم من أن نيودلهي يمكن أن تعتمد على واشنطن كي ترعى مصالحها هناك.
لكن الهند يمكن أن تبدأ بالدول الحاضرة في مؤتمر الأربعاء. لقد انخرطت روسيا عن كثب مع قادة «طالبان» في الأشهر الأخيرة، وقدمت إيران الدعم العسكري والملاذ الآمن لقادة «طالبان». وتتمتع دول آسيا الوسطى أيضاً بالنفوذ من خلال توفير الكهرباء لأفغانستان وتقديم فرص التجارة عبر الحدود. ويمكن أن توفر أراضيهم أيضاً أرضية لانطلاق أنشطة مكافحة الإرهاب الأميركية.
في أفغانستان، يجب أن تقوم الهند بحيلة دبلوماسية دقيقة: التعويض عن فقدان نفوذها من خلال توطيد العلاقات مع الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى مع الابتعاد عن منافسيها الصينيين والباكستانيين.
• تسعى بكين إلى الاستثمار في البنية التحتية في أفغانستان، وقد سمحت إسلام أباد بالفعل لمسؤولي «طالبان» بتولي مناصب دبلوماسية لديها.
• لا يمثل تضاؤل نفوذ الهند في أفغانستان خسارة استراتيجية فحسب، بل يعرض أيضاً استثماراتها هناك للخطر.