«مقبرة القسّام» الأوسع احتضاناً لجثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب
في حيفا.. «أحزاكوت» الإسرائيلية تسعى للاستيلاء على أكبر مقبرة تاريخية
إلى الجنوب الشرقي من مدينة حيفا الواقعة في الشمال الفلسطيني الساحلي، تقع بلدة الشيخ المهجرة، التي خلت من سكانها الأصليين، ولم يتبق منها سوى قبور الشهداء الفلسطينيين، ورفات من رفض التهجير قسراً قبل وخلال أحداث النكبة الفلسطينية في عام 1948، لتبقى قبورهم شاهدة على وجودهم في فلسطين.
مقبرة الشهيد عز الدين القسّام، في بلدة الشيخ المهجرة، تُعدّ أكبر مقبرة للشهداء في فلسطين، بمساحة 44 دونماً، لتمثل هذه البقعة أبرز أطماع إسرائيل للسيطرة عليها، وتجريف قبور الشهداء، وتهجيرهم للمرة الثانية من تحت الأرض، بعد أن طردهم الاحتلال من فوقها قبل 74 عاماً.
وتتجسّد مطامع الاحتلال، من خلال مخطط شركة «كيرور أحزاكوت» الإسرائيلية في اقتحام «مقبرة القسّام»، والسيطرة على أرضها، وكان آخرها مخطط الشركة لاقتحام المقبرة خلسة، لإقامة جدار على ما يزيد على 14 دونماً من مساحتها الإجمالية.
طمس 100 عام من التاريخ
«مقبرة القسّام» يزيد عمرها على 100 عام، إذ تحتضن في قبورها رفات وفيات قرية الشيخ، وقرى وبلدات قضاء حيفا الساحلية، كما تضم كثيراً من رفات شهداء فلسطينيين وعرب، من بينهم الشهيد عز الدين القسّام، الداعية السوري، الذي استشهد على أرض فلسطين خلال مشاركته في التصدي لقوات الاحتلال البريطاني.
ويقول عضو لجنة متولي أوقاف استقلال حيفا، المحامي خالد دغش، لـ«الإمارات اليوم»، في حديث خاص: «إن شركة (أحزاكوت) أصدرت خلال الأيام القليلة الماضية تهديدات ضد مقبرة الشهيد عز الدين القسّام، مضمونها أنها تقدمت بطلب لجهات إسرائيلية لإقامة جدار على شكل سياج حديدي مجدداً، على مساحة 14 دونماً من أرض المقبرة».
ويضيف: «إن (أحزاكوت) الإسرائيلية تصرّ على الاستيلاء على الجزء المذكور من المقبرة، بموافقة من جهات عدة، من بينها دائرة أراضي إسرائيل، ووزارة المالية الإسرائيلية».
ويشير إلى أن «مخطط الشركة من إقامة جدار السياج الحديدي داخل أرض المقبرة، يؤكد حقيقة أطماع الاحتلال وأهدافه بالاستيلاء على كامل أرض المقبرة التاريخية، كونها منطقة استراتيجية تطل على جبال الكرمل بحيفا، كبرى جبال فلسطين».
في سياق متصل، يقول دغش: «إن لجنة متولي أوقاف حيفا اكتشفت في عام 2013 أن جميع أراضي (القسّام) مصادرة، إذ بدأت قوات الاحتلال بالسيطرة على أجزاء منها، الجزء الأول بمساحة 14 دونماً، ويعترف بها الاحتلال، والثاني بالمساحة ذاتها، تدّعي دائرة أراضي إسرائيل ملكيتها، أما الجزء الأخير فكان كل ما تبقى من مساحة المقبرة الإجمالية، التابعة للشركة الإسرائيلية التي تدّعي ملكيتها لأرض المقبرة».
وبعد اكتشاف محاولة السيطرة على المقبرة، اتخذت لجنة متولي أوقاف حيفا، سلسلة خطوات قضائية استمرت فيها حتى وصلت قضيتها إلى محكمة الاحتلال العليا، التي رفضت مطالبها، لتطلب منها التفاهم مع شركة (أحزاكوت)، التي تدّعي أن الأرض ملك لها.
انتهاكات قانونية
بلدة الشيخ المقام على أنقاض مساكنها المهجرة مدينة «نيشر» الإسرائيلية، شهدت خلال شهري فبراير ومارس الماضيين محاولات نبش القبور من قبل المستوطنين بحماية القوات الإسرائيلية، وتجريف آليات وجرافات الاحتلال القبور على أرض مساحتها 30 دونماً مليئة بقبور مسلمين، ومن ثم تسييجها، وهي الأرض التي تدّعي شركة «أحزاكوت» أنها اشترت 14 دونماً منها من دائرة أراضي إسرائيل، أو سلطة التطوير، وفق اتفاقية أولية في خمسينات القرن الماضي، تلتها اتفاقيات في أوقات لاحقة، وذلك بحسب المحامي دغش.
ويقول عضو لجنة متولي أوقاف استقلال حيفا: «إن الاحتلال يزعم أنه اشترى في خمسينات وستينات القرن الماضي المقبرة من متولي أوقاف حيفا آنذاك، ولكن هذا كذب وافتراء، والادعاءات لا محل لها من الصواب، ونؤكد عدم وجود ما يثبت ذلك، وعدم تمكن أيّ طرف فلسطيني من بيعها لجهات إسرائيلية».
ويؤكد دغش أنه «لا يجوز بيع أرض (القسّام) بأي شكل من الأشكال، كونها أرض وقف إسلامي، لا يحق لأحد التصرف بها»، لافتاً إلى أن «ما تجريه الشركة الإسرائيلية عملية نهب حقيقية لأرض المقبرة التاريخية».
وأشار إلى أن «الاحتلال يخوض سلسلة ممارسات وانتهاكات قانونية وميدانية بحق مقبرة الشهيد عز الدين القسّام، في محاولة لتشريع عملية المصادرة».
• بعد اكتشاف محاولة السيطرة على المقبرة، اتخذت لجنة متولي أوقاف حيفا، سلسلة خطوات قضائية استمرت إلى أن وصلت القضية إلى محكمة الاحتلال العليا، التي رفضت مطالب اللجنة، وأحالتها للتفاهم مع شركة «أحزاكوت» التي تدّعي ملكية الأرض.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news