أطفال غزة.. البراءة رصيد وفير لبنك الأهداف الإسرائيلية
عقارب الساعة تشير إلى الرابعة، مساء يوم الجمعة الخامس من شهر أغسطس الجاري، هرعت الطفلة آلاء قدوم خمسة أعوام خلف والدها، أثناء خروجه من المنزل، لتتشبث وشقيقها رياض سبعة أعوام بدرّاجته النارية، خلال توجهه لزيارة شقيقته التي تسكن على بعد عشرات الأمتار من بيته، في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
حطت آلاء رحالها في منزل عمتها، والتقت بأطفالها، والفرحة تعلو وجنتيها، لأنها وجدت من تلهو معهم، لتسرد لهم أمام البيت فرحتها بشراء حقيبتها وردية اللون، والتي سترافق أحلامها في مرحلة رياض الأطفال، التي كان المقرر الالتحاق بها قبل نهاية أغسطس الجاري.
وبينما كانت تسترسل الطفلة البريئة صاحبة السنوات الخمس بالحديث عن أحلامها الوردية، حتى باغتها صاروخ أطلقته مروحية حربية إسرائيلية، بجوار المكان الذي كانت تلهو فيه، لتغرق في الدماء، بينما أصيب شقيقها رياض بجراح بالغة الخطورة، كادت أن تودي بحياته أيضاً.
وأد الأحلام البريئة
فارقت الطفلة قدوم الحياة، بينما تركت شقيقها يتأوه من فراقها، والجراح التي استقرت داخل جسده النحيل، قبل أيام قليلة على بدء العام الدراسي، حيث كان الشوق يملأ قلبها البريء للجلوس على مقعدها الدراسي، برفقة حقيبتها الوردية المزينة بصورة شخصيتها الكرتونية المفضلة لديها «إيلسا»، التي اقتنتها من السوق برفقة والدتها، قبل مقتلها ببضعة أيام.
ويقول جد الطفلة آلاء رياض قدوم، متسائلاً لـ«الإمارات اليوم» بصوت حزين ودموع منهمرة «ما ذنب حفيدتي الطفلة آلاء أن تحرم من الحياة، ومن أحلامها التي تنسجها في عقلها يومياً؟ هل حفيدتي تطلق الصواريخ تجاه الاحتلال؟ حتى يغتال طفولتها بهذا الطريقة الإجرامية البشعة، ويحول شقيقها إلى أسير سرير المرض داخل مستشفى الشفاء، نتيجة جراحه الكبيرة، وإصابته الحرجة».
ويضيف قدوم «منذ صباح يوم الجمعة قبل بدء العدوان الإسرائيلي ضد غزة، كانت تلعب آلاء كالفراشة في أركان المنزل، فقد شاهدت مسلسلها الكرتوني المفضل عبر شاشة التلفاز، ومن ثم رافقت والدتها إلى المطبخ أثناء إعداد طعام الغذاء، والتي سردت لها رواية (فتاة ذكية)، وبعد ذلك همت للخروج مع والدها، ولم ترجع إلى أحضاننا بعد ذلك».
حلوى الفراق
من حي الشجاعية شرقاً، إلى مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، نشرت الطائرات الحربية وجع الفراق داخل عشرات البيوت، فقد ارتكبت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثاني من العملية العسكرية الإسرائيلية بحق سكان قطاع غزة، الموافق السادس من شهر أغسطس الجاري، مجزرة جديدة أبادت براءة أربعة أطفال، من بينهم طفلان شقيقان.
وأسفر القصف الإسرائيلي الذي استهدف منطقة سكنية بالقرب من مسجد عماد عقل، في مخيم جباليا عن مقتل ستة مواطنين، وهم أحمد محمد النيرب (11 عاماً)، وشقيقه مؤمن (5 أعوام)، والطفل محمد علي سالم (9 أعوام)، والطفل خليل محمد شبير (10 أعوام)، والشاب أحمد الفرام، والفتى خليل أبوحمادة وهو وحيد والديه، بعد 13 عاماً من عقم الإنجاب.
الطفلان الشقيقان محمد ومؤمن غادرا المنزل مساء السبت لشراء الحلوى من السوبر ماركت المجاور لمنزلهما على بعد أمتار قليلة، وأثناء العودة مرا بمجموعة أطفال يلهون أمام منازلهم، جراء ارتفاع درجات الحرارة، وانقطاع التيار الكهربائي، الذي تفاقمت أزمته منذ اليوم الأول للعملية العسكرية الإسرائيلية.
وعلى الفور باغتت الصواريخ الإسرائيلية من كان في تلك المنطقة، وكانت أسرع من عودة أحمد ومؤمن إلى منزلهما. واللذان ارتقا إلى العلا على الفور، لتختلط دماء الطفولة البريئة بالحلوى التي لم يستمتعا بتناولها قبل لحظة الفراق القسري.
رحل الطفلان الشقيقان محمد ومؤمن النيرب، تاركين شقيقتين صغيرتين عنهما، ليحرما من رؤية أختهما الثالثة، التي من المفترض أن تبصر النور بعد أقل من شهرين.
3 أشقاء ووالدهم
وبالاتجاه من شمال غزة جنوباً، وصولاً إلى مخيم البريج للاجئين وسط القطاع المحاصر، لم يجد أطفال عائلة النباهين من يبكيهم سوى والدتهم المكلومة.
فمع غروب شمس اليوم الثالث من العملية العسكرية، قضت مروحيات الاحتلال الحربية على ثلاثة أطفال أشقاء ووالدهم في وقت واحد، بعد إطلاقها صواريخ عدة تجاه براءة طفولتهم، وأجسادهم النحيلة، والتي استهدفت منزلهم بشكل مباشر.
والقتلى، هم ياسر النباهين (45 عاماً)، والد الأطفال الثلاثة، والتوأمان محمد ودالية (13 عاماً)، وشقيقهم أحمد (9 أعوام).
وتزامناً مع جريمة قتل أطفال عائلة النباهين ووالدهم، استهدفت الطائرات الإسرائيلية مجموعة أطفال في مخيم جباليا للاجئين، أثناء وجودهم للعب أمام بوابة مقبرة «الفالوجا» المجاورة لمنازلهم، ليرتقي أربعة أطفال أقرباء من عائلة نجم، وهم جميل نجم نجم (6 أعوام)، وجميل إيهاب نجم (13 عاماً)، وحامد نجم (14 عاماً)، ومحمد نجم (14 عاماً).
وكان نتاج عملية الاحتلال العسكرية استهداف الأطفال، خلال جولات القصف المروحي على مدار ثلاثة أيام متواصلة، فقد أعلنت وزارة الصحة مع نهاية العملية العسكرية الإسرائيلية قبل منتصف ليل يوم الأحد السابع من أغسطس الجاري، عن مقتل 43 فلسطينياً، من بينهم (19 طفلاً)، وأربع سيدات، إلى جانب 311 مصاباً، جراء الغارات الإسرائيلية المكثفة ضد سكان القطاع، منذ عصر يوم الجمعة الماضي.
تزامناً مع جريمة قتل أطفال عائلة النباهين ووالدهم، استهدفت الطائرات الإسرائيلية مجموعة أطفال في مخيم جباليا للاجئين.
يقول جد الطفلة آلاء رياض قدوم، متسائلاً بصوت حزين «ما ذنب حفيدتي أن تحرم من الحياة، ومن أحلامها التي تنسجها في عقلها يومياً؟».