«حروب التغريدات»
أصبحت «حروب التغريدات» خبزنا الإعلامي كل صباح، وأصبحت جاذبيتها شبيهة بجاذبية كرة القدم، مع فارق أن جمهور كرة القدم يتابع ركلات اللاعبين «الرمزية» في مرمى اللاعبين المتنافسين، بينما التغريدات تتضمن عبارات حية في أرشيفات المتصارعين.
في مصر، الآن، يدور تراشق للتغريدات بين الصحافي مصطفى بكري وعلاء مبارك، نجل الرئيس السابق حسني مبارك، وفي العراق تراشق بين رموز التيار الصدري ورموز «عصائب الحق»، وفي إسرائيل لم تتوقف حرب التغريدات بين نفتالي بينيت وبنيامين نتنياهو.
ويشير كتاب «الحرب في زمن التغريدات– تكنولوجيا المعارك الافتراضية»، للكاتب الصحافي محمد عبدالسلام، إلى مستوى أكثر حدة من هذه الحروب السياسية الخفيفة، حيث كشفت دراسة لمركز بروكنجز الأميركي، أن تنظيم «داعش» الإرهابي استخدم في حربه الدعائية أكثر من 45 ألف حساب على «تويتر»، لبث التغريدات، كما أنه أطلق تطبيقاً على موقع «تويتر»، أيضاً، كان يطلق 40 ألف تغريدة في اليوم الواحد.
وتفسر هذه الأهمية لسلاح التغريدات الأهمية التي اكتسبتها معركة «تويتر»، الذي تأسس 2006، وبلغ عدد مشتركيه الشهريين 319 مليون مستخدم في 2016، والتي انتهت بالصفقة المثيرة للجدل تقدماً وتراجعاً، التي لمع فيها اسم الملياردير الأميركي إيلون ماسك، وبلغ حجمها 44 مليار دولار، والتي اشترط قبل إتمامها الاستغناء عن أعداد كبيرة من العاملين الأصليين، وخفض رواتب المديرين التنفيذيين، وتعيين بعض «المؤثرين» المهمين من وجهة نظره، بينما أقدم «تويتر» ذاته على إلغاء مليون حساب تشجيعاً له، بحسب «رويترز».
وقد قدم ماسك نفسه وهو مقبل على الصفقة بوصفه الرجل الذي لديه مشروع إصلاحي، والذي يستهدف نقلة تاريخية للمنصة، حيث صرّح للإعلام «نحن في حالة حرب لتصحيح المسار، ومطاردة المخادعين أعدائنا، وجعل (تويتر) منصة لخدمة واسعة وموثوق بها، وشاملة لكل الفئات، وإننا نسعى للتخلص من الروبوتات والحسابات المزيفة وناصبي الشراك، ولن نسمح بأن نكون منصة لخداع الناس من أجل سرقة أموالهم»، بحسب قناة العربية.
لا أحد يعرف مدى ما يمكن أن تصل إليه الرشادة في ضبط حرب التغريدات على المنصة، لكن الطريف أن «تويتر» ذاته وقتها تحول إلى منصة لحرب خاطفة بين «القادم للإصلاح والرئيس الأميركي السابق».
فقد هاجم دونالد ترامب وهو في حفل لتجمع جمهوريين في ألاسكا، ماسك، ووصفه بأنه «فنان في الهواء»، وقال «إيلون لن يشتري (تويتر)، لقد وضع نفسه في مأزق». وعلى الفور التقط ماسك الخيط ليرد عليه بالقول «إن وقت ترامب انتهى، وعليه عدم الترشح ثانية، أنا لا أكره هذا الرجل، ولكن آن الأوان لأن يخلع قبعته ويبحر نحو الغروب».
جاذبية «حروب التغريدات» أصبحت شبيهة بجاذبية كرة القدم.