أهالي قرى في باكستان غمرها الفيضان يواجهون الجوع والأفاعي السامّة
أصبحت قرية «كريم بخش» في جنوب باكستان غارقة بشكل شبه كامل في المياه الموحلة، بعد هطول الأمطار الموسمية الكارثية، ولم يبق أي مبنى مستقر ليتخذه الأهالي مأوى، فيما صوامع القمح فارغة والثعابين السامة منتشرة في كل مكان. لكن بخلاف عشرات الآلاف من الأشخاص الذين فروا من منازلهم وقراهم ومدنهم التي غمرتها مياه الفيضانات في كل أنحاء البلاد، رفضت العديد من العائلات هنا المغادرة.
ومن دون صكوك الملكية الرسمية، يشعر العديد من السكان بالقلق من استيلاء انتهازيين على أراضيهم وممتلكاتهم، حيث عاشت عائلاتهم لأجيال في هذا المكان. ويقول انتظار أحمد، وهو مزارع يبلغ من العمر 55 عاماً، لوكالة فرانس برس، الأربعاء الماضي، فيما يقف على قطعة أرض مرتفعة قرب منزله المغمور بالمياه في إقليم السند «حصلنا على أوراق ملكية من الحكومة الاستعمارية البريطانية». ويضيف «لكننا فقدناها قبل سنوات عدة في فيضانات مماثلة، وبالإضافة إلى ذلك ليس لدينا أي مكان نذهب إليه».
ويقول آخرون إنهم قلقون بشأن مصير ماشيتهم، وهي مورد ثمين جداً بالنسبة إلى القرويين الفقراء، ليتركوها وراءهم. وأوضح شاه محمد، البالغ من العمر 35 عاماً، «لدينا جواميس وأبقار ورؤوس ماعز، إذا تركنا الماشية خلفنا ستُسرق». ويعاني محمد وآخرون من أجل العثور على طعام، ليس لأنفسهم فحسب، بل أيضاً لماشيتهم. وأشار محمد إلى أن هناك ما يكفي من طعام للحيوانات في الوقت الحالي، لكن سرعان ما سيبدأ القمح بالنفاد.
تمثّل المساعدات التي تقدمها الجمعيات الخيرية عن طريق القوارب شريان الحياة الوحيد لأولئك الذين يعيشون في كريم بخش، ولا يريدون مغادرتها. والقرية غارقة بمياه الفيضانات الموحلة التي تمتد في بعض المواقع لأكثر من كيلومتر. ويتجمع قرويون على البقع الجافة الوحيدة المتبقية في انتظار قارب تديره مؤسسة الخدمة فاونديشن، وهي منظمة إنسانية مقرها في باكستان، فيما كان يقترب ببطء في الشوارع التي تغمرها المياه. وكانت هذه أول عملية توصيل مساعدات إسعافية منذ أيام. توقّف القارب مرات عدة في القرية حتى يتمكن عمال الإغاثة من تسليم الخيم والمواد الغذائية والإمدادات الأخرى للسكان. ويقول عامل إغاثة إن المؤسسة الخيرية قررت إجراء عمليات التسليم بعدما أدركت أن بعض العائلات لا تريد المغادرة.
وفي كل محطة، كان هناك دليل على الدمار الذي أحدثته السيول والفيضانات، وهو الأسوأ منذ عقود. وقد دُمّرت معظم المنازل والمباني، وكان القرويون في حاجة شديدة إلى أي مادة قد تساعد على بناء مأوى مؤقت من المطر والشمس الحارقة، عند ظهورها.
وروى غول بادشاه، البالغ من العمر 70 عاماً، «انهارت منازلنا، وقطعنا الأشجار، واستخدمنا هذا الخشب لدعم ما تبقى من جدراننا». وفي غضون ذلك، قام مقبول أحمد، وهو من السكان المحليين أيضاً، بكل الاستعدادات لمواجهة تهديد محلي مختلف وشائع، خصوصاً أثناء الفيضانات، الثعابين السامة، فقد شبك مصباحاً صغيراً ببطارية سيارة، ثم وضعه على كومة تراب.
وقال لوكالة فرانس برس «نضيئه في الليل لحماية أنفسنا من الثعابين». وأضاف «في بعض الأحيان، تتسلل إلينا الكوبرا والأفاعي».