شرفة قصر باكنغهام رمز لارتباط الجماهير بالعائلة المالكة
ظلت شرفة قصر باكنغهام في لندن من أشهر الشرفات في العالم على الإطلاق، فقد شهدت الاحتفالات بنهاية الحرب العالمية الثانية، وكانت مسرحاً لأهم المناسبات الوطنية منذ ظهور الملكة فيكتوريا لأول مرة في عام 1851، كما شهدت جميع الزيجات الملكية. وفي اليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث، تمثل الشرفة مرة أخرى إطار الصورة للملكة و17 فرداً آخر من العائلة المالكة في هذه المناسبة الكبيرة.
وتقول الباحثة بمركز الدراسات الملكية الحديثة في رويال هولواي، بجامعة لندن، باولوين ماكلاران: «كان هناك الكثير من الدردشات حول من سيكون هناك ومن لن يكون هناك». ويظهر في مثل هذه المناسبات فقط «أفراد العائلة المالكة» وأطفالهم، باستثناء نجل الملكة الأمير أندرو وحفيدها الأمير هاري وزوجته ميغان دوقة ساسكس.
كان هناك أكثر من 40 شخصاً على الشرفة في المناسبات السابقة، لذا فإن الحد من الأعداد بشكل عام يعد أيضاً اختياراً متعمداً. ويرسل رسالة حول من هم أهم اللاعبين على المسرح الملكي. إنها ليست مجرد تشكيلة، بل خط خلافة. وهناك اقتراحات بأن الملكة يمكن أن تظهر للمرة الثانية على الشرفة يوم الأحد، ما يضع موضوع الخلافة في دائرة الضوء، إلى جانب وريثها الأمير تشارلز، وحفيدها الأمير وليام وابنه الأمير جورج. وتقول البروفيسورة ماكلاران: «كل هذا رمزي للغاية. إنه يظهر ديمومة النظام الملكي، على الرغم من تغير الوجوه».
الشرفة هي مساحة خاصة بالعائلة الملكية إلى حد كبير، لكن وصل إلى هذه الشرفة اثنان فقط من رؤساء الوزراء، نيفيل تشامبرلين، بعد تفاوضه على اتفاقية ميونيخ مع ألمانيا في عام 1938، والسير ونستون تشرشل عندما كانت الجماهير تحتفل بنهاية الحرب في أوروبا في عام 1945.
لا توجد قواعد رسمية بشأن أين يقف الحضور في الشرفة، لكن البروفيسور ماكلاران تقول، إن هناك نمطاً واضحاً يمكن تمييزه، حيث تقف الملكة في مكان بارز في المقدمة. وستكون المجموعة الأساسية من كبار أفراد العائلة المالكة، الأمير تشارلز وزوجته كاميلا، دوقة كورنوال، والأمير وليام وزوجته كاثرين، دوقة كامبريدج.
قد يكون هناك أطفال صغار يسرقون الأضواء، وقد تكون هناك شكوك حول بعض المناورات للحصول على مكان قريب من الملكة، لكن هناك «ترتيب أسبقية» أساسي، كما تقول ماكلاران.
ترتيب الحضور على الشرفة
يأخذ كبار أفراد العائلة المالكة أماكنهم في المنطقة المركزية من الشرفة بينما ينتشر باقي أفراد العائلة حول الأطراف، كما لو تم تنظيمهم في أماكنهم من قبل مصور زفاف غير مرئي. الاستثناء الوحيد الذي لا تكون فيه الملكة في مركز الصدارة هو حفل الزفاف الملكي عندما يكون الزوجان من نجوم الشرفة.
في هذا اليوبيل هناك اختلاف عما كان عليه الحال في اليوبيل الماسي في عام 2012. ففي ظل التقشف، لم يكن هناك سوى ستة أشخاص على الشرفة، والتي كان يُنظر إليها على أنها تُظهر صورة ملكية مقتصدة ومختصرة.
الجمهور لاعب أساسي
هناك شخصية مهمة أخرى ليست على الشرفة، وهي الجماهير المزدحمة تحتها. تدور مناسبات الشرفة حول «تكريم الجمهور للعائلة المالكة والعائلة المالكة لتكريم الجمهور»، كما تقول الكاتبة وأستاذة التاريخ في يونيفرسيتي كوليدج لندن، البروفيسورة هيذر جونز. وبالنسبة للنظام الملكي الذي يعتمد على موافقة الجمهور، فهذه واحدة من أكبر المراحل الرمزية حيث يمكن للعائلة المالكة والجمهور التواصل. وتضيف جونز إنه في المناسبات الكبيرة، مثل اندلاع الحرب العالمية الأولى، كان الحشد هو الذي طالب بظهور العائلة المالكة. وتقول في عام 1914، سجل الملك جورج الخامس في مذكراته أنه شعر أن الحشد قد أجبره على الظهور على الشرفة، بينما كانت البلاد تستعد للحرب. وعندما كانت الجماهير تحتفل بهزيمة هتلر في الحرب العالمية الثانية، كان الجمهور مصراً بشدة على المطالبة بظهور الملكة ثماني مرات منفصلة في الشرفة. وتقول: «هناك شعور من الجمهور بالذهاب إلى قصر باكنغهام، في هذه اللحظات الوطنية الكبيرة».
وتقول جونز إن الشرفة تمثل منصة لاتصال الجمهور بالنظام الملكي. إنها تجعل أفراد العائلة المالكة مرئيين ولكن في الوقت نفسه تجعلهم يشعرون بالمسافة بينهم والجمهور. وتعتقد أن «هناك نوعاً من البُعد وهو أمر مهم حقاً». قد يبدو الوصول إلى العائلة المالكة متاحاً، لكن الشرفة لاتزال مرتفعة وبعيدة عن متناول اليد. إنه يساعد في الحفاظ على هذا التوازن الملكي المتمثل في الرغبة في أن تكون مرتبطاً بـ«العائلة الوطنية»، ولكن هذه العائلة تظل في المستوى الرفيع والخاص نفسه.
الشرفة هي مساحة خاصة بالعائلة الملكية إلى حد كبير، لكن وصل إلى هذه الشرفة اثنان فقط من رؤساء الوزراء، نيفيل تشامبرلين، بعد تفاوضه على اتفاقية ميونيخ مع ألمانيا في عام 1938، والسير ونستون تشرشل عندما كانت الجماهير تحتفل بنهاية الحرب في أوروبا في عام 1945.