المرصد

شيرين عبدالوهاب.. والإعلام.. والخصوصية

أصدرت أسرة الفنانة شيرين عبدالوهاب، ولها كل الحق في ذلك، بياناً دعت فيه الإعلام إلى التوقف عن ملاحقتها، وقالت في نص البيان «نطالب كل الإعلاميين بعدم نشر أي أخبار أو تصريحات في الفترة الحالية، ونرجو من السادة الصحافيين والاعلاميين الالتزام بذلك، شاكرين لهم اهتمامهم ودعمهم لنا».

ولا شك أن حق الفنان أو الفنانة أو الشخصية العامة في الخصوصية مقدر، وفي حالة الفنانة شيرين عبدالوهاب التي يتمنى لها جمهورها كل الخير، أصبح هذا ضرورياً، لكن ترسيم الحدود بين الخاص والعام أصبح محل جدل بدرجة أكبر، منذ تنامي ظاهرة «الباباراتزي»، الخاصة بتطفل المصورين الصحافيين على المشاهير.

الحاصل أنه كثيراً ما يكون أول من يهدر الفرق بين العام والخاص هم الفنانون أنفسهم، في حواراتهم ولقاءاتهم الصحافية، وأخبارهم المبثوثة من مواقعهم، مرة من منظور إضفاء طابع إنساني على صورتهم الذهنية، ومرات قليلة بمنطق التسويق.

ويمثل السجال الذي دار بين فريق من «الجماعة الصحافية المصرية» والفنانين، بشأن تغطية جنازات مشاهير الفن نموذجاً للمشكلة، فجنازات فنانين بقامة فاروق الفيشاوي أو سمير صبري أو هشام سليم، هي حدث، ويمثل شكلها وأعداد حضورها وأسماءهم، اهتماماً لعامة الناس، ولا يمكن للصحافي أن يغيب عنها، وقد تسبب هذا بدوره في درجة من التزاحم والتسابق، انتهى بمشاحنات غير لطيفة بين صحافيين وفنانين، أو أقارب أو أصدقاء لهم، وتم الاعتداء في بعضها لفظياً على صحافيين، وفي وقائع أخرى بتكسير هواتفهم.

ويشير خبراء ومتابعون إلى أن النقاش بين الجماعة الصحافية المصرية وأهل الفن الذي تلا هذا التجاذب، مثل «نموذجاً إرشادياً» للتعامل مع قضية العام والخاص من جوانب مختلفة، إذ رفع البعض شعار «لا انفراد في الجنائز» كمدخل للنقاش، واقترح البعض توقيع بروتوكول بين نقابة الصحافيين المصريين ونقابة المهن التمثيلية بشأن ضوابط التغطية، واقترح الفنان أحمد السعدي تعيين النقابة فريقاً صحافياً معتمداً، وكلها اجتهادات ترى أن للقضية تعقيدات لا يمكن تحميل الصحافي وحده كل أسبابها.

وقد أشار صحافيون أيضاً في النقاش إلى أن الملايين من غير الصحافيين المهنيين يحملون «الموبايلات» ويطاردون المشاهير في الشوارع، وهذا خارج نطاق مسؤوليتهم، كما أن الفنانين أنفسهم كثيراً ما يكشفون في تغريداتهم، أو تغريداتهم المضادة، عن معلومات تلامس خصوصياتهم.

لقد أكدت القضية الحالية التي نحن بصددها، أن الاعلام التقليدي في عصرنا أصبح في حالات كثيرة «آخر من يعلم»، وتحميله وحده وزر كسر الحياة الخاصة، أقرب لهدف هروبي منه إلى حل للمشكلة، ليس لأنه «شاهد ما شافش حاجة»، ولكن لأنه «شافها بعد كل الآخرين».

• ترسيم الحدود بين الخاص والعام أصبح محل جدل بدرجة أكبر، منذ تنامي «ظاهرة الباباراتزي»، الخاصة بتطفل المصورين الصحافيين على المشاهير.

تويتر