أحلام عريضة تبخرت على وقع الحاضر البائس
في يوليو من عام 2011، ابتسمت نونو ديانا وهي تبكي عندما حصل جنوب السودان على الاستقلال، متصورة مستقبل وطنها: أمة عظيمة، مسالمة ومزدهرة ومليئة بالأمل والفرص.
وبعد مرور 10 سنوات على تلك التطلعات التي تحطمت، بسبب الحرب الأهلية، وعدم الاستقرار المزمن والانهيار الاقتصادي، تنظر ديانا إلى الوراء، إلى ذلك التفاؤل الشبابي بشكل مختلف.
وتقول ديانا، وهي أخصائية اجتماعية، تبلغ من العمر 33 عاماً، وأم لأربعة أطفال، لوكالة الأنباء الفرنسية في العاصمة جوبا: «أعتقد أنه كان مجرد حلم».
وشاهدت ديانا انطلاق الاحتفالات في جوبا، ورفع علم دولة جنوب السودان المستقلة حديثاً على شاشة التلفزيون من مخيم للاجئين في أوغندا، حيث فرت عائلتها من سنوات من الحرب التي بدت بلا نهاية.
وكان إعلان الاستقلال يعني إنهاء إراقة الدماء بين شمال السودان ذي الأغلبية المسلمة وجنوبه ذي الأغلبية المسيحية والوثنية، وفرصة للعودة أخيراً إلى الوطن.
وقالت ديانا: «لقد جعلني التاسع من يوليو في الواقع أكثر استقلالاً من جنوب السودان نفسه، لأنني كنت أعرف أنني سأعود إلى بلدي».
وأضافت قائلة إن السعادة في تلك اللحظة والأمل لبلدها وشعبها كان مثل «ولادة طفل جديد».
وقالت ديانا إنها أنصتت في انبهار، أثناء نشأتها، إلى خطابات القادة الموقرين الذين قاتلوا من أجل الاستقلال عن السودان: «لقد أعطتني تلك الخطب الأمل في أن نكون يوما ما أمة عظيمة».
وعند الاستقلال، بدت التطلعات غير محدودة. فقد بدا جنوب السودان غنياً بالنفط، وينعم بأرض خصبة ومياه وفيرة. وقالت ديانا: «لقد تصورت جنوب السودان حيث سيكون النظام الصحي قويا للغاية بالنظر إلى أن لدينا مواردنا الطبيعية».
وأضافت قائلة: «لقد تصورت أيضا جنوب السودان حيث لدينا الموارد البشرية وخصوصاً الشباب من جنوب السودان الذين عادوا من دول مختلفة ليبنوا البلاد». والأهم من ذلك أنها رأت لأطفالها فرصة للدراسة والتعلم، وهي الفرصة التي حُرمت منها بسبب نشأتها في الحرب والبؤس.
وقد عادت ديانا متفائلة وطموحة إلى جنوب السودان في أوائل عام 2012، لكن لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تلاشى ذلك السراب.
بحلول نهاية عام 2013، انفجرت التوترات المتأججة بشأن السيطرة على الدولة الجديدة بين الرئيس سلفا كير ونائبه رياك مشار، حيث أطلقت قواتهما النار على بعضها بعضاً.
كان جنوب السودان في حالة حرب أهلية. وفي 20 ديسمبر من ذلك العام، دخلت ديانا أوغندا مرة أخرى كلاجئة، وأخذت معها ابنها الصغير.