«كوارث الترجمات الصحافية»
تؤدّي أخطاء الترجمة، أحياناً، إلى حدوث مشكلات، لكن الترجمة الصحافية عادة ما تؤدي إلى كوارث، كونها مباشرة من جهة، وتخص العلاقات بين الدول من جهة أخرى.
وأخيراً، تسبّب خطأ عابر في تقرير صحافي لقناة «جي تي إس إن» الصينية، وصفت فيه حلوى المولد النبوي بـ«الأصنام»، في ردة فعل مضادة واسعة عبر الشارع العربي والإسلامي، فتم رفعه.
والواقع أن الخطأ الصيني، ليس استثناءً عابراً في تاريخ الترجمة الصحافية، وإنما هو تقريباً مشهد متكرر.
ربما كان الخطأ الأخطر، هو ما تم في نهاية الحرب العالمية الثانية حين وجّه الحلفاء إنذاراً إلى اليابان يطالبونها بالاستسلام، فردّ رئيس الوزراء الياباني، سوزوكي كاتنادو، يومها بكلمة «موكوسانتو»، فتم ترجمة الرد في الإعلام الغربي بمعنى «رفض الاستسلام»، بينما كان معنى الكلمة الحقيقي، هو «لا تعليق».
كذلك فإن من أشهر الأخطاء الصحافية في عالم السياسة الراهنة، هو ذلك الذي وقع مع الرئيس الأميركي السابق، جيمي كارتر، لدى زيارته إلى بولندا عام 1977 حين صرّح في «وارسو» قائلاً: «لقد غادرت الولايات المتحدة هذا الصباح»، فنقلها المترجم «لقد غادرت الولايات المتحدة إلى الأبد»، ثم تصريح كارتر التالي في الزيارة نفسها أنه «يحترم رغبات الشعب البولندي»، فنقلها المترجم أيضاً بما معناه أنه «يحترم رغبات الشعب البولندي الجنسية».
وقد سبق الزعيم الروسي، نيكيتا خرشوف، الذي كان شهيراً بطرافته السياسية، ونكاته اللاذعة، كارتر عام 1958، حين نسب المترجم عنه قوله لهم «سندفنكم جميعاً»، بينما كان معنى ما قاله، إن الاتحاد السوفييتي سيبقى بعد رحيل كل الساسة الغربيين، الذين يبشرون في تصريحاتهم وتحليلاتهم بفنائه.
كذلك هناك ترجمات لاتفاقات تاريخية، تسببت في مشكلات مزمنة، مثل فروق ترجمة نص القرار الأممي الشهير 242 في الإنجليزية والفرنسية، وفروق ترجمة نص اتفاقية «ويتانغي» في نيوزيلندا مع 400 زعيم من قبائل الماوراي، والتي أطلق عليها اسم «الاتفاقية المزورة».
وعربياً، كان أشهر خطأ ترجمة، في الفترة الأخيرة، هو ترجمة كلمة المندوب السوري في لجنة نزع السلاح الأممية في أكتوبر 2002، والتي نُسب إليه فيها القول «إن إسرائيل ضربت منشأة دير الزور النووية»، بينما الذي قاله هو إن «إسرائيل ضربت منشأة دير الزور السورية»، ويليه في ذلك، خطأ ترجمة خبر «توقيع اتفاق تبادل أسرى بين إسرائيل وحزب الله»، والذي نقله المترجم «اتفاق لتبادل الأسرار بين إسرائيل وحزب الله».
هذا وبالرغم من أن المكتبات تزخر بكتب ارشادية شتى لتحاشي الأخطاء إلا أنها مستمرة، ربما الفرق أن آلية التصحيح أصبحت أكثر نشاطاً وسرعة.
على الرغم من أن المكتبات تزخر بكتب إرشادية شتى لتحاشي الأخطاء، فإنها مستمرة.