يكتسبون مهارات مهنية ويتابعون دراستهم

قاصرون أفارقة وآسيويون يدعمون عائلاتهم مالياً من فرنسا

سيدة تمر قبالة محل مغلق في شارع بالقرب من بلدة كاركاسون. أ.ف.ب

بعدما عبروا وحدهم آلاف الكيلومترات وهم يحلمون بحياة أفضل لمساعدة عائلاتهم التي بقيت في إفريقيا أو آسيا، يحاول قاصرون الاندماج في فرنسا من خلال شغل وظائف عدّة، منها في كاركاسون جنوب البلاد.

«الصحراء ثم البحر...»، حسبما يذكر مامادو باري (19 عاماً) الذي يستحضر بصعوبة الرحلة الشاقّة التي غلبت عليها الفوضى، وقادته من غينيا إلى كاركاسون في جنوب فرنسا.

بعدما وصل إلى كاركاسون في 2019 بعد رحلة عبر الصحراء الكبرى والبحر المتوسط، تولّت أمره «خدمة دعم القاصرين الأجانب غير المصحوبين بذويهم». وبات اليوم متدرّباً ليصبح مهندساً كهربائياً صناعياً.

يستقبل مركز «خدمة دعم القاصرين الأجانب غير المصحوبين بذويهم» نحو 40 شاباً متحدّرين من دول أخرى أيضاً، مثل ساحل العاج ومالي وبنغلاديش وباكستان.

وتقول مديرة المركز كارولين سبولي: «مهمتنا هي استقبالهم وإيواؤهم ودعمهم من خلال المسار المهني لتحقيق الاندماج الاجتماعي».

ورغم اختلاف المسارات التي يسلكونها في البلد المضيف، إلّا أن جميعهم تركوا بلادهم وهم وحيدون وقاصرون. وفي عام 2019، أحيل أكثر من 16 ألف قاصر غير مصحوبين بذويهم إلى خدمات المساعدات الاجتماعية للأطفال بأمر من المحكمة، بحسب أحدث أرقام المفتشية العامة للشؤون الاجتماعية.

ونُقل 1420 من هؤلاء إلى منطقة أوكسيتاني في جنوب غرب فرنسا، بحسب جمعية للدعم في التوظيف والتدريب.

وتُسهّل «خدمة دعم القاصرين الأجانب غير المصحوبين بذويهم» في كاركاسون الاندماج المهني لهؤلاء القاصرين من خلال ربطهم بأرباب عمل، بالإضافة إلى حثّهم على أن يكونوا مستقلّين من خلال تلقّي دروس في اللغة الفرنسية، ومساعدتهم في إدارة حياتهم اليومية.

إرسال الأموال إلى بلادهم

وصل هؤلاء الفتية إلى مدينة لم يعرفوا أحداً فيها، إذ وُزّعوا وآخرون عشوائياً في فرنسا، بحسب معايير حددتها الدولة الفرنسية.

وتوضح سولي «يأتي معظم (القاصرين) لأنهم مفوضون من قبل العائلة. يرغبون في أن يخضعوا للتدريب وأن يعملوا وأن يصبحوا مستقلّين مادياً بسرعة، ليتمكّنوا من إرسال الأموال إلى بلادهم».

يُرسل فهيم الدين (17 عاماً)، الذي وصل إلى فرنسا من بنغلاديش، وهو يبلغ 14 عاماً، 30% ممّا يجنيه في التدريب الميكانيكي إلى ذويه وشقيقته الصغرى.

ويقول: «إضافة إلى التدريب، هناك الراتب، ويمكنني أيضاً متابعة دراستي وتوفير المال للحصول على رخصة سير».

وفهيم الدين ليس أوّل شاب من «خدمة دعم القاصرين الأجانب» يعمل في هذا المرآب في كاركاسون الذي حصل الأمين سيديبي (22 عاماً) على وظيفة فيه في عام 2019.

ويقول الأمين: «كانت العملية سريعة جداً، كنت قد تعلّمت أساسيات العمل في الميكانيك في مالي. لكن وددت نيل شهادتي قبل أن أُوظّف: إذا كنت لا تحمل شهادة، لن تُعامل باحترام».

ويقول مدير المرآب، باسكال جاموا، إنه «سعيد لنجاح سيديبي» الذي أصبح اليوم متزوّجاً وأباً لطفليْن.

وتتعدّد المجالات التي تُوظّف هؤلاء الشبان، من الميكانيك إلى إدارة الفنادق، وغيرها.

مخاوف صغيرة

وتؤكّد كارولين سبولي أن «أرباب العمل وأصحاب الشقق مسرورون للمشاركة في اندماج القاصرين».

رغم فوز اليسار المتطرّف الفرنسي المتمثل بحزب التجمع الوطني بثلاثة مقاعد نيابية عن المنطقة، إلّا أن البيئة المحلية تبدو حاضنة جداً للشباب، فيما تقول سبولي إنها فوجئت بهذه النتائج.

يحصل الاندماج أيضاً من خلال الرياضة «فجميعهم يلعبون كرة القدم على الأقلّ»، بحسب سبولي.

ويقول عثمان باري (17 عاماً) المتحدّر من غينيا، وهو يتناول الغداء مع صديق: «كوّنت معظم صداقاتي في كرة القدم، والاندماج سهل: لا حاجة للتكّلم بلغات عدّة» فكرة القدم رياضة «عالمية».

حصل عثمان باري على شهادة البكالوريا الفرنسية مع تقدير «لا بأس»، ويودّ أن يصبح مهندساً في التقنيات الكهربائية.

ويضيف باري، الذي وصل إلى فرنسا منذ «نحو أربعة أعوام»، أنه يختلط مع «المجتمعات الأخرى».

ويتابع «نعيش مع بعضنا بعضاً. نتحدث عن كرة القدم والموسيقى والفتيات».

ويقول، بنبرة جدّية أكثر، «يسمح هذا لنا بمشاركة مخاوفنا الصغيرة»، معرباً عن قلقه من الإجراءات الإدارية التي سيخضع لها حين يبلغ سنّ الرشد.

تويتر