دعم الصين للبرنامج النووي الكوري الشمالي يصب في مصلحتها
تواصل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، حث بكين على منع إجراء اختبار نووي سابع من جانب كوريا الشمالية. وكانت هناك موجة من الاجتماعات والبيانات، بما في ذلك طلبات من الرئيس الأميركي، جو بايدن، ونظيره الكوري الجنوبي، يون سوك يول، بأن يمارس الزعيم الصيني، شي جين بينغ، الضغط على بيونغ يانغ، خلال اجتماعات وجهاً لوجه أثناء قمة «مجموعة العشرين» في جزيرة بالي الإندونيسية في الشهر الماضي.
وقال الأستاذ في كلية الدراسات الدولية في جامعة هانكوك في سيؤول بكوريا الجنوبية، جويل أتكينسون: «إن هناك افتراضاً وراء كل هذا النشاط، بأن بكين لا تريد فعلاً أن تمتلك كوريا الشمالية أسلحة نووية. ويُقال إنه إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها تستطيع التوصل إلى المزيج الصحيح من الترغيب والترهيب، فإنه يكون بإمكانها دفع بكين نحو العمل وفقاً لمصالحها».
دور الصين
من جهة أخرى، يتفق معارضو هذا النهج بصفة عامة على أن الصين ستستطيع العمل على تراجع البرنامج النووي لبيونغ يانغ إذا كانت تستطيع، ولكن هذا أمر باهظ التكاليف لبكين وللولايات المتحدة، لأنه ينطوي على تغيير الحسابات.
وتمتلك كوريا الشمالية الآن نحو 40 رأساً نووية وصاروخاً يمكنه الوصول إلى الأراضي الأميركية.
وعلى أية حال، من المعقول تماماً أن تساند الصين بالفعل البرنامج النووي الكوري الشمالي بدلاً من معارضته.
وأضاف أتيكنسون، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» الأميركية: «إنه يجب أن يضع المحللون في الحسبان مصالح كوريا الشمالية والصين، التي هي أكثر تطابقاً في ما يتعلق بالأسلحة النووية مما يفترض الكثيرون».
وأولاً: هناك اجماع كبير بين الخبراء بأن الصين تخشى قيام كوريا الجنوبية واليابان بتطوير أسلحة نووية رداً على ترسانة كوريا الشمالية.
عدم اكتراث
ولكن لكي يكون الأمر واضحاً بينها بشأن هذه المسألة، فإنه يمكن القول إنه لا حاجة لأن تكترث كوريا الشمالية بامتلاك كوريا الجنوبية واليابان أسلحة نووية من عدمه.
وهذا أمر غير مرجح، على أساس أن كوريا الشمالية أصغر بكثير من الصين، وأن أي هجوم نووي ضدها سيكون أسوأ نسبياً، إضافة إلى أن مواردها أقل كثيراً للإنفاق على رادع انتقامي.
والأمر الأكثر احتمالاً هو أن كلاً من الصين وكوريا الشمالية تتفقان على أن امتلاك كوريا الجنوبية أو اليابان أو كلتاهما لأسلحة نووية سيكون أمراً سيئاً، لكن يمكن السيطرة على الخطر.
وستكونان على صواب. وهذه نهاية عام 2022، ولدى كوريا الشمالية ترسانة نووية أخذة في النمو، وكما هو معروف فإن اليابان وكوريا الجنوبية لم تشرعا حتى في تنفيذ برامج نووية.
وتابع أتكينسون: «إنه ربما يتغير ذلك الوضع في المستقبل، أو ربما لا يتغير، ولكن لا ينبغي لأحد أن يتوقع من بيونغ يانغ التخلي عن أسلحتها النووية الآن، بعد أن قطعت شوطاً كبيراً لمجرد أن هناك خطراً غير محدد في المستقبل».
اجماع الخبراء
والسؤال هو: «لماذا إجماع الخبراء؟».. هناك تفسير بسيط وهو التضليل من جانب الصين، فبينما كوريا الشمالية مشغولة في تطوير الأسلحة، باستخدام بعض المكونات والتكنولوجيا الصينية، تعارض الصين بشدة امتلاك كوريا الجنوبية واليابان أسلحة نووية، وتلوح باحتمال أنها ستضغط على كوريا الشمالية لنزع السلاح النووي.
والافتراض الثاني واسع الانتشار، هو أن الصين تخشى عدم الاستقرار وزيادة مخاطر الحرب التي تجلبها كوريا الشمالية إلى المنطقة.
وهذا يبدو أمراً غير مرجح، لأن بيونغ يانغ ستخسر حتى أكثر من الصين إذا اندلعت حرب، كونها أصغر حجماً وأضعف، وأنها الهدف الرئيس.
ولكن ماذا عن تأثير «عدم الاستقرار» على تنمية الصين؟ الحقيقة هي أنه بعد عقود من الأزمات التي تسببت فيها كوريا الشمالية، فلن تجد أي تأثير ملحوظ على اقتصاد الصين.
ولايزال يمكن للمرء أن يقول إن كوريا الشمالية ترى فائدة في حيازتها لأسلحة نووية أكثر مما ترى الصين، ولذا فإنها أكثر استعداداً لمواجهة المخاطر ودفع الثمن المرتبط بذلك.
وتبدي الصين تردداً في الانضمام إلى جهود تقودها الولايات المتحدة ضد البرنامج النووي لبيونغ يانغ، لأنها تخشى انهيار كوريا الشمالية.
ووفقاً لوجهة النظر هذه، تشعر الصين بقلق ازاء تدفق للاجئين، وفقدان حاجز مهم ضد التهديد الأميركي. ولكن من الواضح أن كوريا الشمالية تبدي اهتماماً أقوى بتجنب انهيارها. وهل لا ترى بيونغ يانغ الأسلحة النووية وسيلة لضمان أمن النظام؟
وأشار أتيكنسون إلى أنه من الواضح عندئذ أنه لا يتعين ببساطة الافتراض بأن بكين لا تشارك وجهة نظر بيونغ يانغ التي مفادها أن الأسلحة النووية تقوى النظام.
كما لا يتعين أيضاً استبعاد الاحتمال بأن الأسلحة ليست للدفاع، ولكن للهجوم للضغط على الولايات المتحدة، لكي تخرج من شبه الجزيرة الكورية حتى يمكن تحقيق التوحيد مع الجنوب بشروط الشمال.
وبعد كل ذلك يقول النظام نفسه إن الأسلحة «وسيلة لتأمين التوحيد السلمي وبقاء السلالة العرقية». وإذا كان الأمر كذلك، فإنه ليس هناك أي سبب للافتراض بأن الصين تعارض الترسانة النووية الكورية الشمالية.
وسيتحسن الوضع الاستراتيجي العام للصين، إذا غادرت القوات الأميركية شبه الجزيرة الكورية وخرجت كوريا الجنوبية من منظومة التحالف الأميركي.
واختتم أتكينسون تقريره بالقول: «إنه ليس هناك شيء مختلف تماماً بين مصالح كوريا الشمالية والصين، حتى يتعين الافتراض ببساطة أن الصين تعارض الأسلحة النووية لدى بيونغ يانغ، بل على النقيض، فإنه في ضوء تطوير كوريا الشمالية بالفعل قدرات من دون قيام الصين باتخاذ إجراء فعال لمنعها، من المؤكد الافتراض بأن بكين تساند برنامج بيونغ يانغ الخاص بالأسلحة النووية».
• الأمر الأكثر احتمالاً هو أن كلاً من الصين وكوريا الشمالية تتفقان على أن امتلاك كوريا الجنوبية أو اليابان أو كلتاهما لأسلحة نووية سيكون أمراً سيئاً، لكن يمكن السيطرة على الخطر.
• يجب أن يضع المحللون في الحسبان مصالح كوريا الشمالية والصين، التي هي أكثر تطابقاً في ما يتعلق بالأسلحة النووية مما يفترض الكثيرون.