حرب أميركا على المهاجرين تؤذي أشدّ مواطنيها فقراً
في العديد من الولايات الأميركية يعمد السياسيون الأميركيون الذين لا يؤمنون إلّا بمصلحتهم فقط إلى تحويل الأزمات الإنسانية إلى مسرح سياسي للتكسب. وأعلن حاكم ولاية نيو هامبشير، جون سنونو، أخيراً، أنه نشر قوات الحرس الوطني في الولاية على الحدود الفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة، وبذلك ينضم إلى نحو 20 ولاية أخرى يقودها الجمهوريون، وفي الوقت ذاته تقوم ولاية، مثل فلوريدا وتكساس وأريزونا، بنقل المهاجرين إلى الولايات والمدن الزرقاء (أي التي تنتخب الديمقراطيين دائماً)، وغالباً تحت ظروف احتيالية.
الأزمة
وفي الواقع فإن عملية الهجرة ليست هي الأزمة، وإنما العوامل السياسية والاقتصادية والبيئية، التي تدفع الناس إلى الهجرة من أوطانهم، هي الأزمة فعلاً. وكذلك المعاملة غير الإنسانية التي يتلقاها هؤلاء تعتبر مشكلة. ويستغل الجمهوريون هذه الظروف على الرغم من أن أصولها تتعارض مع سياسة حزبهم. وعندما سن الرئيس السابق بيل كلينتون قانون مسؤولية الهجرة، وإصلاح الهجرة غير القانونية عام 1996، جعل الكثير من هؤلاء مؤهلين للإبعاد، وهو الأمر الذي سهّل ترحيلهم من الدولة. وهذا ما جعل إمكانية الحصول على أوراق ثبوتية من قبل الأشخاص المقيمين في الولايات المتحدة، بصورة غير شرعية، أكثر خطورة من أي وقت مضى، ووضع الأساس والبنية التحتية من أجل زج هؤلاء في الاعتقال. وعمدت كل إدارة بعد ذلك إلى توسيع هذه البنية التحتية.
تزايد ترحيل المهاجرين
وفي ظل حكم الرئيس جورج بوش الابن، انتقلت قضية مكافحة الهجرة إلى إدارة الأمن الوطني الجديدة، حيث حولت قضية العدل والعمالة إلى أمن وطني. وبدأ ترحيل المهاجرين بالتزايد، حيث وصل إلى خمسة ملايين في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما، على الرغم من أنه أدخل برنامج «الإجراءات المؤجلة في ما يتعلق بالمهاجرين من الأطفال»، والذي يهدف إلى حماية المهاجرين من الأطفال.
وقام الرئيس دونالد ترامب بالتصعيد ونشر اتهامات خطرة تتعلق بالمهاجرين تفيد بأنهم مجرمون عنيفون، واستحضر لنفسه سلطات طوارئ كي يموّل الجدار في جنوب البلاد.
وعلى الرغم من أن الرئيس الحالي جو بايدن ألغى هذه الخطوة، إلا أن نظام الهجرة في الولايات المتحدة لم يتغير بصورة أساسية. ويعيش مئات الآلاف من المهاجرين تحت الرقابة المستمرة، وتم ترحيل نحو 60 ألفاً منهم عام 2021. وفي العام الماضي لوحده تم احتجاز نحو 250 ألف مهاجر في ظروف غير آمنة، وفي منشآت احتجاز للمهاجرين مكتظة بأعداد هائلة، ما أدى إلى وفاة نحو 200 شخص منهم، بمن فيهم الأطفال. ويلقى المئات حتفهم سنوياً على طول الحدود الفاصلة بين الولايات المتحدة والمكسيك.
تكساس نقطة ساخنة
في مايو 2021 أعلن حاكم تكساس، غريغ أبوت، عن أن الولاية في حالة كوارث، ومنح نفسه سلطات واسعة لمكافحة المهاجرين. وتحت مسمى «عملية النجم الأوحد» نشر الآلاف من جنود الولاية وجنود الحرس الوطني على الحدود لاعتقال واحتجاز الأطفال والعائلات من المهاجرين.
ووفق ما يقوله مدير «شبكة الحدود لحقوق الإنسان»، فرناندو غارسيا، فإن عملية النجم الأوحد لم تؤدِّ إلى وقف تدفق المهاجرين. وإنما دفعتهم إلى تغيير طرقهم نحو مناطق أكثر خطراً وانعزالاً، وعملت على إذكاء روح العداء نحو الأشخاص المهاجرين عبر الحدود. وفي سبتمبر الماضي تم إطلاق النار على مجموعة من المهاجرين، ما أدى إلى مقتل رجل وجرح امرأة.
وانضمت، أخيراً، إلى تجمّع عقده «تحالف منظمات تكساس لإصلاح شؤون الهجرة»، وهو تحالف منتشر في ولاية تكساس، يهدف إلى إصلاح الهجرة في الولاية. وقال المجتمعون إنه ليس من قبيل المصادفة أن يتم قمع المهاجرين، على الرغم من أنه توجد في الولاية أمور أكثر الحاحاً وأهمية، مثل انتشار الفقر، ووجود عدد كبير من سكان تكساس من دون ضمان صحي. ووصفوا عملية «النجم الأوحد» بأنها توسع كبير لنظام السجون في تكساس. وكانت الولاية تستخدم تمويل عملية النجم الأوحد لبناء منشآت جديدة للاحتجاز، وتوسيع السجون وقدرات الاحتجاز، والحصول على مزيد من الأسلحة ومعدات المراقبة، وتسليح المدارس العامة، وفق ما ذكره المجتمعون. ويؤثر هذا التوسع في قانون التشدد بأعمال الاعتقال وقمع المهاجرين على الحقوق المدنية لجميع سكان تكساس.
7.1 ملايين ناخب فقير
وقال جميع المجتمعون إن عملية «النجم الأوحد» تسبب الأذى للمهاجرين، والفقراء، وأصحاب الدخل المنخفض من جميع الخلفيات. ولكن بالنسبة لسكان تكساس فإن إلغاء هذه العملية سيكون أمراً بسيطاً للغاية، مثل الخروج من أجل الانتخابات المقبلة.
ويوجد نحو 7.1 ملايين ناخب فقير ومن ذوي الدخل المنخفض في تكساس. ويتضمن ذلك 2.4 مليون شخص من العرقية اللاتينية، والعديد منهم معرضون للاستهداف وفق الإجراءات الأمنية التي فرضها أبوت.
وإذا خرج الفقراء وأصحاب الدخل المنخفض من السود والبيض واللاتينيين في تكساس، ووقفوا مع بعضهم بعضاً، سيكونون قادرين على تغيير نتيجة المتسابقين على حكم ولاية تكساس. ومن هناك يستطيعون تغيير المسار السياسي برمّته في تكساس، وفي كل ولاية أخرى تتلاعب بالسياسة على حساب حياة الناس.
■ عملية الهجرة ليست هي الأزمة، وإنما العوامل السياسية والاقتصادية والبيئية، التي تدفع الناس إلى الهجرة من أوطانهم، هي الأزمة فعلاً.
■ قام الرئيس دونالد ترامب بالتصعيد ونشر اتهامات خطرة تتعلق بالمهاجرين تفيد بأنهم مجرمون عنيفون.
يعيش مئات الآلاف من المهاجرين تحت الرقابة المستمرة، وتم ترحيل نحو 60 ألفاً منهم عام 2021.
في العام الماضي وحده تم احتجاز نحو 250 ألف مهاجر في ظروف غير آمنة، وفي منشآت احتجاز للمهاجرين مكتظة بأعداد هائلة، ما أدى إلى وفاة نحو 200 شخص منهم، بمن فيهم الأطفال.