تكثيف الهدم في الضفة.. والاحتلال يُمهل الفلسطينيين 96 ساعة للاعتراض قانونياً

إلى الشمال من الضفة الغربية، تشهد محافظات سلفيت وقلقيلية ونابلس، تصاعد وتيرة عمليات هدم المنازل والمنشآت السكنية، حيث واجهت قراها وبلداتها خلال الأيام القليلة الماضية تدمير البيوت المأهولة، والتي قيد الإنشاء، بذريعة وقوعها في مناطق (ج) وفقاً لتصنيف اتفاقية أوسلو.

ويزعم الاحتلال أن 62% من مساحة الضفة الغربية الإجمالية البالغة (5800) كيلومتر مربع، تقع ضمن مناطق (ج)، وعلى إثر ذلك هدمت إسرائيل منذ مطلع عام 2021 حتى شهر يونيو الماضي أكثر من (1350) منزلاً ومنشأة فلسطينية داخل الضفة الغربية ومدينة القدس الشريف، في حين أخطرت في الفترة ذاتها أكثر من (1050) منزلاً بوقف البناء، والتي تعرّض نصفها إلى الهدم الفعلي.

ويأتي تصاعد عمليات هدم المنازل والمنشآت السكنية في الضفة الغربية، في ظل تقييد الاحتلال السكان الفلسطينيين بأمر عسكري أصدره أخيراً، والذي يمنح الفلسطيني في مناطق (ج) حق الاعتراض لدى المحاكم الإسرائيلية، خلال مهلة أقصاها (96) ساعة، وبعد انقضائها يهدم المنزل أمام عين مالكه الأصلي، بعد عجزه عن تجهيز أوراقه القانونية والاعتراض خلال هذه المدة القصيرة.

هدم مباغت

في بلدة سبسطية إلى الشمال الغربي من مدينة نابلس، شهدت منازل المواطنين، شهر أغسطس الجاري، والشهور القليلة الماضية أوامر وقف بناء، وعمليات هدم عديدة لمنازل عدة، بحجة البناء من دون ترخيص، ووقوع تلك المنشآت السكنية في مناطق (ج).

وفي ساعات الفجر من اليوم الثاني لشهر أغسطس الجاري، وبينما كان أفراد عائلة الفلسطيني محمد أبوالسعود في سبات عميق، حاصرت قوات الجيش الإسرائيلي منزله، لتداهمه، وتخرجهم منه تحت قوة السلاح، دون السماح لهم إلا بإخراج القليل من ممتلكاتهم.

وبعد (20) دقيقة من الاقتحام، باشرت آليات الاحتلال الضخمة المرافقة للقوات المسلحة بهدم منزل أبوالسعود على مرأى أعين أطفاله الستة، الذين أجهشوا بالبكاء، بينما كانوا يشاهدون جدران أحلامهم المستقبلية تتناثر دون رجعة بعد عامين فقط من تشييده.

وفي اليوم ذاته، الذي حرمت فيه عائلة أبوالسعود من مأواها الوحيد، هدمت جرافات الاحتلال منشأتين تجاريتين في قرية «بزاريا» شمال نابلس، تعود ملكيتها للمواطن الفلسطيني رابح سليمان سيف.

وللحديث عن عملية الهدم في بلدة سبسطية، يقول رئيس بلديتها محمد عازم لـ«الإمارات اليوم» في حديث خاص: «إن قوات كبيرة من جنود الاحتلال حاصرت منزل أبوالسعود عند الساعة الرابعة فجراً، وطلبت من سكانه الخروج تمهيداً لهدمه، دون سابق إخطار ينذرهم بهدم مأواهم الوحيد، فرفضت العائلة الخروج منه، لتباشر القوات بتحطيم بوابة البيت ونوافذه».

ويضيف «داهمت القوات المدججة بالأسلحة منزل أبوالسعود، واعتدت بقوة السلاح على العائلة المكونة من (14) شخصاً، من بينهم ستة أطفال، ليخرجوهم بقوة السلاح من منزلهم، الذي لا يملكون غيره، وأصبح مصيرهم التشرّد في العراء، تماماً كحال سكان المدن الفلسطينية على مدار الأيام والسنوات المتلاحقة».

ويلفت رئيس بلدية سبسطية إلى أن الاحتلال أخطر عائلة أبوالسعود بوقف البناء في منزلهم المكون من طبقة واحدة، قبل نحو عام، لتتوجه العائلة إلى المحكمة الإسرائيلية عن طريق المتابعة القانونية، لوقف القرار، وتجميد أمر الهدم.

ويسترسل عازم: «إن المحكمة ماطلت أبوالسعود، كعادتها المعهودة مع جميع السكان الفلسطينيين، وبدلاً من تسلّم العائلة رد الالتماس القانوني، وصلتهم جرافات الاحتلال بردّ مباغت على حين غفلة، دون إخطار هدم مسبق».

وفي سياق متصل، يؤكد رئيس بلدية سبسطية، أن البلدة تتلقى تهديدات يومية من الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي، بهدم منازل السكان، ووقف أعمال البناء والتشييد القائمة، مضيفاً أن «أكثر من نصف أراضي سبسطية مصنفة (ج)، وفي حال استمرار الاحتلال في سياسة الهدم المتصاعدة، فإن أكثر من 50% من منازل البلدة ستُزال عن وجه الأرض».

إذن مسبق

وانتقالاً إلى غرب محافظة سلفيت، المجاورة لنابلس، تعد قرية «كفر الديك» من بين المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية التي تشهد عمليات هدم مكثفة، حيث يؤكد سكانها أن منازل قريتهم تتعرض لقرار عسكري إسرائيلي بالهدم من دون إذن محكمة مسبق.

وكان من بينها هدم منزل عائلة فوزي الأحمد، الواقع في الجهة الغربية من «كفر الديك»، قبل أيام عدة في شهر أغسطس الجاري، بعد خمسة أيام فقط من تصويره جوياً، وهي مدة غير كافية لاستصدار أمر من المحكمة يوقف قرار الهدم أو تجميده.

وفي الجهة الشمالية لقرية «كفر الديك»، أقدم مفتشو البناء التابع للإدارة المدنية الإسرائيلية، صباح يوم الإثنين الموافق الخامس عشر من شهر أغسطس الجاري، على مداهمة منطقة «خلة مؤنس»، لتباشر جرافات الاحتلال بعملية هدم مفاجئة، طالت غرفة زراعية من الطوب، وسقفاً من الزينكو، تعود ملكيتها للمواطن الفلسطيني صالح عمر قصول.

هدم بأذرع مختلفة

مدير دائرة الخرائط والنظم الجغرافية في معهد بيت الشرق للدراسات العربية بالقدس، خليل تفكجي، يؤكد تسارع عمليات الهدم الإسرائيلية للمنازل الفلسطينية، داخل المناطق المصنفة (ج).

ويوضح أن الاحتلال يستهدف منازل السكان الأصليين بالهدم والتشريد، بواسطة أذرع مختلفة داخل حكومته، ومنها دائرة التنظيم والبناء، والجيش، والشرطة، إلى جانب سلطة حماية الطبيعة.

ويقول تفكجي: «إن سياسة الاحتلال بتكثيف الهدم في مناطق (ج)، الهدف منها الحد من التوسع العمراني للمناطق الفلسطينية، وخنق التجمعات السكانية بداخلها، وتوسعة نفوذ حدود المخطط الهيكلي للمستوطنات الجاثمة على أراضي القرى الفلسطينية في شتى المناطق، تماماً كما حدث مع مستوطنة (معاليم أدوميم) التي تبتلع 30 كيلومتراً مربعاً من أراضي القدس، بدلاً من (10) كيلومترات مربعة».

• 1350 منزلاً ومنشأة فلسطينية، داخل الضفة الغربية والقدس، تم هدمها منذ مطلع 2021 حتى شهر يونيو.

• في بلدة سبسطية، شمال غرب نابلس، شهدت منازل المواطنين، هذا الشهر والشهور القليلة الماضية، أوامر وقف بناء، وعمليات هدم عديدة لمنازل عدة، بحجة البناء من دون ترخيص.

• يؤكد سكان قرية «كفر الديك» أن منازلهم تتعرض لقرار عسكري إسرائيلي بالهدم من دون إذن محكمة مسبق.

الأكثر مشاركة