المرصد
«السبق.. بالأقمار الاصطناعية»
كانت كلمة «الأقمار الاصطناعية» حتى فترة قريبة مفردة تقترن بالعوالم البعيدة الخفية، لكنها تدريجياً هبطت لتصبح اليوم أداة عادية ومعتمدة في السبق الصحافي.
في عام 2015، كان الظهور الأبرز لاستخدام الأقمار الاصطناعية في قصة تتعلق بالاتجار في البشر وقعت في إندونيسيا، وكشف عنها تحقيق لوكالة «الاسوشيتد برس» استعانت فيه بشركة «ديجيتال غلوب»، والتي دربت صحافيين على أقمار «وورلد فيو 3»، فتمكنوا من التقاط صور لسفينة تحمل أرقاء، ونجح التقرير الخبري ليس فقط في نقل مأساة الأرقاء المباعين، الذين بلغ عددهم 2000 مسترق، بل وتحريرهم.
وفي عام 2018 عادت الأقمار الاصطناعية لتبرز في تقرير قامت به هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) عن «معسكرات إعادة التثقيف» الصينية المقامة، بحسب التقرير، لمجموعة من المسلمين في شيانغ بنغ، اعتمدت فيها «بي بي سي» على شركة متخصصة في الرصد الأرضي، فالتقطت صوراً لـ100 مبنى قيل إنها تضم 11 ألف محتجز صيني، وقد أحدث التقرير حال بثه ردود أفعال واسعة.
وقد توالت بعد هذا التاريخ تحقيقات عدة، منها تحقيق لموقع «فايس» عن السجون السورية في ديسمبر 2019، وتحقيق رويترز المسمى «نهر الدم العرقي» في إثيوبيا في يونيو 2019، وهكذا.
ويعد الحريق الذي شهدته ولايات كاليفورنيا، واوريغون، وواشنطن في سبتمبر الماضي، الحدث الذي أبرز أهمية صحافة الأقمار الاصطناعية في الوقائع الممتدة، والمعقدة وذات التاثيرات متعددة الجوانب، حيث تمكنت الصحافة الأميركية عبر القمر «بيترا» التابع لـ«ناسا» ليس فقط متابعة الحدث، وإنما رصد توابعه البيئية وتوصيلها للقارئ لحظة بلحظة، وقد حدث الأمر نفسه في تغطية وباء «كوفيد-19» في ظل القيود التي أحاطت بسفر وسلامة الصحافي.
وقد ظهرت تأثيرات استخدام الصحافي للأقمار الاصطناعية في ظهور التحقيقات التي استخدمتها في قوائم جوائز الصحافة العالمية، حيث فاز تحقيق «تحرير الأرقاء» بجائزة بوليتزر الأميركية في 2015، كما فازت الصحافية، مها صلاح الدين، عن تقريرها عن «قرية حسن فتحي – ما تبقى من حلم» بجائزة الاتحاد الأوروبي عن الهجرة، وايضاً في جائزة اريج، كما يتزايد عدد الصحافيين الذين يستخدمون هذه الوسيلة في ظل توافر مصادر مجانية للأقمار الاصطناعية، مثل «غوغل إيرث» و«لاند سات» و«وورلد في» و«إيرث تايم».
وتعترض المحررة التكنولوجية «انوسيا داتا» في مقال لها على «غلوبال انفيستيغيتف جورناليزم نيتورك» على محدودية وبدائية استخدام الصحافيين للأقمار، فتقول: «إن العديدين يستخدمونها مرة واحدة في المرحلة الاخيرة، رغم أن الصورة تقدم بيانات أولية، هي في حد ذاتها بيانات، كما أنه يجب دعمها بأساليب العمل الصحافي التقليدي».
ملحوظة إيجابية من الخبيرة المتخصصة لاشك، لكنها مقدمة لمشاركين في بداية مسيرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news