المرصد
ترامب.. و«الأرشيفات المسروقة»
في الزمن المعلوماتي، كان من الطبيعي أن تكون المعركة الأكثر إثارة مع الرئيس الأميركي السابق، والمثير دوماً للجدل، دونالد ترامب، حول «المعلومات»، ثروة العصر وذهبه، لكن الناس لم تتوقع أن تكون المعركة بهذه الحدة.
فقد عثرت «إدارة الأرشيف الوطني» (لارا)، على 15 صندوقاً من الوثائق السرية الخاصة، قام ترامب «بالاحتفاظ بها بشكل غير صحيح»، بحسب تعبير «واشنطن بوست»، في منتجع «مارا لاجو»، والتي ضمت رسائل متبادلة بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ورسائل لأوباما، إضافة إلى وثائق رسمية أخرى مهمة.
كان من حسن حظ «إدارة الأرشيف الوطني» الأميركي أن فضيحة «ووترغيت» التي وقعت في عهد الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون قد تمخضت عن صدور «قانون السجلات الرئاسية»، والذي يوجب على أي رئيس أميركي تسجيل وتوثيق كل خطوة رئاسية، وكل تفصيلة، في صنع القرار الرئاسي، وعليه استطاعت «إدارة الأرشيف الوطني» أن تتحرك بغطاء قانوني قوي في هذه المشكلة.
لكن ولأنه دوماً «للقصة بقية»، فإن الإشكال الأصعب الذي أطل برأسه في هذه القضية ليس في ما تم استرداده من وثائق، وإنما في ما تم اكتشاف تمزيقه على يد ترامب فيها.
فقد ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية نقلاً عن «واشنطن بوست»، في مطلع فبراير الجاري، أن اللجنة البرلمانية الأميركية المكلفة بالتحقيق في هجوم يناير على مبنى «الكابيتول» الأميركي، اكتشفت قيام ترامب بتمزيق مجموعة وثائق من التقرير الرئاسي الخاص بالأحداث المكون من 700 صفحة، تضم «قوائم الأشخاص الذين زاروا أو اتصلوا بترامب أثناء الاعتداء، علاوة على ملحوظات تم تدوينها من قبله تعليقاً على الأحداث»، وقد تم العثور على بعض هذه الأوراق الممزقة وجمعها وإلصاقها.
ويرى الكاتب الأميركي أوليفر نوكس، في مقال له بعنوان «خمس أسئلة حول الوثائق المستردة» ضرورة تناول الأمر بمنظور أوسع ويتساءل، هل الوثائق المستردة تضمنت المذكرة التي كان يحملها مترجم ترامب أثناء لقائه مع بوتين؟ كيف يمكن أن نحدد «المصنف» وغير «المصنف» في ظل ميل الحكومة الأميركية لاعتبار كل شيء سرياً، لإبعاده عن الرأي العام؟ وهل استغل ترامب هذه الضبابية ليسجل كل ما يريد بأنه «غير مصنف»؟ ومن هم الأشخاص الذين رتبوا الوثائق إلى مارا لاجو، خصوصاً أن ترامب كان شديد السرية ولم يطلع أقرب معاونيه على الأمر؟ وهل ترامب في مأزق قانوني بعد الكشف عن الواقعة أبعد من كونه انتهك قانون السجلات الرئاسية؟
يبدو أن ترامب الذي ضيع مناصريه رئيساً، يحملهم اليوم مصيره معزولاً، بلغة امرؤ القيس، لكن باقي الأميركيين لا يهمهم هذا الأمر بقدر ما يهمهم الحفاظ على تقاليد ووثائق ومعلومات تتخطى قيمتها كل شخص وموقع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news