احتفاء مصري بإمبراطور برازيلي أحبّ العرب وألغى تجارة الرقيق
احتفلت القاهرة أخيراً بالذكرى الـ150 لزيارة إمبراطور البرازيل الراحل بيدور الثاني للمنطقة العربية، والتي شملت جولة خاصة في مصر، والذي امتاز بدور استثنائي خاص في نهضة البرازيل، وقيامه بإنجازات نوعية، أبرزها تحقيق الوحدة الوطنية للتراب القومي لبلاده بعد سلسلة انتصارات متتالية على خصوم بلاده، وإلغاء تجارة الرقيق، وإقامة سلسلة من المعاهد العلمية، وإدخال الديمقراطية التمثيلية في بلاده، وحصول شخصه وبلاده على تقدير خاص من النخب العلمية والأدبية في أوروبا، بحسب مؤرخين ومتابعين.
واستضاف مركز الفنون التشكيلية بالزمالك في القاهرة معرضاً للصور الفوتوغرافية التي التقطها الإمبراطور بيدور الثاني، الذي عرف بولعه بالتصوير والتقاطه لأكثر من 20 ألف صورة منها 90 صورة لمواقع مصرية، بعد أن زار مصر مرتين وانطلق منها في رحلة نيلية للسودان، كما ذكر مرشدون مرافقون للمعرض.
تولّى بيدور الثاني، الذي كان ابن أخت نابليون بونابرت، اسمياً، عرش بلاده في سن الخامسة بعد تعيين مجلس أوصياء له على اثر تنازل والده عن العرش في ظروف اضطرارية وسفره لأوروبا عام 1831، فأوقف بيدور الثاني وقته للدراسة الجادة والصارمة، ولم يكن يستريح في اليوم سوى ساعتين، واستطاع تأسيس نهضة اقتصادية واستقرار وأدخل السكة الحديد والكهرباء والتلغراف، وأقام معاهد علمية عدة وعرف عنه اهتمامه الواسع بالعلوم من الانثروبولوجيا والتاريخ إلى القانون والطب والدراسات الدينية، وعرف عنه اهتمامه باللغات الأجنبية وإتقان العديد منها كالإنجليزية والفرنسية والإسبانية والعربية والعبرية والسنسكريتية، وكان يردد دائماً «لو لم أكن إمبراطوراً لوددت أن أكون مدرساً»، كما أنشأ ثلاث مكتبات كبرى ومعاهد علمية، وكان عضواً في عدد من الأكاديميات العلمية العالمية، ما جعله على صلة صداقة بعلماء عصره ممن تبادلوا معه الرسائل، مثل غراهام بل، ولويس باستور، وفريدريك نيتشه، وفيكتور هوغو، وتشارلز داروين، كما وثق ذلك برودريك بارمان في «الإمبراطور المواطن، برودريك بارمان وصناعة البرازيل».
وقال سفير البرازيل في القاهرة، أنطونيو دي اجويار، في مقال كتبه بـ«الأهرام ويكلي»، إن «الإمبراطور بيدرو الثاني امتلك عاطفة خاصة تجاه مصر والعالم العربي، وهو أمر دفعه للقيام برحلة ثانية للمنطقة عام 1876، ومنها استقل باخرة في رحلة نيلية إلى السودان سجل وقائعها في مذكراته». وتضمن معرض بيدور الثاني الذي حمل اسم «العودة إلى مصر» صوراً نادرة له أمام أبوالهول والأهرامات ولمنطقة القلعة بشرق القاهرة عام 1871. يُذكر أن بيدرو الثاني، تعرض لانقلاب أطاح به رغم شعبيته وإنجازاته، ورفض خوض حرب لاسترداد عرشه دفاعاً عن وطنه، لكن خصومه أدركوا قيمته بعد وفاته فتم جلب جثمانه إلى البرازيل من المنفى، وأعيد اعتباره بوصفه من الآباء المؤسسين للنهضة البرازيلية.