كأس العالم 2022 انتصار للعولمة
الدوحة أنفقت 10 مليارات دولار لإقامة 8 استادات لاستضافة المونديال
خلال الأسابيع المقبلة، سيتوحد العالم حول حدث يتكرر مرة كل أربع سنوات، لكنه هذه المرة يختلف كثيراً عن كل المرات السابقة، وهي بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها قطر. وجذبت البطولة السابقة التي استضافتها روسيا نحو 3.5 مليارات شخص، شاهدوا أجزاء منها على الأقل، في حين شاهد نحو مليار شخص المباراة النهائية، أو جزءاً منها.
وكما يقول المحلل الاقتصادي الأميركي البارز، أدريان وولدريدج، في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء «لا توجد أي رياضة أخرى في أنحاء العالم تنافس كرة القدم في شعبيتها»، مضيفاً أن مباريات كرة القدم تتم مشاهدتها في أي مكان به إشارة بث تلفزيوني، ويمكن ممارستها من جانب أي شخص يستطيع شراء هذه الكرة المستديرة.
الرياضة المبهجة تنتشر
وتواصل الرياضة المبهجة انتشارها في العالم، حيث أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ سعي بلاده لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم، والفوز بها بحلول 2025. وبعد البطولة التي تنطلق في قطر 20 نوفمبر الجاري، ستقام الدورة المقبلة في 2026 في كل من الولايات المتحدة، وكندا، والمكسيك. وليس هذا فحسب، بل إن الإحصاءات تظهر أن اللعبة تكتسب شعبية واسعة بين النساء، حيث شكل الإناث 40% من إجمالي مشاهدي بطولة كأس العالم الماضية.
والحقيقة أن بطولة قطر تتفرد بأشياء عدة، تحدث للمرة الأولى في تاريخ بطولات كأس العالم لكرة القدم.
وللمرة الأولى، تقام كأس العالم لكرة القدم في دولة عربية مسلمة، وللمرة الأولى تقام في الشتاء، لتجنب درجة الحرارة المرتفعة في فصل الصيف، حيث كانت البطولة عادة ما تقام في يونيو ويوليو. وعلاوة على كل ذلك، وقبله، فإنها المرة الأولى التي تتحول فيها بطولة كأس العالم لكرة القدم إلى محور لمشروع تنموي عملاق.
وتسعى الحكومة القطرية إلى الاستفادة من ثروة البلاد، المتمثلة في الغاز الطبيعي، لضمان أمنها وازدهارها على المدى الطويل. ومنذ منتصف التسعينات تزايد تركيز قطر على الاستفادة من قوة كرة القدم لتحسين سمعة البلاد، وتأمل أن تحقق قطر من ذلك عائدات مالية.
كما اشترت شركة قطر للاستثمارات الرياضية نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، وحولته من نادٍ متداع إلى قوة أوروبية مهمة. وحصلت مؤسسات قطرية عديدة على حقوق رعاية عدد من الأندية الأوروبية الكبرى، مثل ريال مدريد، وبايرن ميونيخ، وبرشلونة، وأيه.إس روما.
وأنفقت الحكومة القطرية بسخاء لتعزيز الدوري المحلي لكرة القدم وزيادة قوته، وتقوم بالبحث عن المواهب الكروية بين الأطفال القطريين بداية من عمر 12 عاماً.
ومنذ فوزها بحق تنظيم كأس العالم 2022 في عام 2010، أنفقت قطر أكثر من 250 مليار دولار على مشروعات التنمية المرتبطة بكرة القدم، وهو ما يزيد بشدة عما أنفقته الصين لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008، الذي بلغ 42 مليار دولار، وما أنفقته روسيا لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014، وكان 55 مليار دولار. والحقيقة أن قطر أنفقت 10 مليارات دولار فقط لإقامة ثمانية استادات ستستضيف مباريات البطولة، في حين تم إنفاق بقية الأموال لتنفيذ خطة ضخمة لإعادة بناء البلاد، فأعادت بناء وسط العاصمة، وأقامت نحو 100 فندق جديد، ووسعت الميناء والمطار، وأعادت بناء شبكة الطرق، وأنشأت ثلاثة خطوط مترو ومدينة جديدة، تستوعب أكثر من ربع مليون شخص.
ويقول وولدريدج إن هناك شعوراً معادياً لدى الغرب ضد مشروع قطر الاستثنائي لاستضافة كأس العالم، بما يفوق العداء لاستضافة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الدورة السابقة في 2018. وتضم قائمة الاتهامات الغربية لقطر القول إن الدوحة تستخدم قوة كرة القدم لتعزيز نفوذها الدولي.
العولمة
وتتحرك عولمة كرة القدم وفقاً لقوى السوق الأساسية، حيث إن الفرق التي تستطيع جذب أفضل المواهب الكروية تحقق أكبر عائدات مالية، والفرق التي تحقق أكبر العائدات المالية تجذب أفضل المواهب، وأدى ذلك إلى ظهور دوريات عملاقة لكرة القدم، تحتل مكانة بعيدة للغاية عن بقية الدوريات للعبة في العالم، وأدى هذا إلى زيادة حركة تجارة اللاعبين بين الدول، فثلاثة أرباع اللاعبين في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو أكبر دوري في العالم من حيث الشعبية من الأجانب، كما أن أكثر من نصف عدد المديرين الفنيين لفرق هذا الدوري أجانب، ونصف الأندية نفسها مملوكة لأجانب.
والمفارقة أن الالتزام الكامل بقوى السوق يحدث في أوروبا القديمة المعروفة بترددها في الالتزام الكامل بقيم التجارة، خصوصاً عندما تطبق هذه القيم على أشياء لها قدسيتها الشعبية مثل كرة القدم، التي كانت في الأصل لعبة الطبقة العاملة، ولاتزال مشبعة بقيم الجماعية التي يجسدها شعار نادي ليفربول الإنجليزي «لا تستطيع أبدا السير بمفردك».
وبينما تأخرت الولايات المتحدة في تبني كرة القدم، ربما بسبب طموحها في جعل كرة القدم الأميركية لعبة شعبية عالمية، أصبحت أوروبا مركزاً عالمياً للاستثمار في كرة القدم، وسوقاً مفتوحة أمام المواهب في اللعب والتدريب من أنحاء العالم، وأقامت الاستادات وبرامج التدريب وفرق الدعم. وكانت الحصيلة أن خمس دول أوروبية فازت بكأس العالم خلال آخر ست بطولات في الفترة من 1998 إلى 2018، وشكلت ثلاثة أرباع المشاركين في نهائيات كأس العالم.
ويقول وولدريدج في تحليله إنه يتعين إدراك أن إنفاق قطر نحو ربع تريليون دولار سيحقق تقدماً كبيراً للبلاد، كما أن القطريين حرروا الكثير من سياساتهم لاستضافة البطولة. وأخيراً، فإن لعبة كرة القدم نفسها لها سحرها.
ويقول وولدريدج إنه بمجرد انطلاق المباريات، سيغرق مليارات البشر في حمى كأس العالم، وسينسون كل المخاوف. فكرة كرة القدم ليست لعبة جميلة فقط، وإنما أيضاً لعبة لا يمكن توقع نتيجتها. ودولة صغيرة مثل كرواتيا يمكنها مناطحة الكبار، واللاعبون المجهولون يمكن أن يتحولوا إلى نجوم.
ويتوقع وولدريدج نجاح قطر في كسب إعجاب الكثيرين بما حققته من تقدم.
• هذه هي المرة الأولى التي تتحول فيها بطولة كأس العالم لكرة القدم إلى محور لمشروع تنموي.
• 5 دول أوروبية فازت بكأس العالم خلال آخر 6 بطولات في الفترة من 1998 إلى 2018، وشكلت ثلاثة أرباع المشاركين في نهائيات كأس العالم.
• أصبحت أوروبا مركزاً عالمياً للاستثمار في كرة القدم، وسوقاً مفتوحة أمام المواهب في اللعب والتدريب من أنحاء العالم، وأقامت الاستادات وبرامج التدريب وفرق الدعم.
• أنفقت قطر أكثر من 250 مليار دولار على مشروعات التنمية المرتبطة بكرة القدم، وهو ما يزيد كثيراً على ما أنفقته الصين لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008، الذي بلغ 42 مليار دولار، وما أنفقته روسيا لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014، وكان 55 مليار دولار.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news