ترامب في أضعف حالاته سياسياً منذ سنوات عدة
قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أنه سيرشح نفسه للرئاسة الأميركية مرة ثانية، وأعلن قبل أيام أنه يحاول أن يصبح الثاني بعد الرئيس السابق غروفر كليفلاند الذي سيتم انتخابه مرتين، ولكن ليس على نحو متعاقب.
وتأتي خطوة ترامب في وقت وصل فيه وضعه السياسي إلى أضعف حالاته، منذ حملته الرئاسية في الفترة 2015-2016. ولكنه يظل قوة لا يستهان بها في دوائر الحزب الجمهوري، وأسهمت الأخبار التي أفادت بأن وزارة العدل عينت محققاً خاصاً للإشراف على التحقيقات المتعلقة بترامب، بزيادة الحشد حول تأثير ترامب وسط الجمهوريين. وبغض النظر عن ذلك، من الواضح أن سلطته ضمن الحزب ضعفت إثر انتخابات الكونغرس النصفية 2022.
عدم اكتراث الإعلام
وأسهل الطرق التي توضح أن مكانة ترامب ليست كما كانت سابقاً، تتمثل في النظر إلى ردة الفعل على إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية 2024. إذ إن العديد من المسؤولين الجمهوريين المنتخبين، والشخصيات المحافظة في الإعلام، لم تبد الكثير من الاكتراث.
ونتيجة إعلان ترامب الترشح لرئاسة 2024 منحه ذلك الدعم من عدد قليل من المسؤولين المنتخبين في الكونغرس. وهذا ما يذكر بترشيحه الأول في 2015-2016، عندما لم يتمكن ترامب من حشد الكثير من دعم أعضاء الكونغرس. ولكن الفرق هذه المرة، بالطبع، أن ترامب هو القائد السابق للحزب، حيث أيده معظم أعضاء الكونغرس الجمهوري عام 2020 بدلاً من كونه مبتدئاً سياسياً كما كان عليه قبل سبع سنوات.
ولكن يبدو أن العديد من أعضاء الكونغرس يدعمون الآن حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتيس، كما يدعم بعضهم ترامب أيضاً. وهذا أمر مهم لأن ذلك يعني أن دعم مسؤولي الحزب مرتبط تاريخياً بنجاح الانتخابات الرئاسية التمهيدية. وينبغي الإشارة هنا إلى أن قلة الدعم لم توقف ترامب عام 2016، ولن تمنعه هذه المرة أيضاً.
المحاولة الأولى
ويبدو أن محاولة ترامب الأولى كانت بمثابة انحراف. فقد كان يواجه أكثر من 12 منافساً، تَوزع عليهم دعم الطبقة السياسية المحافظة. وهذه مشكلة على نحو خاص في الانتخابات التمهيدية الجمهورية، التي تنزع إلى أن الفائز يحصل على كل شيء أو معظمه، بخلاف الانتخابات الديمقراطية التمهيدية التي تمنح المندوبين حقوقاً بصورة متناسبة. واحتاج ترامب أقل من نصف أصوات الحزب الجمهوري، كي يجمع الكثير من المندوبين سريعاً في عام 2016.
وربما لن يتمكن ترامب من الحصول على تأييد المعارضة المنقسمة ذاتها في دورة 2024. وحتى الآن فإن المنافس الواضح لترامب هو دي سانتس فقط. وربما أن حاكم فلوريدا ظهر باعتباره التطور الأكثر أهمية في الحقل الجمهوري للعام 2024. ولايزال ترامب متقدماً في عدد من استطلاعات الرأي الأميركية، بيد أن دي سانتيس يحقق نتائج أفضل في استطلاعات الرأي المبكرة أكثر من أي مرشح آخر، غير ترامب، خلال الدورة التمهيدية 2016.
وكان دي سانتيس يتغلب على ترامب في ولاية فلوريدا في كل استطلاعات الرأي تقريباً. وخلال استطلاع للرأي أجرته محطة «سي إن إن» خلال انتخابات الكونغرس النصفية في 2022، أراد الكثير من الجمهوريين أن يرشح دي سانتوس نفسه لانتخابات عام 2024 أكثر من الذين دعموا ترامب. وبالطبع فإن الميزات التي يحظى بها دي سانتيس في فلوريدا يمكن ملاحظتها لأسباب عدة، إضافة إلى حقيقة أن الولاية تتضمن الكثير من المندوبين الجمهوريين، الذين على الأرجح يمكن أن يتعاملوا معه بطريقة «الفائز يأخذ كل شيء».
الرجلان متساويان في فلوريدا
وأول هذه الأسباب، أن فلوريدا هي موطن ترامب أيضاً، وهي المكان الوحيد التي يكون فيها الرجلان متساويين، في ما يتعلق بالتعرف عليهما. ويمثل تقدم دي سانتيس إشارة على أنه عندما يقوم الجمهوريون من شتى أنحاء الدولة بالتعرف إليه، فإنهم سيتوجهون إليه (وسيحظى دي سانتيس بقبول أكبر من ترامب على مستوى الدولة بين الجمهوريين الذين يعرفون الرجلين)
والسبب الثاني، أن ترامب فاز بفلوريدا في عام الانتخابات التمهيدية عام 2016 ضد عضو الكونغرس الذي موطنه فلوريدا ماركو روبيو. ويمكن القول إن حقيقة تقدم دي سانتيس على ترامب الآن في فلوريدا في استطلاعات الرأي، ربما سيكون مؤشراً على أن ترامب في وضع أضعف مما كان عليه عام 2016. ولكن مشكلات ترامب هي أكبر من مجرد مسؤولي الحزب واستطلاعات الرأي. فقد كان ترامب قادراً على تحدي الحكمة التقليدية عام 2016 لأنه تلقى كمية ضخمة جداً من الاهتمام الإعلامي. وتمكن من التغلب على المنافسين.
الأمور لن تكون سهلة
ولكن هذه المرة، لن تكون الأمور سهلة. وقد أشرت سابقاً إلى أن دي سانتيس أظهر سابقاً مهارة كبيرة في جذب انتباه الإعلام عندما ظهر على محطة «فوكس نيوز» وإذا تمكن ترامب من الفوز في الانتخابات التمهيدية، عليه أن يفوز في الانتخابات العامة. وهو الأمر الذي لن يكون سهلاً، وهذا ما أظهرته الانتخابات النصفية للكونغرس 2022.
وأشرت الأسبوع الماضي إلى أن وجود ترامب كان أحد الأسباب الرئيسة التي جعلت الديمقراطيين يحققون نتائج مدهشة في الانتخابات النصفية. ونتيجة ظهوره في الإعلام كثيراً وتصرفه وكأنه رئيس لايزال في السلطة بصورة موازية للرئيس الحالي، ساعد ترامب على إبطال ما كان يعتبر عادة ميزة كبيرة لصالح الحزب المعارض في الانتخابات النصفية للكونغرس بوجود رئيس لا يحظى بالشعبية في البيت الأبيض. وكان من الممكن أن يكون لترامب فائدة كبيرة لحزبه لو أنه كان يحظى بالشعبية.
وخلال أي انتخابات رئاسية يكون اسم ترامب مدرجاً فيها فعلاً على ورق الانتخاب، تستطيع أن تتخيل أن عدم شعبيته سيكون عاملاً أكثر سلبية في انتخابه.
وندرك تماماً الآن من التاريخ، أنه لن يكون من السهل على ترامب تحقيق الفوز. في حين أن الرؤساء الموجودين في السلطة «مثل الرئيس جو بايدن» يكونون في وضع سلبي خلال انتخابات الكونغرس النصفية، وهم يستفيدون من كونهم في السلطة. وتزيد نسبة انتخاب الرؤساء الموجودين في السلطة على 60% عندما يرشحون أنفسهم لفترة انتخابية أخرى.
وخلاصة القول، أن ترامب يواجه منافسة صعبة في عام 2024، سواء كان ذلك في الانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري أو في الانتخابات العامة. وبالتأكيد فإنه يستطيع أن يفوز في فترة انتخابية ثانية، ولكن الاحتمالات تبدو الآن ضده.
هاري أنتن صحافي أميركي
إلغاء قرار قضائي بتعيين خبير لمراجعة وثائق ضبطت في منزل ترامب
ألغت محكمة استئناف أميركية الخميس قراراً قضائياً سابقاً ينص على تعيين خبير مستقل لمراجعة الوثائق التي ضبطتها الشرطة الفيدرالية في منزل دونالد ترامب في ولاية فلوريدا، ما يشكل انتكاسة جديدة للرئيس السابق.
وألغى قضاة محكمة الاستئناف الفيدرالية في أتلانتا بالإجماع أمر قاضٍ في فلوريدا يقضي بتعيين هذا الخبير، ما كان يمنع موقتاً المحققين الفيدراليين من استخدام الوثائق في تحقيقهم الجنائي.
وفي الثامن من أغسطس، دهم مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) مارالاغو مقر إقامة دونالد ترامب في فلوريدا، وصادر صناديق تحوي آلاف الوثائق السرية التي لم يقم الرئيس الجمهوري السابق بإعادتها عند مغادرته البيت الأبيض على الرغم من الطلبات المتكررة. وبعض هذه الوثائق مصنفة تحت بند السرية الدفاعية.
ويشتبه المحققون الفيدراليون بأن الرئيس السابق انتهك بذلك القانون الأميركي المتعلق بالتجسس الذي ينظم بصرامة حيازة الوثائق السرية.
وأكد دونالد ترامب أن هذه الوثائق رفعت عنها السرية.
ورأت محكمة الاستئناف الخميس أن عملية التفتيش ومصادرة الوثائق في الثامن من أغسطس لم تكن غير قانونية، وأن القاضي في محكمة فلوريدا لا يملك صلاحية الحد من إمكانية اطلاع وزارة العدل التي تقود التحقيق، على تلك الوثائق.
إذا تمكن ترامب من الفوز في الانتخابات التمهيدية، عليه أن يفوز في الانتخابات العامة، وهو الأمر الذي لن يكون سهلاً، وهذا ما أظهرته الانتخابات النصفية للكونغرس 2022.
ترامب يواجه منافسة صعبة في عام 2024، سواء كان ذلك في الانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري أو في الانتخابات العامة. وبالتأكيد فإنه يستطيع أن يفوز في فترة انتخابية ثانية، ولكن الاحتمالات تبدو الآن ضده.
يمثل تقدم دي سانتيس إشارة إلى أنه عندما يقوم الجمهوريون من شتى أنحاء الدولة بالتعرف إليه، فإنهم سيتوجهون إليه.