شاطئ غزة.. متنفس للنساء في الصيف الحار بعيداً عن الضغوط اليومية
على شاطئ بحر قطاع غزة، تلتقي النساء كل مساء للعب الورق أو ممارسة الرياضة أو الاكتفاء بالدردشة، ما يشكّل متنفساً لهن في ليالي الصيف الحارة للهروب من ضغوط الحياة اليومية في بقعة جغرافية أرهقتها الحروب والفقر. وتقول يُسرى حميدات (43 عاماً)، وهي تجلس مع صديقتها نوال يسرا (66 عاماً)، في مقهى على شاطئ مدينة غزة: «ننتظر غياب الشمس للهروب إلى البحر.. لعب الشدة وسيلتي لعدم التفكير في ضغوط الحياة».
وتشرح هذه السيدة، الموظفة في السلطة الوطنية الفلسطينية: «الخروج من المنزل عبارة عن هروب، حيث تخرج النساء من المنزل هرباً من صعوبات الحياة، ويبقين في الخارج أطول مدة ممكنة».
أما يُسرا، التي كانت تنفث دخان «النرجيلة» فتقول: «أعود إلى البيت في الثانية أو الثالثة فجراً.. المرأة تحاول التأقلم والتغلب على الظروف أكثر من الرجال». وتتعالى ضحكات المشاركين في اللعب بعدما حسمت نوال الجولة لمصلحة فريقها الذي يضم زوجها أيضاً. وتشير يُسرا حميدات إلى توزيع أوراق اللعب، ثم تتابع: «لا خيارات في غزة، لذلك آتي يومياً للعب مع الأصدقاء، هذه الهواية الوحيدة التي أستطيع ممارستها».
ويعيش في القطاع 2.3 مليون نسمة وسط حصار جوي وبري وبحري تفرضه إسرائيل منذ عام 2007، بعدما سيطرت حركة «حماس» على القطاع. ويفتح معبر رفح على الحدود المصرية بشكل غير منتظم، ويحتاج الفلسطينيون الى أذونات ومبالغ مالية كبيرة لاستخدامه.
وفي مقهى آخر شمال غرب مدينة غزة، تقول (أم سعيد ساق) بينما تجلس مع صديقتها واثنتين من أخواتها: «نحاول التغلب على الضغوط بالخروج وتبادل الهموم. البلد ميتة، الناس يضحكون، لكن الجميع مدمّر نفسياً من الداخل».
وتقول هذه السيدة، وهي ربة منزل، أنها تنفق مصروفها الشخصي على زياراتها اليومية للمقهى، بمعدّل 15 شيكلاً يومياً (أربعة دولارات) على الأقل مقابل تناول القهوة و«النرجيلة».
ويعتبر هذا المبلغ بالنسبة لآخرين كبيراً ونوعاً من الرفاهية في القطاع، الذي يعاني أكثر من ثلثي سكانه الفقر، بينما تتجاوز نسبة البطالة فيه 47%.
أما بالنسبة لفاتن عبدالرحمن، التي تجلس مع بناتها وجاراتها أمام منزلها في مخيم الشاطئ للاجئين المطل على شاطئ مدينة غزة، فتقول: «إن تكاليف الخروج من المنزل تفوق إمكاناتنا».
وتشرح الأم لخمس بنات وصبيين: «إن عائلتها تعتمد على مساعدة وزارة الشؤون الاجتماعية للعائلات الفقيرة في القطاع». وتضيف: «تتجمع معظم نساء المخيم عند أبواب منازلهن، لأنهن لا يملكن ما ينفقنه على الترفيه بسبب الوضع الاقتصادي الصعب».
وتشكو السيدة من أزمة الكهرباء التي يشهدها القطاع، مشيرة الى أنها تضطر إلى استقبال ضيوفها خارج منزلها المسقوف بالصفيح، قائلة: «الحر لا يُطاق في البيت، نفترش الشاطئ ونجلس مع الضيوف هناك، فهو وسيلة الترفيه الوحيدة المجانية».
ودمّرت إسرائيل محطة توليد الطاقة الوحيدة في غزة في عام 2006. ومنذ ذلك الحين، يعاني سكان قطاع غزة أزمة حادة في الكهرباء، إذ يصل عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى أكثر من 12 ساعة يومياً. وفي الخامس من الشهر الجاري، شنّت إسرائيل عملية عسكرية دامية استهدفت «حركة الجهاد» في قطاع غزة، أسفرت عن مقتل ما لا يقلّ عن 49 فلسطينياً، بينهم أطفال، وفق حصيلة فلسطينية. وأظهرت أرقام مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن عدد ساعات التغذية بالتيار انخفض إلى خمس ساعات فقط في السابع من أغسطس، خلال جولة القتال الأخيرة.
واختارت (أم جبر أبوعاصي - 43 عاماً)، تمضية أمسيتها مع صديقاتها في متنزه عام غرب مدينة غزة مكتظ بعشرات الأشخاص معظمهم من النساء والأطفال. وتقول: «الجلوس على الكرسي هنا بشيكل (0.30 دولار)، لو خرجنا إلى البحر، سأحتاج إلى أن أدفع أكثر». وتتابع هذه السيدة، بينما وضعت على الطاولة أمامها بعض المخبوزات التي جهزتها في المنزل: «الخيارات معدومة في غزة، الخروج من المنزل يشعرنا بأننا بشر».
ولا تخفي أبوعاصي تعرّضها لانتقادات في مجتمع محافظ، بسبب عودتها للبيت بعد منتصف الليل، لكنها تقول: «لا أكترث للانتقادات، أعود مشياً على الأقدام مع ابنتي دون خوف، الشوارع تكون مكتظة والشرطة في كل مكان». وبالنسبة لبعض النساء، فإن ممارسة أنواع من الرياضة، وبينها ركوب الخيل، يعتبر خياراً جميلاً للتسلية في الليل في ناد رياضي عائلي جنوب غرب مدينة غزة. بينهن منة كحيل (22 عاماً)، التي تتحدث بينما تطعم حصانها «ريبل»: «أقضي معظم وقتي في المساء هنا، أخاف أن أخرج ليلاً في أماكن عامة وحدي، خوفاً من حدوث قصف أو إطلاق صواريخ».
ورغم أن الشابة تمارس رياضة ركوب الخيل منذ نحو 10 أعوام، تقرّ بتعرّضها لانتقادات في مجتمع غزة المحافظ. وتشرح وهي تمسك سرج حصانها الرمادي: «حين أخرج لركوب الخيل على البحر، أواجه الكثير من الانتقادات كوني غير محجبة». وتضيف: «حتى الحصان بحاجة إلى تغيير الأجواء». خارج نادي الفروسية، تلعب ميرفت الغلايني (41 عاماً)، رياضة «البيكل بول»، وهي واحدة من رياضات المضرب التي ينفرد النادي بها في قطاع غزة. وتقول الغلايني: «نحب كنساء أن نفرح، وأنا أحب الالتحاق بكل ما هو جديد». وتتابع السيدة بحماسة: «أعمل في الصباح وأمارس الرياضة في المساء، أخرج من البيت للذهاب الى مكان فيه إضاءة وناس».
يعيش في القطاع 2.3 مليون نسمة وسط حصار جوي وبري وبحري تفرضه إسرائيل منذ عام 2007، بعدما سيطرت حركة «حماس» على القطاع. ويفتح معبر رفح على الحدود المصرية بشكل غير منتظم، ويحتاج الفلسطينيون إلى أذونات ومبالغ مالية كبيرة لاستخدامه.
بالنسبة لبعض النساء، فإن ممارسة أنواع من الرياضة، وبينها ركوب الخيل، يعتبر خياراً جميلاً للتسلية في الليل في ناد رياضي عائلي جنوب غرب مدينة غزة. بينهن منة كحيل (22 عاماً)، التي تتحدث بينما تطعم حصانها «ريبل»: «أقضي معظم وقتي في المساء هنا، أخاف أن أخرج ليلاً في أماكن عامة وحدي، خوفاً من حدوث قصف أو إطلاق صواريخ».