كيسنجر: بوتين لا يريد استعادة مناطق الاتحاد السوفييتي
قال وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر، 99 عاماً، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخص حصيف، ويزن الأمور بحذر، كما أنه ساخط على موقف الغرب من بلاده، وأضاف في مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية، أنه يخشى من استخدام الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. وفي ما يلي مقاطع من المقابلة:
■ عاصرت معظم قادة الكرملين تقريباً، أيهم تصرفاته أكثر قرباً من ما يقوم به بوتين حالياً؟
■■ رئيس الاتحاد السوفييتي السابق نيكيتا خروتشوف.
■ لماذا؟
■■ كان خروتشوف يريد من الغرب الاعتراف بمكانة بلاده، وأهميتها في العالم. وفي حالة بوتين فإن القضية مماثلة، ولكن على نحو أشد، لأن بوتين يعتقد أن انهيار مكانة روسيا في أوروبا عام 1989 وحتى الآن، يمثل كارثة استراتيجية لروسيا. وأنا لا أؤيد رأي القائلين إن بوتين يريد استعادة المناطق التي خسرها الاتحاد السوفييتي. ولكن الأمر الذي لا يستطيع تحمله، هو أن تصبح المنطقة الواقعة بين برلين والحدود الروسية تابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهذا ما جعل أوكرانيا تمثل قضية أساسية بالنسبة له.
■ في مقدمة كتابك الجديد الذي يحمل عنوان «القيادة: ست دراسات في الاستراتيجية الدولية» اقتبست قول رئيس الحكومة البريطانية السابق، وينستون تشرشل «ادرسوا التاريخ. ففيه توجد جميع أسرار فن الحكم»، ما هي السابقة التاريخية الأكثر فائدة لفهم ما يجري في أوكرانيا؟
■■ إنه سؤال جيد، ولكني لا أستطيع تقديم جواب مباشر الآن، لأن حرب أوكرانيا من ناحية تتعلق بتوازن القوى. ومن الناحية الأخرى لها ملامح الحرب الأهلية، وهي تجمع بين النموذج الأوروبي التقليدي للمشكلة الدولية، والمشكلة الدولية البحتة. وعندما تنتهي هذه الحرب، ستكون القضية الأساس ما إذا تمكنت روسيا من إنجاز علاقة متماسكة مع أوروبا، وهو الأمر الذي تصبو إليه دوما، أو أنها أصبحت معقلاً متقدماً لآسيا على حدود أوروبا. ولا يوجد مثال تاريخي جيد لذلك.
■ وصفت في كتابك الجديد، إضافة إلى الشخصيات الست التي تحدثت عنها، العالم الذي نعيش فيه الآن بأنه غير مستقر. ففي أوروبا حرب في أوكرانيا، وفي آسيا ثمة صراع محتمل في تايوان، وفي الشرق الأوسط، تواصل إيران جهودها لتطوير برنامجها النووي. لماذا يتعين على السياسيين أن يحذوا حذو الأمثلة المطروحة في كتابك؟
■■ لم أقل يجب عليهم أن يحذوا حذو أمثلة الشخصيات المذكورة، لأنهم يختلفون عن بعضهم بعضاً، وكذلك ظروفهم مختلفة. ولكني أعتقد أن السياسيين يمكن أن يستفيدوا من المشكلات التي واجهت هؤلاء القادة.
■ هل تخشى من حدوث سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط؟
■■ لا، أخشى من استخدام الأسلحة النووية. فعندما ترسخ إيران نفسها كقوة نووية، فإن دولاً مثل مصر وتركيا ستشعر بأنها ملزمة باتباع النهج ذاته. وعندها ستؤدي علاقات هذه الدول مع بعضها، إضافة إلى علاقاتها مع إسرائيل، إلى جعل المنطقة أكثر اضطراباً مما هي عليه الآن.
■ بالنظر إلى أننا نتحدث عن الشرق الأوسط، دعنا نعود إلى الغزو الأميركي للعراق. هل تعتبر ما حدث حسابات خاطئة؟
■■ كان قد مضى على خروجي من الحكومة 20 عاماً عندما وقع الغزو. وكنت متعاطفاً معه. وشعرت أن نية الرئيس جورج بوش وقتها، هي أن يظهر للعالم أن الأنظمة التي تدعم الهجمات الإرهابية ستساعد على خلق اضطرابات دائمة. وكانت الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين تنطوي على مسوّغات منطقية وأخلاقية.
الأمر الذي لا يستطيع بوتين تحمّله، هو أن تصبح المنطقة الواقعة بين برلين والحدود الروسية تابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو).