بعد أن تسببت في أزمات بأوروبا

الغرب يحاول نسيان الحرب في أوكرانيا بهدوءعلى الرغم من خطورتها

دمار وأزمات خلفتها الحرب الروسية على أوكرانيا، أ.ب

*

بدأت أخبار ويلات الحرب في أوكرانيا تختفي من العناوين الرئيسة، على الرغم من أن المعارك لاتزال محتدمة يوماً بعد يوم. ويبدو أن الدول الغربية بدأت تشعر بالضجر من أخبار الحرب والتضامن مع أوكرانيا، إذ إنهم يريدون السلام والحياة الهادئة.

وفي عام 2014، وبعد فترة قصيرة من ضم موسكو لشبه جزيرة القرم، كتبتُ في أحد المقالات وقلت: «في القرن الـ21 لم يعدّ يوجد ما يُعرف بالحرب البعيدة أو المحلية، لأن أي حرب ستقع هنا ستكون حرباً لأوروبا برمتها. وأن هذه الحرب الأوروبية قد بدأت». وحذّرت من أن ضم القرم سيخلق موجة من التعصب القومي، وأن انعدام الاستقرار في منطقة البلقان ستؤدي إلى حدوث معدلات من الهجرة إلى الدول الأوروبية، وبالتحديد موجة كبيرة جداً من اللاجئين من أوكرانيا.

وفي ذلك الوقت، كانت لاتزال الفرصة سانحة لوقف أي حرب. ولكن السياسيين الأوروبيين أغلقوا أعينهم من أجل كسب رضا الناخبين. وكان الناخبون يريدون السلام في حينه، والحصول على فرص عمل، وعطلات جميلة.

والآن، نعيش وسط حرب أوروبية، ونواجه موجة غير مسبوقة من اللاجئين الأوكرانيين، ونتساءل: «كيف كان سياسيونا عمياناً؟»، إذ إنه لم يستمع أحد منهم إلى كل ما كتب.

وفي ألمانيا، جمع المفكرون آلاف التوقيعات تطالب حكومتهم بوقف إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، لأن ذلك قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة. وكتب المفكرون على العريضة: «نريد سياسة السلم، وليس الحرب»، ولكن الحرب العالمية الثالثة بدأت فعلاً الآن. فقد بدأت عام 2014. فكيف يمكننا معالجة العمى عند أي شخص؟ ولابد من الاعتراف أنه ليس من المحتّم هزيمة روسيا.

ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد عزز من شرعية رئاسته عندما استعاد شبه جزيرة القرم من أوكرانيا. ويخشى الآن أن تتضرر هذه الشرعية إذا لم يتمكن من التغلب على أوكرانيا في هذه الحرب الدائرة حالياً.

ويبدو أن أشخاصاً كثر في روسيا من الذين يسهمون في وضع هيكلية السلطة في موسكو لا يخشون من الهجوم على الغرب. وإذا سقط صاروخ على أرض دولة تعتبر عضواً في حلف شمال الأطلسي (ناتو) فلن يحدث الكثير، إذ سيكون هناك مزيد من الاجتماعات واللقاءات بين السياسيين، وإلقاء الكثير من البيانات والتصريحات التي تدعو إلى السلام.

وقبل الحرب العالمية الثانية، كان الناس يريدون السلام والهدوء، والعطلات الجميلة، مهما كان ثمن ذلك. وكان الناخبون يأملون بأن تواصل الحكومات الديمقراطية في كل من فرنسا وبريطانيا سياسة السلام مع أدولف هتلر وليس الذهاب إلى الحرب. وما تلا ذلك هو التاريخ الذي شملته رسالة رئيس الحكومة البريطانية وينستون تشرشل الصريحة، ولكن المخيفة للناخبين عندما قال: «ليس لدي أي شيء أقدمه لكم سوى الدم والتعب، والدموع والعرق».

وينبغي اتخاذ مواقف قوية بدلاً من العطلات الجميلة، ويجب أن يقدم الناخبون الأوروبيون تضحيات كبيرة، لأن السلام ثمنه سيكون غالياً.

ميخائيل ميشيشكين روائي روسي

تويتر