أعياد الميلاد في مهد المسيح.. الفلسطينيون «يتنفّسون» مجدداً
في العام الماضي حُرم الفلسطينيون من الاحتفال بيوم ميلاد سيدنا المسيح، عليه السلام، حيث نظمت أجواء أعياد الميلاد بشكل افتراضي على نطاق ضيق، ومغايرة للأعوام السابقة، جراء إجراءات مكافحة فيروس كورونا الاستثنائية، التي حجبت توافد الحجاج والسياح إلى كنيسة المهد في مدينة بيت لحم، وكنيسة القيامة في مدينة القدس الشريف، وكنيسة البشارة بمدينة الناصرة.
أما هذا العام، فقد وجد الفلسطينيون من أبناء الديانة المسيحية متنفّسهم في إحياء أجواء أعياد الميلاد المجيد، إذ أضاؤوا شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، إلى جانب الاستعداد التام لاستقبال موكب دخول البطريرك، وإحياء قداس منتصف الليل، وأداء الصلوات داخل الكنائس التاريخية.
هذه الأجواء ذاتها شهدتها بقية المدن والبلدات الفلسطينية، حيث أضيئت أشجار عيد الميلاد المجيد في الساحات العامة وأمام الكنائس، وأبرزها مدينة القدس الشريف، ومدينة رام الله، وبلدتا بيت ساحور وبيت جالا في الضفة الغربية، ومدينة الناصرة في الداخل الفلسطيني المحتل.
عودة الأمل
هذه الأجواء كونها تعد متنفساً للطائفة المسيحية في الأراضي الفلسطينية بعد حرمان قسري العام الماضي، فإن احتفالات أعياد الميلاد تسهم في دعم اقتصاد مدينة بيت لحم، الذي يعتمد بنسبة (80%) على السياحة، حيث توافد الحجاج إلى كنيسة المهد، والإقامة داخل الفنادق والمنشآت السياحية، التي تُنعش في أيام أعياد الميلاد المحال التجارية، وحوانيت بيع الهدايا والمطاعم والفنادق، بفعل شدة الإقبال عليها من قبل أبناء الطائفة المسيحية ووفود الحجاج.
ويقول راعي دير اللاتين في كنيسة المهد بمدينة بيت لحم، الأب رامي عساكرية، لـ«الإمارات اليوم»، في حديث خاص: «إن عيد الميلاد المجيد يُعد حدثاً مهماً في الأراضي الفلسطينية، وتمضي الأيام في كل عام باتجاه هذا الحدث، حيث يتوافد الحجاج إلى مدينة بيت لحم للمشاركة في أجواء واحتفالات أعياد الميلاد».
ويضيف أن «مدينة بيت لحم حزينة بفعل الأوضاع الاقتصادية المتردية، وخيبة آمال الشعب في الأوضاع السياسية، نتيجة قيود (كورونا) خلال الشهور الماضية، وممارسات الاحتلال التعسفية، ولكن هذا العام وبعد حرمان سنة كاملة، يجد الفلسطينيون متنفّسهم في إحياء أجواء أعياد الميلاد المجيد، حيث يحتاجون إلى إنعاش روحي يجدد آمالهم وأمنياتهم في العام الجديد».
ويلفت راعي دير اللاتين في كنيسة المهد، إلى أن العام الماضي كانت أجواء الاحتفال في أعياد الميلاد المجيد حزينة للغاية، في كل الأراضي الفلسطينية، ولم تشهد مشاركة الحجاج كما الأعوام الماضية، بسبب قيود جائحة «كورونا».
ويواصل الأب عساكرية: «في العام الجاري عاد الأمل من جديد إلينا، لإحياء أجواء أعياد الميلاد، وإقامة قداس منتصف الليل، حيث شهدت مدينة بيت لحم والمدن الفلسطينية توافد الحجاج للحجز في الفنادق، مع اتخاذ الحذر الشديد في ظل الحديث عن تفشي المتحور الجديد (أوميكرون)».
ويؤكد أن المدن الفلسطينية هذا العام تشهد حرية العبادة والصلاة داخل الكنائس، خلافاً عن العام الماضي، إلى جانب المشاركة في الأجواء الاحتفالية كلها، مع اتباع إجراءات الوقاية والسلامة الصحية، مشيراً إلى أن الاحتفالات بأعياد الميلاد المجيد هذا العام، ستكون كالمعتاد كل عام، من دون قيود، كما العام الماضي.
مشاهد الاحتفال
ويقول راعي دير اللاتين في كنيسة المهد ببيت لحم: «إن مدينة بيت لحم والمدن الفلسطينية ستشهد هذا العام الدخول الرسمي لموكب بطريرك القدس للاتين، بييرباتيستا بيتسابالا، في 24 من شهر ديسمبر الجاري (اليوم)، بمشاركة رسمية وشعبية، حيث سيبدأ الاحتفال بدخول الموكب الرسمي لبطريرك الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية، حيث يستقبله رهبان مدينة بيت لحم وبلدة بيت ساحور عند (قبة راحيل) الواقعة بين مدينة مهد المسيح ومدينة القدس الشريف، فيما يستقبله رهبان بلدة بيت جالا في دير (مار الياس) شمال بيت لحم».
ويتابع الأب عساكرية: «عندما يصل موكب البطريرك إلى الشارع المؤدي إلى كنيسة المهد، المسمّى (رأس فطيس)، تبدأ مجموعات الكشافة من جميع أنحاء فلسطين بتأدية عروضها، حتى يصل بطريرك القدس للاتين بلاط كنيسة المهد، حيث يستقبله محافظ بيت لحم ورئيس بلديتها، ورؤساء الأجهزة الأمنية، ومن ثم يستقبله الرهبان على شكل دائرة في صفين حتى يصل إلى داخل كنيسة (القديسة كاترينا) داخل ساحة كنيسة المهد، حيث تقام الصلوات هناك».
ويضيف: «في مساء يوم 24 ديسمبر (اليوم)، يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس موكب البطريرك، وينظّم بعد ذلك بروتوكول الاحتفال بأعياد الميلاد، وفي ساعات الليل يبدأ قداس منتصف الليل في مغارة كنيسة المهد حيث ميلاد السيد المسيح، عليه السلام، بحضور بطريرك الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية».
احتفالات شعبية
من جهة ثانية، يقول رئيس بلدية رام الله، موسى حديد، لـ «الإمارات اليوم»: «إن احتفالات أعياد الميلاد المجيد في مدينة رام الله، اقتصرت العام الماضي على أعداد قليلة، للمحافظة على الأجواء الدينية التي نحييها سنوياً، رغم قيود جائحة (كورونا)، ولكن هذا العام وكما اعتادت المدينة، ستنظم احتفالات شعبية في أعياد الميلاد المجيد، ذات طابع ديني ووطني».
ويؤكد حديد أن بلدية رام الله اتخذت التدابير والإجراءات اللازمة، التي تتناسب مع البروتوكولات الصحية، حفاظاً على سلامة المشاركين، في إطار الحذر من الفيروس المتحوّر الجديد «أوميكرون».
ويقول: «إن السيد المسيح، عليه السلام، ولد في مدينة بيت لحم التي لم ترَ سلاماً منذ عقود، ولكن هذا العام أصررنا على الاحتفال، لنرسل رسالة للعالم أجمع بأن فلسطين التي ترزح تحت الاحتلال تمتلك الكثير لتقدمه إلى شعبها، حتى يشعر بالفرحة ويعيش طقوسها، وأن من حقه أن يعيش كبقية سكان العالم، وأن يرفع الظلم عنه وينال حقوقه، ويتمتع بالحرية».
• المدن الفلسطينية هذا العام تشهد حرية العبادة والصلاة داخل الكنائس، خلافاً عن العام الماضي، إلى جانب المشاركة في الأجواء الاحتفالية كلها، مع اتّباع إجراءات الوقاية والسلامة الصحية.
• مدينة بيت لحم حزينة بفعل الأوضاع الاقتصادية المتردية نتيجة قيود «كورونا» خلال الشهور الماضية، وخيبة آمال الشعب في الأوضاع السياسية، بسبب ممارسات الاحتلال التعسفية، ولكن هذا العام يجد الفلسطينيون متنفّسهم في إحياء أجواء أعياد الميلاد المجيد، حيث يحتاجون إلى إنعاش روحي يجدّد آمالهم وأمنياتهم في العام الجديد.