المرصد
«دليل الصحافة الرمضانية»
اهتم موقع صحافي معني بالمهنية الإعلامية، هو «شبكة الصحافيين الدوليين»، أخيراً، بأهمية الاقتراب من فكرة اصدار دليل للصحافة الرمضانية (ستايل بوك)، وهو اهتمام يبدو توقيته متأخراً بعض الشيء، خصوصاً ان الصحافة الورقية تكاد تلملم أوراقها، لكن عموماً «أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً».
علاقة الصحافة بالابواب الرمضانية في الواقع قديمة جداً، بدأت بإرهاصات لا تزيد على نشر خبر عن «الرؤية والإمساكية»، لكن هذا تطور بفعل ديناميكية صناعة الصحافة، وقد شاهدنا في مطلع القرن العشرين، في 26 مايو 1908 تقريراً تفصيلياً في صحيفة «الاتحاد العثمانية» عن ليلة الرؤية بوصفها «قصة خبرية» مشوقة، حيث «ثبت لدى الحاكم الشرعي رؤية الهلال المبارك، بشهادة أحمد أفندي أبوخليل رضوان، الذي رأى الهلال بعد الغروب بعشر دقائق من مكان مرتفع، وعليه نظم الاعلام الشرعي، وأرسل إلى ملاذ الولاية وقومندان الموقع، فأطلقت المدافع من الموقع العسكري إعلاماً وتبشيراً».
في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، مضت الصحافة الرمضانية إلى ما هو ابعد، وفي ظل تطور المهنة من طابعها المقالي إلى المرحلة الخبرية، اقتربت صحافة الشهر الكريم من الاهتمام بالحدث المرتبط به، في حدوث تغطية الاحتفالات الرسمية، ونموذج ذلك التقرير المصور في 20 أكتوبر 1940 المعنون «المليك وشعبه في صلاة الجمعة اليتيمة»، ومع التقرير صور لنساء مفترشات الأرض يتابعن تلاوة القرآن الكريم، ونساء ساجدات، ونساء من الهلال الأحمر يتابعن الاحتفال، وكذلك تقر مجلة «الاثنين والدنيا» تحت عنوان «هيئة التحرير تودع رمضان» في 7 يونيو 1954، والذي تضمن واقعة طريفة مفادها انطلاق مدفع الإفطار قبل وصول الرئيس البكباشي (حسب وصف المجلة يومها) جمال عبدالناصر الى مكان حفل الإفطار، واصرار الحاضرين على عدم الانخراط في التفاعل مع المائدة حتى وصوله.
مع مرور الوقت تطورت الصحافة الرمضانية، فنشأت الملاحق الدينية وصفحات التسلية الهادفة، وصفحات الاهتمام بالاعمال الفنية، وصفحات التقليب في التراث والتاريخ، ومع هذه التحولات برز تحديان، هما ظهور عالم الملتميديا بابهاراته الساحرة المربكة وتعقد وتنوع وتكاثر مجالات التغطية الصحافية المفترضة، واختلاف شرائح الجمهور.
من هذه النقطة، أصبح الاقتراب من فكرة صياغة دليل للصحافة الرمضانية شيئاً ذا جدوى، وتبدو الومضات التي تضمنها التقرير، والتي كتبها، أمل شنينو، ومصطفى فتحي، لتغطيات مميزة ركزت على خصوصيات ابداعية وانسانية ودينامية القصة الرمضانية، مثل «عمال المطاعم في رمضان» و«فانوس البراجيل الذي ظهر بسبب بكاء طفلة»، و«أجواء أسواق غزة الرمضانية في ظل الحصار الإسرائيلي»، تبدو هذه الومضات كاشفة وملهمة في طريق وعرة.
يتبقى أن كل هذه الإشارات على اهميتها، لن تعفي كل صحيفة، وربما كل صحافي وصحافية من نحت لبنات دليله النوعي والخاص.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news