مستخدمو مترو نيويورك ضحية السرقة والاعتداءات اليومية

كانت جاي جيمس تحمل صاعقاً كهربائياً في يدها، ومُسيلاً للدموع في اليد الأخرى، خلال رحلتها على متن قطار إلى منزلها في ضاحية هارلم، بمدينة نيويورك. وفي الأسبوع الماضي، حاول رجل سرقتها بالإكراه، واستخدمت مسيل الدموع للمرة الأولى. وقالت جيمس، التي تستقل القطار كل صباح إلى وظيفتها في فندق ماريوت، وسط مانهاتن: «أتذكر عندما كنت أنام في مترو الأنفاق وأنا ذاهبة إلى العمل، والآن لا أجرؤ على أن أغمض عيني»، متابعة: «هناك الكثير من المرضى عقلياً». وقالت السيدة البالغة من العمر 59 عاماً، إن «الأمور تزداد سوءاً، ولا أحد يفعل شيئاً حيال ذلك».

وشهدت نيويورك ارتفاعاً هائلاً في الهجمات، خلال العام الماضي، مدفوعاً بالوباء، واستفحال ظاهرة التشرد، وإصلاحات سياسية ناعمة في التعامل مع الجريمة. وسجلت شرطة نيويورك 461 حادث عنف في مترو الأنفاق، خلال 2021، وكان هذا أعلى رقم منذ عام 1997.

وأثارت سلسلة حديثة من الهجمات الشرسة والعشوائية، على ما يبدو، مخاوف سكان نيويورك العميقة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، تم دفع امرأة على قضبان السكة الحديدية، من قبل رجل بلا مأوى، يعاني مشكلات في الصحة العقلية. وقُتلت على الفور ميشيل غو، التي كانت تعمل في شركة «ديلويت»، وتبلغ من العمر 40 عاماً، بينما كانت تنتظر في محطة «تايمز سكوير».

ودفع موتها كاتب رأي في صحيفة «نيويورك تايمز» للتحذير من أن المدينة تعود إلى «الأيام الماضية السيئة»، في إشارة إلى فترة في السبعينات وأوائل الثمانينات، عندما كان العنف بوتيرة عالية للغاية، إذ أُطلق على نيويورك لقب «مدينة الخوف».

وسرعان ما أصبح التحدي الأكبر والأكثر إلحاحاً لعمدة المدينة المنتخب حديثاً، إريك آدامز، وهو شرطي سابق، عمل في مكافحة الجريمة، وتعهد بتنظيف المدينة. ويمكن أن تثبت الجرائم العنيفة، أيضاً، أنها قضية حاسمة في انتخابات التجديد النصفي لهذا العام للديمقراطيين، الذين يراقبون باهتمام لمعرفة ما إذا كان آدامز يستطيع الوفاء بوعوده.

وقامت «تلغراف» بجولة في مترو الأنفاق، هذا الأسبوع، مع «غارديان أينجلز»، وهي مجموعة من المتطوعين المناهضين للجريمة، لمعرفة التحديات التي تواجه عمدة المدينة.

واعتادت الراكبات الوقوف وظهورهن إلى الحائط حتى يتوقف القطار. ويتخلى الكثيرون عن مترو الأنفاق تماماً، ويفضّلون خيارات أكثر أماناً، مثل تطبيقات «أوبر» و«ليفت».

وتقول جيمس، التي تقف في محطة «الشارع 145»: «أنتظر حتى يصل القطار إلى الرصيف الآن، وأتأكد من الجلوس في العربة الأولى لتجنب المشكلات».

وكان قاتل السيدة غو، وهو مصاب بانفصام، وله سجل إجرامي طويل، يعيش في مترو الأنفاق بعد طرده من الملجأ. وصادفته دورية «غارديان أينجلز» مرات عدة قبل ذلك اليوم المشؤوم. ويقول أحد المتطوعين في الدورية: «لم يكن على ما يرام. لقد كانت كارثة تنتظر الحدوث».

ويبلغ عدد المشردين في المدينة، التي تضم ثمانية ملايين نسمة، نحو 50 ألف شخص، ويعتقد أن ثلثهم يعاني مرضاً عقلياً أو إدماناً على المخدرات، أو كليهما، بحسب جمعيات خيرية.

وأدت درجات الحرارة الشديدة البرودة في الشتاء، والملاجئ المثقلة بالأعباء، إلى تحول القطارات إلى ملاذات متحركة. ومع عدم وجود فحوص للصحة العقلية، وقليل من الرقابة الشرطية، فإن مترو الأنفاق بات صندوق بارود.

وفي أحد طرفي المحطة، تنحني امرأة فاقدة الوعي على بساط متسخ، بينما تقوم مؤسسة «غارديان أينجلز»، كورتيس سليوا، بفحص نبضها، ودفعها لدقائق عدة قبل أن تهتز في النهاية. وتتدافع الفئران على بقايا الطعام وأكوام من القمامة.

• شهدت نيويورك ارتفاعاً هائلاً في الهجمات، خلال العام الماضي، مدفوعاً بالوباء، واستفحال ظاهرة التشرد، وإصلاحات سياسة ناعمة في التعامل مع الجريمة.

• 50000 شخص عدد المشردين في المدينة، ثلثهم يعاني مرضاً عقلياً أو إدماناً على المخدرات.

الشعور بالأمان

قال روبرت تريبولي، الذي يعمل حارس أمن في كلية الطب: «توقفت عن العمل في نوبات ليلية، ورفضت العمل الإضافي، لأنني لم أعد أشعر بالأمان عند ركوب المترو بعد حلول الظلام»، متابعاً: «الناس يتعاطون المخدرات، ويدخنون، ويتشاجرون. إنه يذكرنا بالغرب الأميركي المتوحش».

وفي محطة «تايمز سكوير»، وهي واحدة من أكثر محطات مترو الأنفاق ازدحاماً في المدينة، يتعاطى رجلان الكوكايين بواسطة أنابيب خاصة، بينما يسير رجل آخر بلا حذاء على طول المنصة، ويصرخ في وجه أم وطفلها الصغير.

الأكثر مشاركة