المرصد
«شراكات صحافية محمودة»
تبنّت صحيفة «دي فولكسكرانت» الهولندية، مشروع شراكة مع متحف «ريجكس» في موضوع الساعة الحالي الآن في هولندا، وهو مراجعة تأثير الحقبة الاستعمارية الهولندية وممارساتها، بما في ذلك الرق، وتبني صيغة للاعتذار عنها، بحسب الصحيفة.
بموجب هذه الشراكة تنشر الصحيفة قصة صحافية كل أسبوع عن عنصر ما في التاريخ الهولندي الاستعماري، يظهر في النسخة الورقية بشكل أساسي، ويمكن نشره إلكترونياً، كما يخطط القائمون على الشراكة لتجميع هذه القصص لتنشر في كتاب في نهاية المطاف.
يضم فريق المشروع المشترك خمسة صحافيين يعملون داخل مبنى الصحيفة (ديسك، ولكن بمعنى أوسع، حيث يمكنهم تحرير مادة إضافية)، و15 صحافياً في الخارج، ومجموعة أخرى من المؤرخين والباحثين تتسع دائرتهم وتضيق حسب الحاجة، ويستمر المشروع حتى يونيو المقبل، ليتواكب مع الاحتفال بذكرى مرور 150 عاماً على إنهاء هولندا للرق في «سورينام»، حيث قررت الدولة الأوروبية المذكورة اعتبار عام 2023 عام الاعتذار والتكفير عن هذه الجريمة.
دخلت الصحافة على الخط في قضية الإرث الاستعماري لهولندا في الوقت المناسب. فالدولة الهولندية فعلت (وتفعل) كل ما في وسعها لاغلاق تلك الصفحة السوداء، وفتح صفحة جديدة ناصعة لشبابها وأجيالها القادمة، حيث استعبدت هولندا قرابة مليون شخص حتى القرن التاسع عشر بحسب «نيويورك تايمز».
وطبقاً للصحيفة ذاتها، قدّم رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، اعتذاراً رسمياً نيابة عن حكومته، بشأن دور بلاده في التحريض على قرون من تجارة الرقيق وتحفيزها والاستفادة منها، كما أقر روته أمام الملايين من أبناء شعبه أنه «على مدى سنين تم تحويل الناس إلى بضائع، وتم استغلالهم وإساءة معاملتهم باسم الدولة الهولندية»، وأن «الحكومات لم تفعل ما هو مطلوب منها»، ومع ذلك، ورغم لهجة روته الواضحة والقاطعة، وبحسب مصادر متطابقة، لم تعجب هذه الكلمات رئيس لجنة التعويضات، أرماندو زندو، حيث علق بأن «خطاب روته لم يتعمق في المسألة بما يكفي، وضروري تحديد المسؤوليات والتعويضات».
بهذه الحيثيات، فإن وجود مشروع الشراكة بين صحيفة «دي فولكسكرانت» ومتحف «ريجكس»، الذي اقترن اسمه بإقامة «معرض العبودية» عام 2021، يمثل رافعة لإبراء الجرح، حسب كثير من المراقبين.
أما على المستوى الإعلامي، فإن شراكات من هذا النوع تمثل مدخلاً جديداً لـ«الصحافة التقليدية» لامتلاك منطق للبقاء، واحتلال مساحات جديدة، بعد أن دهمها «الإعلام البديل».
فتوافر مادة تاريخية موثقة ورصينة، مهما تم إخراجها بجاذبية، لن تشكل مطمعاً لإعلام «خطف اللقطة»، كما أن مشروعات ثقيلة الوزن من هذا النوع، توطد العلاقة بين الإعلام والمجتمع، والإعلام والتاريخ الوطني لكل بلد. هي لاشك تجربة تستحق الالتفات، بل والتكرار.
على المستوى الإعلامي، فإن شراكات من هذا النوع تمثل مدخلاً جديداً لـ«الصحافة التقليدية» لامتلاك منطق للبقاء، واحتلال مساحات جديدة، بعد أن دهمها «الإعلام البديل».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news