جنود في الجيش البريطاني يتعرضون للتنمر والمضايقة من قبل زملائهم
أفادت تقارير جديدة بأن ثمة عشرات الشكاوى الرسمية من التنمر، يقدمها جنود في الجيش البريطاني، كل عام، لكن الأغلبية العظمى منها لم يتم حلها. وتُظهر البيانات التي كشفت عنها وزارة الدفاع، بموجب قوانين حرية المعلومات، أن حالات التنمر قد زادت بنسبة 40%، تقريباً، في سبع سنوات. ومع ذلك، تم التخلص من معظم الشكاوى، في وقت أعرب فيه نشطاء عن مخاوفهم من خلل ما يوجد في آليات العمل.
وفي عام 2015، تم تقديم 51 شكوى، وخلال العام الماضي كان هناك 70 شكوى من قبل أعضاء الخدمة، ولكن العام الماضي شهد أقل عدد من الشكاوى التي تم قبولها كلياً أو جزئياً، إذ تم قبول 14 شكوى فقط، مقارنة بـ23 شكوى في عام 2015، وفي عام 2019، كان هناك 75 شكوى، وهي الأكبر خلال السنوات الأخيرة، تم قبول 18 فقط منها.
انتقادات
وتعرض الجيش البريطاني لانتقادات في الأشهر الأخيرة في أعقاب سلسلة من فضائح الاعتداء الجنسي والتنمر. وأبدى وزير الدفاع، بن والاس، غضبه الشديد، بسبب السلوك السيّئ في الجيش، العام الماضي، لدرجة أنه استدعى كبار الضباط إلى مكتبه لإخبارهم بذلك. ويحاول كبار قادة الجيش القضاء على ما وصفه البعض بأنه «بيئة عمل سامة»، من خلال تطبيق قواعد أكثر صرامة حول الانضباط والعقوبات. ومع ذلك، تمكن أحد كبار الضباط من الاحتفاظ برتبته، العام الماضي، على الرغم من تأييد شكوى تنمر ضده.
من جانبه، علق وزير دفاع الظل في الحكومة البريطانية، جون هيلي، عن الأرقام، قائلاً، «نريد أفضل المواهب في جيشنا، لكن مثل هذه التقارير عن التنمر لن تؤدي إلا إلى ترك بعض الأفراد، الخدمة مبكراً، أو منع الناس من الانضمام»، متابعاً «يجب على الوزراء التوقف عن تقديم التعهدات التي لا يلتزمون بها، والتأكد من أن قواتنا خالية من التنمر والمضايقات والتمييز».
وقالت أغلبية النساء في القوات المسلحة، إنهن تعرضن للتنمر والمضايقة والتمييز، فيما وجدت دراسة استقصائية، أجرتها اللجنة الفرعية للدفاع حول المرأة في القوات المسلحة، في يوليو من العام الماضي، أن 64% من المحاربات القدامى، و58% من النساء العاملات أفدن بتعرضهن للتنمر والتحرش والتمييز.
مضايقات خطيرة
وقال نشطاء إن العديد من اتهامات التنمر لم يتم الإبلاغ عنها أبداً. وأوضحت المحامية والمديرة المؤسسة لمركز العدالة العسكرية، إيما نورتون، أن الكثير من الجنود «يخشون الإبلاغ عن تعرضهم للتنمر لأنهم يخشون أن يُنظر إليهم على أنهم مشكلة»، متابعة «حتى في الحالات التي يتم فيها تقديم شكاوى رسمية، فإن النظام الداخلي في الأقسام المختلفة، هو الذي يحدد الآلية. إن نظام الشكاوى يطحن الناس، فهو معقد ومجهد للغاية بالنسبة للمشتكين».
وفي هذا السياق، انتحر جويل روبنسون، وهو عريف موهوب في فوج الخيالة، عام 2019، بعد أن تم التغاضي عن ترقيته مراراً، بعد تقديم شكوى حول التنمر والمضايقات الخطيرة من قبل أحد رؤسائه، وتضمنت الشكوى الإساءة اللفظية المستمرة، والتهديد بالأذى الجسدي، وقد حاول روبنسون إثارة المخاوف بشكل غير رسمي مرات عدة، قبل ذلك.
وقالت والدته أنغيلا روبنسون «قيل له في عدد من المناسبات إنه إذا قدمت شكوى، فسينتهي مشوارك المهني»، متابعة «عندما اشتكى حصل على عقوبة التعيين في وظيفة مسدودة الأفق، حيث يتم وضع الناس فيها قبل التقاعد».
وجويل، الذي كان يشعر «بالوحدة والاكتئاب»، وكافح من أجل التعامل مع وفاة والده عام 2016 بسبب السرطان، شنق نفسه داخل ثكنته، في مارس 2019. وتقول والدته «لو استمع أحد إلى مخاوفه وأخذها على محمل الجد، أعتقد أن النتيجة كانت ستكون مختلفة»، وأضافت الأم أن المعاملة التي تلقتها من قبل الجيش بعد وفاة ابنها تركتها مصابة بصدمة أكبر، وقالت «لم أحصل على إجابة عن أسئلتي مطلقاً، وقد عاملنا الجيش معاملة مروعة بعد وفاة جويل»، متابعة «الإجراء برمته كان وفق بروتوكول الجيش الخاص، ولم يستمع أحد إليّ. إن ذلك يؤثر حقاً ويزيد من الحزن عندما لا يستمع إليك الناس، ولم يجلس أحد ليتحدث إلينا بشكل منطقي وهو ما عرضناه مراراً».
وخلال التحقيق، أخبر أحد رؤسائه أن الشكوى لم تأخذ في الاعتبار أبداً مسألة الترقية. وقالت وزارة الدفاع إنه لا يوجد سجل لشكواه، على الرغم من إقرار الضباط، في التحقيق، بوجودها.
إعادة تفكير جذري
وفي حالة أخرى، انتحر ريفلمان ماثيوز، 24 عاماً، في يوليو 2020، بعد أن قيل له «كن رجلاً»، عندما طلب إجازة للمساعدة في رعاية ابنته أثناء الإغلاق. وفي ذلك الوقت، قالت أرملته، كاتي ماثيوز، وهي ممرضة مؤهلة حديثاً، تركت عملها لتربية ابنتهما البالغة من العمر خمس سنوات، إن الجيش بحاجة إلى إعادة تفكير جذري في الرعاية الاجتماعية، وتابعت «لقد بذل كل شيء من أجل وظيفته، ولكن بدلاً من دعمه، عندما كان يكافح، جعل الجيش حياته صعبة للغاية».
وفي سبتمبر، تم تبرئة جنديين من الإساءة العنصرية لزميلهما الأيرلندي الشمالي، بعد أن زعما أن النكات حول كونه «إرهابياً» تابعاً للجيش الجمهوري الأيرلندي، كانت مجرد «مزاح صاخب». واعترف جنديا سلاح الفرسان، ديكلان كوتس، 22 عاماً، وماكسويل نيكولز، 24 عاماً، بوصف الجندي، سكوت ألكساندر، بأنه «جيري آدامز» (زعيم الشين فين) وأنه «إرهابي»، كما أنهما اعترفا بالسخرية من الجيش الجمهوري الأيرلندي، لكنهما قالا إنه جزء من ثقافة وحدتهما.
وقال ألكساندر، أمام محكمة عسكرية إنه شعر «بالإحباط» وتعرض لمقالب واعتداءات جسدية، بما في ذلك حالات محاولة الخنق.
والأرقام التي تم الكشف عنها في قانون حرية المعلومات تشمل كلاً من الشكاوى المتعلقة بالتنمر الجسدي والنفسي. وهي لا تشمل الشكاوى التي تدعي المعاملة العنصرية أو التمييزية، لأنها مصنفة بشكل منفصل. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع «نحن لا نتسامح مع أي شكل من أشكال التنمر أو المضايقة، وبينما قد تكون التحسينات الأخيرة على آليات الإبلاغ مسؤولة عن زيادة الشكاوى المسجلة، فإننا نرى أن كل شكوى مهمة للغاية».
• دراسة استقصائية أجرتها «اللجنة الفرعية للدفاع»، في يوليو من العام الماضي، أظهرت أن 64% من المحاربات القدامى، و58% من النساء العاملات أفدن بتعرضهن للتنمر والتمييز.
• تم تبرئة جنديين من الإساءة العنصرية لزميلهما الأيرلندي الشمالي، بعد أن زعما أن النكات حول كونه «إرهابياً» تابعاً للجيش الجمهوري الأيرلندي، كانت مجرد «مزاح صاخب».
• %40 نسبة زيادة حالات التنمر خلال سبع سنوات.