ألمانيا تودّع المستشارة أنغيلا ميركل
بعد نحو 16عاماً من وجودها في السلطة غادرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل المشهد السياسي الألماني وهي في قمة تألقها ونجاحها وإنجازاتها، حيث أشرفت على تعزيز قوة الاتحاد الأوروبي على نحو غير مشهود من قبل، كما أنها عملت على فتح حدود بلادها لنحو مليون مهاجر معظمهم من الشرق الأوسط. بيد أن أكثر إنجازاتها إثارة للإعجاب هو أنها غادرت السلطة وهي تتمتع بشعبية لم يشهدها أي سياسي ألماني. والسبب الوحيد الذي جعلها تغادر السلطة والسياسة هو أنها لا تريد ترشيح نفسها فقط. وبالتالي تمتعت بامتياز نادر لم يحصل عليه أي سياسي من قبل، والمتمثل في أنها خرجت كلياً من المشهد بشروطها التي وضعتها.
ولذلك فإنه من المفهوم تماماً أن خليفة ميركل ربما يواجه تحديات كبيرة، أقلها أن الجميع سيقارنه بها. وكان أولاف شولتز هو من فاز بخلافتها بعد أن كان نائباً لميركل، وهو معتدل في مزاجه ورؤيته على الرغم من أنه من الحزب الديمقراطي الاجتماعي المعارض.
ولكن على الرغم من كل المديح والشعبية التي نالتها ميركل، إلا أن ماتياس ماتثيس أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز يقول إن هناك مبالغة عند الحديث عن ميركل، ووصفها بالقديسة، ويقدم تصحيحاً مهماً لذلك، وهو يقول «نعم كان ثمة جانب مظلم في قيادة ميركل لأوروبا، سواء في التكتيكات التي اعتمدت عليها من أجل صنع القرارات أو المبادئ العامة التي كانت تسترشد بها من أجل صنع سياستها».
ولم تكن سياسة ميركل الدولية مدفوعة بالإيثار، كما تصورها في بعض الأحيان، ويحاجج ماتيس بأنها كانت مدفوعة من خلال حسابات لا تخلو من الدهاء تصب جميعها في المصالح الاقتصادية الألمانية، حتى عندما تأتي هذه المصالح على حساب القيم الأخرى، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان. وقد شهدت علاقتها تفاهماً ملحوظاً مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بينما ظلت متوترة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي لم يكترث لأهمية العلاقة مع ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي مجتمعة.
السبب الوحيد الذي جعل ميركل تغادر السلطة والسياسة هو أنها لا تريد ترشيح نفسها فقط. وبالتالي تمتعت بامتياز نادر لم يحصل عليه أي سياسي من قبل، والمتمثل في أنها خرجت كلياً من المشهد بشروطها التي وضعتها.
• أكثر إنجازات ميركل إثارة للإعجاب هو أنها غادرت السلطة وهي تتمتع بشعبية لم يشهدها أي سياسي ألماني.