الطفل ريان.. ولحظة الحساب الصحافي

قبل ساعات من إعلان الخبر المؤلم بوفاة الطفل المغربي ريان، الذي فقد حياته بعد سقوطه في بئر، أصدر المجلس الوطني للصحافة في المغرب بياناً ينتقد فيه ممارسات انتهجتها مواقع صحافية في تغطية الحادث الأليم.

وأشار البيان إلى أن «الصحافة والصحافيين المهنيين يجب أن يلتزموا بالمبادئ الإنسانية، خصوصاً في ظل الأزمات والفواجع».

ودان البيان نماذج من الاختراقات، مثل «تصوير الطفل في قاع البئر بوجهه الدامي، في وضعية إنسانية صعبة، ما يمثل ضرراً للعائلة»، و«تصوير واستجواب أطفال قاصرين وهم في حالة إنسانية غير طبيعية، جراء التأثر بمصير حياة طفل قاصر».

وأشار بيان المجلس إلى «قيام بعض الصحف الإلكترونية باستجواب أسرة الطفل، وتوظيف الوضع النفسي للأسرة بطرح أسئلة لا علاقة لها بقواعد الصحافة في عمل تجاري، مستغلة الارتباك والخوف الذي انتاب أفراد العائلة».

وفي حين اتفق خبراء وإعلاميون على أهمية صدور البيان، وسماع صوت مؤسسات التدقيق الصحافي في التغطيات في هذه الواقعة المفصلية والقياسية، اختلفوا كالعادة بشأن الرؤى في التطبيق.

فقد نحت وجهة نظر إلى أن «نقل صورة الطفل في قاع البئر بوجهه الدامي»، على كل ما تستدعيه من ألم، كانت ضرورية، وربما فاصلة في متابعة الرأي العام، واطلاعه على أن الطفل لايزال حياً، وأنه يتنفس ويتحرك، وأن هذه خدمة إعلامية مستحقة. ومضى بعضهم إلى القول إن إبقاء صورة الطفل ريان، رغم كل وقعها المؤلم على النفس، كان من موجبات امتداح الإعلام الحديث، الذي جعل بإمكان المشاهد متابعة الحدث، بما فيه القاسي والمؤلم، ثانية بثانية، كما أنه جزء من توفير المعلومة لكل صاحب خبرة ومتخذ قرار.

كذلك فإن تصوير قُصّر، على استثنائيته وعدم جواز عموميته، كان ضرورياً لاستكمال التصوير الفني للكارثة، أما ظهور والديّ ريان فقد كان «الصورة المركزية» للحدث، وجزءاً من التغطية، ومتابعة حالهما، بوصفهما جزءاً من المأساة.

في المقابل، ذهبت وجهة نظر أخرى إلى أن البيان بفكرته وصدوره ومتابعته كان صحيحاً تماماً، لكن خانه التطبيق والتفاصيل، وإيراد الأمثلة.

فهناك مواقع «كذبت» بشكل صريح، واختلقت أكاذيب لا أساس لها في الواقع، وهناك مواقع أجرت حوارات وتصريحات على لسان مسؤولين لم يتفوهوا بها، بل إن هناك مواقع وصل بها الأمر إلى نشر صور مفبركة عن نجاة الطفل، وخروجه إلى الحياة، واستقباله من قبل الجماهير، وهذه المواقع هي التي كان يجب أن تحاسب.

في كل الأحوال، فإن البيان نبه الجميع إلى أن هناك عالماً جديداً ومعقّداً نشأ بسبب الثورة الاتصالية، وأن ميثاق الأخلاق الصحافية ليس نصاً جامداً لا ينتبه لاختلاف الحوادث، وإنما هو ميثاق مرن، يجب أن تتنوع تطبيقاته حسب كل حالة.

• إبقاء صورة الطفل ريان، رغم وقعها المؤلم على النفس، كان من موجبات امتداح الإعلام الحديث.

الأكثر مشاركة