المدرسة وسيلة لمساعدة أطفال الحرب على «الخروج من الفوضى»
تسعى ياسمين شريف مديرة صندوق «التعليم لا ينتظر» لمنح الأطفال الذين خسروا كل شيء في النزاعات أو الكوارث، فرصة «للخروج من الفوضى» بفضل المدرسة، متسائلة «خيمة وماء؟ هل هذا كل ما يمكننا تقديمه لهم؟».
ينشط الصندوق التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) والمتخصص في التعليم في مناطق الأزمات، في كل أنحاء العالم من باكستان إلى أوكرانيا، ومن مالي إلى فنزويلا، مروراً بإفريقيا جنوب الصحراء.
وهو يشير إلى أن 222 مليون طفل يعيشون في بلدان تشهد حروباً أو كوارث مناخية، يعانون اختلالاً كبيراً في تعليمهم، وأكثر من 80 مليوناً منهم لا يذهبون حتى إلى المدرسة.
وتقول ياسمين شريف خلال مقابلة أجرتها معها وكالة فرانس برس «إنه أمر فظيع يصعب تصوّره»، متحدثة في مناسبة انعقاد قمة حول التعليم أمس، في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وتوضح أن هؤلاء الأطفال «خسروا كل شيء، وعلاوة على ذلك، خسروا إمكان الحصول على تعليم نوعيّ».
وبدل أن يتعلموا القراءة والكتابة، يجدون أنفسهم في الشارع «عرضة للعنف، الصبيان فريسة لمجموعات مسلحة يسهل عليها تجنيدهم، والفتيات في خطر الاتجار بالبشر والخطف والزيجات القسرية».
وجمع صندوق «التعليم لا ينتظر» منذ 2016 ما يزيد على مليار دولار لتمويل بناء مدارس، وشراء لوازم مدرسية وتأمين وجبة طعام يومية، أو دعم نفسي اجتماعي، ما أتاح مساعدة نحو سبعة ملايين صبي وفتاة في 32 بلداً.
لكن ياسمين شريف حذرت «إن أردنا تلبية الحاجات، فعلينا أن نفكر بطريقة مختلفة تماماً في ما يتعلق بالتمويل الضروري. نتحدث هنا عن مليارات الدولارات وليس عن ملايين» متوقعة تنظيم مؤتمر في فبراير 2023 في جنيف لجمع 1.5 مليار دولار من أجل مساعدة 20 مليون طفل إضافي.
وتبقى الجهود غير كافية مقارنة بعدد الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدة على هذا الصعيد وعددهم 222 مليوناً.
«تمكين» الأطفال
وأوضحت شريف «في الدول الأوروبية، الغربية، يمثل الاستثمار في دراسة طفل متوسط 10 آلاف دولار في السنة. نحن نقارب 150 دولاراً في السنة للطفل، الهوة سحيقة».
لكنها أضافت «إذا أردتم تغيير العالم وتحقيق الأهداف (الإنمائية)، يجب الاستثمار في التعليم لكل الذين همّشوا» مؤكدة أن «لديهم قدرة تفوق التصوّر على الصمود بما يتخطى الصدمات والمعاناة».
وأكدت «تصوروا 222 مليون طفل عاشوا أسوأ ما يمكن، يتلقون تعليماً جيداً، سينجزون أموراً لم تشهدها البشرية من قبل. لدي إيمان كبير بهم».
وتابعت «ما نقدمه لهم هو أداة، أمل، تمكين.. حتى يخرجوا من الفوضى ويصبحوا مثالاً للعالم».
وأكدت أن هذه الأداة لا تقلّ أهميتها عن تأمين السقف والقوت لهم.
وأوضحت «بالطبع، خدمات الماء أساسية. وامتلاك مسكن مهمّ أيضاً. لكن هل هذا كل ما يمكننا تقديمه لـ222 مليون طفل؟ خيمة وماء؟ إن كان هذا كل ما يسعنا تقديمه لهم، من دون منحهم سبل تمكينهم، عندها نكون على الطريق الخاطئ».
وقالت «رأوا قراهم تُحرق، وأهلهم يُعدمون، خضعوا لأعمال عنف. الشيء الوحيد المتبقي لهم هو أن يقولوا لأنفسهم (إذ تمكنت من الحصول على تعليم، سأستطيع الخروج من هذا الوضع وتغيير حياتي)».
وأضافت «إذا لم نسمح لهم بالحصول على تعليم، فإننا ننتزع منهم هذا الأمل الضئيل المتبقي».
وتندد ياسمين شريف بكل من يحرم الأطفال من هذا الحق وتقول «الأنظمة التربوية تواجه هجمات خطيرة في النزاعات المسلحة الجارية، فيقصف الأطراف المتحاربون المدارس ويستخدمونها لتخزين أسلحة، وهو أمر محظور بموجب القانون الإنساني الدولي». وأكدت «إنها جرائم حرب».
• جمع صندوق «التعليم لا ينتظر» منذ 2016 ما يزيد على مليار دولار لتمويل بناء مدارس، وشراء لوازم مدرسية وتأمين وجبة طعام يومية، أو دعم نفسي اجتماعي، ما أتاح مساعدة نحو سبعة ملايين صبي وفتاة في 32 بلداً.