«نفق هجيحون».. الدراجات الهوائية تنقل المستوطنين من شرق القدس إلى غربها
منذ عام 1967 فرضت إسرائيل تقسيماً احتلالياً على مدينة القدس الشريف، القسم الغربي الذي تستولي عليه بالكامل، والجزء الشرقي الذي يقطنه المقدسيون، ويوجد في قلبه المسجد الأقصى المبارك.
وعلى مدار هذه السنوات لم تبرح إسرائيل طريق المشروعات الاستيطانية والمخططات التهويدية التي تنفذها بين الفينة والأخرى، لبسط كامل قبضتها على شرق المدينة المقدسة، وربطها بشطرها الغربي.
ومن بين هذه السياسات، افتتاح بلدية مدينة القدس الشريف، ووزارة شؤون القدس والتراث وشركة «جيحون» الإسرائيليتين، نفقاً جديداً لركوب الدراجات الهوائية، والذي يربط شرق المدينة المقدسة بغربها، وينقل المستوطنين بين الشطرين المقدسيين المحتلين.
وخلال حفل افتتاح نفق «هجيحون» الذي شهده يوم الثامن من شهر سبتمبر الجاري، قال رئيس بلدية القدس موشيه ليون «إن نفق هكيرم مشروع رائع عملنا كثيراً من أجله، إنه أكبر نفق للدراجات في إسرائيل، وخامس أكبر نفق في العالم، وسيتصل النفق بمسار الدراجات الطويل حول القدس، وينضم إلى مسارات الدراجات الموجودة في المدينة، وتلك التي سيتم رصفها في أحيائها المختلفة».
مسار استيطاني
يكمل النفق الجديد القسم الأخير من «مسار القدس الدائري» وهو أطول مسار للدراجات الهوائية في إسرائيل بطول 42 كيلومتراً، فيما ينطلق من منطقة «الطالبية» على مشارف وسط القدس، والتي هُجر سكانها عام 1948، ليسير باتجاه وسط غرب المدينة المقدسة، حتى قرية «عين كارم» المهجرة، حيث المدخل الشمالي للنفق، وذلك وفقاً للباحث في شؤون القدس فخري أبودياب.
ويوضح أبودياب أن «هكيرم هجيحون» الذي يعد أحد أجزاء متنزه السكة الحديد الإسرائيلي في المدينة المقدسة، ينقل الراكبين المستوطنين في رحلة واحدة، انطلاقاً من مدخله الجنوبي في متنزه «ناحل رفائيم»، الجاثم على أراضي قرية «الولجة» المهجرة جنوب غرب القدس، وصولاً إلى متنزه «عيمك موتسا»، المقام على أراضي قرية «قالونيا» المهجرة شمال غرب المدينة.
ويشير إلى أن نفق الدراجات الهوائية سيجمع بين المدينة التاريخية للقدس، وهي الجزء الشرقي، والمدينة الجديدة التي أقامتها إسرائيل في الجزء الغربي، بهدف تغيير الواقع الجغرافي في المدينة المقدسة، وفرض وقائع تهويدية جديدة عليها، إلى جانب زيادة عدد اليهود والمستوطنين في مدينة أولى القبلتين.
ويمضي أبودياب بالقول: «إن الاحتلال يستخدم لتحقيق أهدافه التهويدية الاستيطانية كل الأساليب والحجج الواهية، منها التطوير، وزيادة عدد السياح، ولكن هذا النفق يحقق أهدافاً سياسية واستيطانية بحتة، ليس لها علاقة بأي تطوير، أو تحسين للبيئة، أو زيادة وسائل المواصلات».
ويقول الباحث في شؤون القدس، «منذ سنوات عدة حفر الاحتلال هذا النفق بنقل مياه الأمطار وخط الصرف الصحي الرئيس لمؤسسة جیحون الإسرائيلية، باتجاه محطة تحلية مياه الصرف الصحي الواقعة غرب القدس، لكن اليوم تغيرت أهدافه كلياً بعد الإعلان عنه ضمن المسار التهويدي الذي يخنق المدينة المقدسة من اتجاهاتها الأربع».
ملأ الفراغات الاستيطانية
من جهة ثانية يلفت مدير دائرة الخرائط والنظم الجغرافية في معهد بيت الشرق للدراسات العربية بالقدس خليل تفكجي إلى أن الاحتلال من خلال مشروعات الأنفاق بحجة السياحة يعمل على تعبئة الفراغات، وإغلاق الدوائر الاستيطانية بين المستوطنات الجاثمة على أراضي مدينة القدس الشريف.
ويبين أن الجهة الشرقية لمدينة القدس تجثم على أرضها مستوطنتا «معاليه أدوميم» و«آدم»، ككتلة استيطانية ضخمة، متصلة بأنفاق وجسور وشوارع عريضة، تسهل حركة تنقل المستوطنين إلى سفوح وجبال القدس والضفة الغربية.
ويقول التفكجي «منذ أيام عدة افتتحت سلطات الاحتلال نفق (ارئيل شارون) على المداخل الغربية لمدينة القدس، لوصل المستوطنات الجاثمة داخل جهتها الغربية وحركة المستوطنين من الداخل الفلسطيني المحتل في التكتل الاستيطاني الضخم (غوش عتصيون) في المنطقة الجنوبية، لترتبط هذه المستوطنات بالأنفاق والجسور في الشارع الأميركي، الذي يجري شقه داخل أحياء القدس». ويضيف «إن الشارع الأميركي مع الأنفاق والجسور التي سيتم فتحها مع نهاية هذا العام، ومطلع العام المقبل، ستغير شكل وحركة وارتباط قسم كبير من المدينة وسكانها، ضمن مخطط مشروع (القدس الكبرى)، لتقسيم مدن الضفة الغربية والمدينة المقدسة، وعزلهما باستخدام الأنفاق والجسور التي شُقت، وتلك التي ستصبح جاهزة خلال الشهور المقبلة».