مناطيد الردع.. سلاح الجيش الأميركي الجديد ضد الصين وروسيا
ستتم إضافة المناطيد التي تحلق على ارتفاع يراوح بين 60 ألفاً و90 ألف قدم، إلى شبكة المراقبة الواسعة التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، ويمكن استخدامها في نهاية المطاف لتتبع الأسلحة، التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. وقد تبدو الفكرة مثل الخيال العلمي، لكن وثائق ميزانية «البنتاغون» تشير إلى أن المشروع ينتقل حالياً من المجتمع العلمي لوزارة الدفاع إلى الخدمات العسكرية.
وقال الزميل الأول في برنامج الأمن الدولي ومدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الاستراتيجية والدراسات الدولية، توم كاراكو، إن «البنتاغون» يواصل الاستثمار في هذه المشروعات؛ لأن الجيش يمكن أن يستخدم البالونات في مهام مختلفة. وعلى مدى العامين الماضيين، أنفق «البنتاغون» نحو 3.8 ملايين دولار على مشروعات البالونات، ويخطط لإنفاق 27.1 مليون دولار في السنة المالية 2023، لمواصلة العمل على جهود متعددة، وفقاً لوثائق الميزانية.
وعلى الرغم من فشل الاختبار الأخير، يعمل «البنتاغون» على برنامج أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت. والأهم بالنسبة للولايات المتحدة هو أن البالونات قد تساعد في تعقب وردع الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، التي تطورها الصين وروسيا.
مفاجأة
وفاجأت الصين وزارة الدفاع الأميركية، في أغسطس الماضي، باختبار صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت، قادر على حمل سلاح نووي، والذي أخطأ هدفه بنحو 20 ميلاً. وبدأت روسيا تكثيف تطوير الأسلحة فرط صوتية، رداً على انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية، في عام 2002. وقالت الحكومة الروسية إنها أطلقت صاروخاً فرط صوتي، في هجوم على أوكرانيا، في مارس، وهو أول استخدام له في ساحة المعركة.
وهذه إحدى الطرق التي يمكن أن تكون بها المناطيد مفيدة؛ لأن استخدام الأقمار الاصطناعية في تتبع الصواريخ باهظ الثمن. وتقوم البالونات، المصممة على شكل دمعة، بجمع البيانات المعقدة، وتتنقل باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
جهود سرية
لسنوات، أجرت وزارة الدفاع اختبارات باستخدام بالونات عالية الارتفاع، وطائرات بدون طيار تعمل بالطاقة الشمسية لجمع البيانات وتزويد القوات البرية بالاتصالات، وتخفيف مشكلات الأقمار الاصطناعية. وفي غضون ذلك، ينقل «البنتاغون»، بهدوء، مشروعات البالونات إلى الخدمات العسكرية لجمع البيانات ونقل المعلومات إلى الطائرات، وفقاً لما اكتشفته «بوليتيكو»، في وثائق تبرير ميزانية وزارة الدفاع.
وتم تناول مشروع «النجم البارد»، على نطاق واسع في عام 2019، وهو مشروع مصمم لتحديد مواقع مهربي المخدرات. وفي ذلك الوقت، أطلق «البنتاغون» 25 بالوناً للمراقبة، انطلاقاً من ولاية ساوث داكوتا، كجزء من التجربة.
برنامج «النجم البارد»
وأكد «البنتاغون» أن برنامج «النجم البارد» قد انتقل إلى الخدمة. ولن تكشف وزارة الدفاع عن تفاصيل حول الجهود لأنها سرية. وتهدف مبادرة أخرى إلى ربط جميع التقنيات معاً. ويجري «البنتاغون» تجارب لتقييم كيفية دمج بالونات عالية الارتفاع وأقمار اصطناعية تجارية، في هجوم يُعرف باسم «سلسلة القتل».
وقال كاراكو: «يمكن أن تكون (البالونات) ناقلاً لأي من المنصات؛ سواء كانت متعلقة بالاتصالات أو البيانات، أو وسائل تتبع التهديدات الجوية والصاروخية، أو الأسلحة المختلفة، مع عدم الالتزام بالمدارات المتوقعة للأقمار الاصطناعية».
وتعمل وزارة الدفاع، أيضاً، على استخدام طائرات بدون طيار مجهزة بـ«حمولات الستراتوسفير»، جنباً إلى جنب مع البالونات، لتتبع الأهداف الأرضية المتحركة، وتوفير الاتصالات واعتراض الإشارات الإلكترونية. والفكرة هي أن تنتقل التكنولوجيا إلى الجيش وقيادة العمليات الخاصة الأميركية، وفقاً لوثائق الميزانية.
ويعد إيجاد طرق أخرى لتتبع الأهداف الأرضية أولوية بالنسبة للبنتاغون، في وقت أحالت فيه القوات الجوية طائرات المراقبة إلى التقاعد.
مركز عمليات
وتنتج شركة «رافن أيروستار»، مناطيد للاستخدام العسكري. وقالت الشركة إن منطادها مجهز بوحدة تحكم في الطيران، تعمل بالبطاريات التي يتم شحنها باستخدام الألواح الشمسية. وقال مدير الهندسة في الشركة، راسل فاندير ويرف، إن لديها، أيضاً، نظاماً إلكترونياً للتحكم في سلامة الطيران والملاحة والاتصالات.
وتسمح تيارات الرياح للبالون بالتحليق على طول مسار الرحلة المطلوب، وتستفيد الشركة من سرعات واتجاهات الرياح المختلفة لتحريك البالون إلى المنطقة المستهدفة. ولكن هذا ليس كل شيء. وقال ويرف، إن «رافن أيروستار»، تستخدم خوارزمية خاصة للتعلم الآلي، تتنبأ باتجاهات الرياح، وتدمج بيانات المستشعرات الواردة في الوقت الفعلي. وأضاف أن الشركة تستخدم، أيضاً برمجيات لقيادة أسطول البالونات ومراقبته؛ ولديها مركز عمليات يعمل به مهندسو طيران مدربون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
البالونات تنجز عمل الطائرات
ويمكن أن تُنجز البالونات العمل الذي تقوم به الطائرات والأقمار الاصطناعية التقليدية، ويمكن بناء وإطلاق «بالونات الستراتوسفير»، بجزء بسيط من الكلفة والوقت. وعلى سبيل المثال، تبلغ كلفة إطلاق وتشغيل المناطيد لأسابيع أو أشهر، مئات الآلاف من الدولارات، مقابل الملايين - أو عشرات الملايين - اللازمة لإطلاق وتشغيل الطائرات أو الأقمار الاصطناعية.
بدأت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في تشغيل «بالونات الستراتوسفير» المملوءة بالهيليوم، منذ خمسينات القرن الماضي، وقد اختبر الجيش في السنوات الأخيرة هذه الأنظمة على ارتفاعات منخفضة. ويستثمر القطاع الخاص، أيضاً، في سوق البالونات العسكرية. وشغلت شركة «ألفابت» للبرمجيات، بالونات من هذا النوع، في عام 2017، لتوفير الاتصالات المحمولة في بورتوريكو بعد إعصار «ماريا».
تجسس بالمناطيد
وفي منتصف عام 2010، كان الجيش يستثمر في برنامج التجسس بالمناطيد، الذي ألغاه في نهاية المطاف، في عام 2017. ويُعرف هذا المشروع باسم «نظام الاستشعار المرتفع للهجوم الأرضي المشترك». وكان المنطاد مقيداً، على عكس البالونات على ارتفاعات عالية، ومصمماً لتتبع القوارب والمركبات الأرضية والطائرات بدون طيار وصواريخ «كروز». والبالونات التي تستخدمها وزارة الدفاع، الآن، أصغر حجماً وأخف وزناً، ويمكن أن تطير أعلى بكثير من منطاد التجسس.
وابتداءً من عام 2015، أجرى الجيش تدريبات، لمدة ثلاث سنوات، من أجل تحديد ما إذا كان يجب الاستمرار في شراء مناطيد التجسس «رايتيون»؛ لكن المنطاد خرج عن السيطرة، وفقد الاتصال بمحطة الإطلاق الموجودة بالقرب من بالتيمور، وحلق لمدة ثلاث ساعات وهبط في النهاية بالقرب من بلدة مورلاند بولاية بنسلفانيا.
وبعدها، قرر الجيش التخلي عن البرنامج، الذي كلف نحو ملياري دولار، وتم تصميمه للعمل في القيادة المركزية الأميركية. وقال كاراكو: «إذا استطعنا أن نطور أنفسنا، وأن نتغلب على تبعات حادثة منطاد التجسس، فيمكن أن يكون المستقبل مشرقاً للمناطيد والبالونات».
يجري «البنتاغون» تجارب لتقييم كيفية دمج بالونات عالية الارتفاع وأقمار اصطناعية تجارية، في هجوم يُعرف باسم «سلسلة القتل».
فاجأت الصين وزارة الدفاع الأميركية، في أغسطس، باختبار صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت، قادر على حمل سلاح نووي، والذي أخطأ هدفه بنحو 20 ميلاً.
بدأت روسيا تكثيف تطوير الأسلحة فرط صوتية، رداً على انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية، في عام 2002.
27.1
مليون دولار، تخطط وزارة الدفاع الأميركية لإنفاقها على البالونات، في 2023.