بوريس جونسون يمجد الماضي ويستغل الخلافـات مع بروكسل
خرج رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، ضعيفاً للغاية من انتصاره الذي كان أضيق من المتوقع، في محاولة سحب الثقة التي قام بها متمردون في حزب المحافظين.
وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء أنقذ وظيفته، إلا أنه يواجه وضعاً اقتصادياً خطيراً، لدرجة أن المملكة المتحدة اعتبرت، مرة أخرى، «رجل أوروبا المريض».
وفي سبعينات ما قبل (رئيسة الوزراء السابقة) مارغريت تاتشر، تم تسمية الدولة على اسم الإمبراطورية العثمانية قبل الحرب العالمية الأولى. وفي ذلك الوقت، كانت المملكة المتحدة، التي مهدت الطريق للثورة الصناعية، متخلفة على جميع الجبهات - النمو والاستثمار والإنتاجية والتجارة الخارجية وغيرها - بينما ضاعفت النقابات العمالية القوية الإضرابات. والحلول الجذرية لـ«السيدة الحديدية» للقضاء على «الآفات الإنجليزية»، فقط، سمحت للمملكة بالخروج من المأزق.
سُحب سوداء
وتتجمع السحب السوداء الكثيفة، مرة أخرى، فوق اقتصاد المملكة المتحدة، فالتضخم وصل إلى 10٪، مع إضرابات عمالية متكررة، وانكماش النمو خلال الربع الأول. ويحدث ذلك في مناخ سياسي غير صحي. ويحاول جونسون تمجيد الماضي للإمبراطورية البريطانية، لجعل الناس ينسون الحالة الاقتصادية السيئة في البلاد.
وكانت البطالة في مستوى منخفض، تاريخياً، لأكثر من نصف قرن، ولكن عدد العمال النشطين آخذ في الانخفاض، ونقص العمالة بين 16-64 سنة من العمر محسوس بشكل دائم في جميع القطاعات.
ووفقاً لمركز الأبحاث «كابتل إيكونوميكس»، فإن إيطاليا هي الوحيدة التي تشهد انخفاضاً أكبر في عدد سكانها العاملين في أوروبا.
وترجع مشكلات المملكة الاقتصادية إلى الوباء الطويل الذي عانى منه ملايين البريطانيين. وأدت أزمة الخدمة الصحية الوطنية العامة والمجانية - 6.4 ملايين بريطاني ينتظرون حالياً إجراء عمليات جراحية - إلى تفاقم الوضع. وقلة اليد العاملة تفسر الفوضى السائدة، اليوم، في النقل الجوي أو صناعة الفنادق والمطاعم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن النتائج الإيجابية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التي وعد بها بوريس جونسون، لم تتحقق. وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن هذه الدولة اختزلت إلى المرتبة العادية.
ومع ذلك، يسعى رئيس الحكومة استعادة أمجاد الماضي بالعودة إلى النظام القديم للقياسات الذي ألغي في السنوات 1960-1970.
وفي غضون ذلك، يستعد جونسون لمعركته السياسية، ويأمل أن يجني مرة أخرى المكاسب المحلية للخلاف العنيف مع بروكسل، ولكنها مهمة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لرئيس وزراء ضعيف، مع مجموعة من نواب محافظين، ومجموعات أخرى غير راضين؛ ومحامين ناشطين وسياسيين أوروبيين غاضبين، اصطفوا ضده.
مقامرة كبيرة
وقال مدير مؤسسة «إنستيتيوت فور غفرمنت» الفكرية، برونوين مادوكس: «هذه مقامرة كبيرة، وهو في وضع ضعف مما كان عليه قبل أسبوع، بسبب المعارضة ضده». والتشريع الذي من المقرر نشره يوم الاثنين، هو الخطوة الأخيرة والأكثر إثارة للجدل في جهود بريطانيا طويلة الأمد لمراجعة بروتوكول أيرلندا الشمالية، والتي تقول إنه يخلق كابوساً بيروقراطياً للشركات التي تشحن البضائع إلى المنطقة من بقية المملكة المتحدة.
وسيسمح مشروع القانون للوزراء ببساطة برفض أجزاء من الاتفاقية، وفرض حلولهم الخاصة بدلاً من ذلك. وتشمل هذه إنشاء «ممر أخضر» للتجار البريطانيين الذين ينقلون البضائع إلى أيرلندا الشمالية غير المخصصة للسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، وتقول المملكة المتحدة إن المنتجات الموجهة إلى الاتحاد ستخضع للتدقيق وضوابط جمركية كاملة.
وستكون الشركات في أيرلندا الشمالية قادرة على الاختيار بين تلبية المعايير البريطانية، أو معايير الاتحاد الأوروبي في نظام تنظيمي مزدوج جديد،وسيكون الأمر الأكثر إثارة للجدل على الإطلاق هو ضغط حكومة المملكة المتحدة من أجل آلية تحكيم للنزاعات، ما يحد من دور محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي.
6.4
ملايين بريطاني ينتظرون حالياً إجراء عمليات جراحية.
النتائج الإيجابية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي وعد بها بوريس جونسون لم تتحقق.
يستعد جونسون لمعركته السياسية، ويأمل أن يجني مرة أخرى المكاسب المحلية للخلاف العنيف مع بروكسل.