مذكرات: سلطانة الطرب.. حولت بيتها إلى قلعة مقاومة ضد الإنجليز
عادت «سلطانة الطرب» منيرة المهدية إلى الأضواء مجدداً في مصر بعد ظهور مذكراتها في كتاب جديد أصدرته «أخبار اليوم» للدكتورة عزة كامل حيث أبرزت المذكرات الدور الوطني والسياسي لمنيرة المهدية علاوة على دقائق جديدة في مسيرتها الفنية.
وشملت المذكرات التي نشرت منذ أيام، والتي ضمت علاوة على يومياتها الصغيرة في عدد صفحاتها التي نشرت في مجلة «البوليس» عام 1958، وشذرات من ما نشرته الصحف عنها، محطات حياتها التي امتدت لأكثر من 80 عاماً، منذ نشأتها في بلدة المهدية بمحافظة الشرقية، حيث كان اسمها الأصلي زكية حسن منصور بهجت، وعملها وهي في سن الثامنة على مسرح الأندرورد، وانطلاق حفلاتها وتشكيلها لفرقتها الخاصة، وعلاقتها بالفنان محمد عبدالوهاب، الذي منحته فرصة الصعود لأول مرة على المسرح لكنه طالب منذ اليوم الأول بأجر 15 جنيها في الليلة، بعد أن لاقى نجاحاً وقبولاً من الجمهور، ما جعل المهدية تستغني عنه، معتبرة ما فعله نوعاً من الابتزاز، كما تتعرض لعلاقة المهدية المضطربة بالفنان بشارة واكيم، الذي كان يمتدحها بشدة في يوم ليهاجمها بشراسة في اليوم التالي، وعلاقتها بالشيخ سلامة حجازي الذي كان له صيت واسع وقتها، لتربعه على عرش الفن، والذي حضر حفلاتها الأولى وبكى تأثراً حين أنشدت قصائده، وعلاقتها أخيراً بزعيم الأمة في عام 1919، سعد زغلول، الذي حضر المسرح خصيصاً ليشاهد حفلاتها.
وحول الدور الوطني لمنيرة المهدية، يبرز الكتاب التأثير الذي لعبه كل من مقهى «نزهة النفوس» وعوامة «هواء الحرية» اللذان كانت تملكهما «سلطانة الطرب» في تجميع النخبة السياسية المصرية، ومقاومة الاحتلال الإنجليزي، منذ العقد الثاني للقرن الـ20، حيث فشل الإنجليز في إغلاق المقهى، بينما كانت العوامة ملتقى لمجلس الوزراء المصري، وحيث غنت المهدية في تلك الفترة باقة من الأغنيات الوطنية والتي من بينها «أنا منيرة المهدية، حب الوطن عندي غية»، «وشال الحمام حط الحمام، من مصر السعيدة للسودان، زغلول وقلبي مال إليه، انده له لما احتاج إليه»، وأغنية «كلام في سرك» التي دعت فيها المصريات إلى النهوض الوطني، وأغنية «صابحة الزبدة بلدي الزبدة» والتي وجهتها للفلاحين المصريين، وغير ذلك.
من جهتها، قالت مؤلفة الكتاب الدكتورة عزة كامل في حوار مع الإعلامية لميس الحديدي في قناة «أون» إنها كانت في الأصل تبحث عن مادة بحثية عن أسمهان، وحين كانت تقلب في الصحف القديمة استوقفتها صور منيرة المهدية ووقفتها على المسرح، ووجدت منيرة مهدية أخرى غير تلك التي يتصورها الناس الذين يعتقدون أنها كانت مجرد مطربة لأغان وصف بعضها بالخلاعة، صورة مختلفة للمرأة التي أخرجت أعمالاً قوية في الأوبرا كارمن وتاييس، وأول من غنى في الراديو، وأول من سجل على أسطوانات، أول من أسس فرقة مسرحية باسمها، هذا غير أن عوامتها كانت مسرحاً لاجتماعات سياسية، كما أن سعد زغلول كان يأتي مسرحها متخفياً فلما يكتشفه الجمهور يلتف حوله ويهتف فتغني المهدية أغاني وطنية».
ودعت كامل إلى وضع كل الاعتبارات حين تتم المقارنة بين سلطانة الطرب وأم كلثوم من حيث ظهور الأولى قبل الأخيرة بـ20 عاماً، ووجود مجموعة داعمة لأم كلثوم تقدم لها الإرشاد وتعرض سلطانة الطرب، لظروف عائلية غير مواتية للتقدم.
وقالت إن «منيرة المهدية زلزلت الفكر الذكوري، وكانت تنتج وتخرج، ولها آراء سياسية».
يذكر أن منيرة المهدية اعتزلت الغناء سنوات طويلة، وحين عادت عام 1948 اكتشفت فقدها لجمهورها بسبب الغياب، كما شهدت الساحة الفنية خلافاً بين منيرة المهدية وأم كلثوم قامت أثناءه الأولى بالتخفي في ملاءة لف لترى جماهيرية الأخيرة، كما تردد تشجيع المهدية لحملة صحافية تضمنت سلسلة مقالات متوالية قام بها صحافي يدعي محمد حلمي ضد أم كلثوم، بحسب مصادر صحافية.
الكتاب يبرز التأثير الذي لعبه كل من مقهى «نزهة النفوس» وعوامة «هواء الحرية» اللذان كانت تملكهما «سلطانة الطرب» في تجميع النخبة السياسية المصرية، ومقاومة الاحتلال الإنجليزي.