الحكومة اليمينية المتطرفة أمام اختبار صعب
الهجمات الأخيرة في إسرائيل قد تتسبب في انتفاضة ثالثة
في نهاية ديسمبر، عندما وصلت حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة الجديدة إلى السلطة، تنافس الوزراء الجدد على الإدلاء بتصريحات رنانة. ووعد وزير السياحة الجديد، حاييم كاتس، عضو حزب الليكود بزعامة نتنياهو، بالاستثمار في الضفة الغربية. وكان يستخدم المصطلح التوراتي «يهودا والسامرة»، الذي يستخدمه القوميون الإسرائيليون للإشارة إلى الأراضي المحتلة في الضفة الغربية، ولاسيما المستوطنات اليهودية هناك.
وتبخرت فكرة إرسال سياح في عطلة في الضفة الغربية، هذا الأسبوع، عندما أخذ العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين منعطفاً حاداً نحو الأسوأ. وقتل صباح الخميس 10 فلسطينيين، معظمهم من النشطاء والمدنيين، في غارة شنتها قوات كوماندوز إسرائيلية، استهدفت خلية تابعة لحركة الجهاد.
وليلة الجمعة، فتح مسلح فلسطيني النار في حي يهودي في شمال شرق القدس - على الرغم من أن الكثيرين قد يشيرون إليها على أنها مستوطنة، لأنها جزء جغرافي من الضفة الغربية المحتلة - ما أسفر عن مقتل سبعة مواطنين إسرائيليين.
وقُتل المسلح خيري علقم، 21 عاماً، من القدس الشرقية برصاص الشرطة أثناء محاولته الفرار. ويبدو أنه تصرف من تلقاء نفسه، ولا يُعرف أنه ينتمي إلى أي منظمة فلسطينية. وليس من الواضح حتى إذا كان ينوي على وجه التحديد الانتقام لمن قتلوا في جنين. وبغض النظر عما دفعه إلى التحرك، فهو ينضم إلى قائمة طويلة من الشباب الفلسطينيين الذين حاولوا في الأشهر الأخيرة، قتل إسرائيليين بمفردهم. وما جعل هجوم الجمعة مختلفاً هو أن علقم نجح، خلال موجة إطلاق النار التي استمرت أربع دقائق، في قتل أكبر عدد من الناس في هجوم واحد ضد مواطنين إسرائيليين، منذ 15 عاماً.
والعديد من هؤلاء المهاجمين المنفردين فقدوا أفراد عائلاتهم في النزاع. وقُتل ابن عم لعلقم في وقت سابق من الأسبوع في اشتباك مع القوات الإسرائيلية في مخيم شعفاط للاجئين شمال القدس.
موجات من العنف
وجاء يوم السبت بمثال آخر، وإن كان أصغر منه، حيث أطلق صبي يبلغ من العمر 13 عاماً من قرية سلوان بالقدس الشرقية النار وأصاب إسرائيليين، أب وابنه، كانا يسيران في منطقة مدينة داود القريبة. وتمكن الابن، وهو ضابط شرطة خارج الخدمة، من إطلاق النار وإصابة المهاجم المراهق. ووفقاً لسكان سلوان، ربما كان الصبي يحاول الانتقام لقريب له، قُتل الأسبوع الماضي بينما، حسب ادعاء الشرطة، كان يرشق زجاجة حارقة.
وسُمي خيري علقم على اسم جده الذي قُتل عام 1998. وفي ذلك الوقت، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية عضوا في جماعة يهودية يمينية متطرفة كمشتبه به، لكنها أطلقت سراحه لعدم كفاية الأدلة. وصديق مقرب للمشتبه به هو وزير الأمن القومي الإسرائيلي الجديد، إيتمار بن جفير، زعيم حزب «القوة اليهودية».
وهذه الموجات من العنف والموت تجعل من المستحيل تقريباً تتبع أي حدث معين باعتباره المحفز للهجمات اللاحقة والتنبؤ بمزيد من التصعيد. واندلعت الجولة الجارية في مارس الماضي بسلسلة هجمات «الذئاب المنفردة»، في مدن إسرائيلية، أعقبتها حملة إسرائيلية مستمرة تستهدف خلايا النشطاء، لاسيما في جنين.
وكلما حدثت فترة عنف مستمرة في الضفة الغربية والقدس، يدور الحديث عن «انتفاضة أخرى». ولكن الانتفاضتين الفلسطينيتين السابقتين كانتا أحداثاً أوسع بكثير، وقعتا في وقت واحد في مئات المواقع وشارك فيها عدة آلاف من الناس. وكانت الانتفاضة الأولى، التي بدأت في عام 1987، إلى حد كبير ثورة شعبية للمدنيين باستخدام الحجارة وزجاجات المولوتوف. والانتفاضة الثانية، التي بدأت في عام 2000، نفذتها بشكل رئيس مجموعات مسلحة تابعة للتنظيمات المسلحة الرئيسة، وشمل ذلك عشرات التفجيرات في حافلات ومطاعم إسرائيليين.
وبعد اندلاع الانتفاضة الثانية، بلغ العنف ذروته مع تبادل دوري للصواريخ والضربات الجوية؛ بين إسرائيل وحركتي «حماس» و«الجهاد»، في قطاع غزة، والتي تنتهي عادة بعد بضعة أيام أو أسابيع، وموجات من هجمات الذئاب المنفردة في الضفة الغربية والقدس، وعادة ما تستمر بضعة أشهر. واستمرت الموجة الحالية 10 أشهر ولم تظهر أي بوادر تذكر للانحسار.
هل يمكن أن تسوء وتتحول إلى انتفاضة ثالثة كاملة؟ العناصر موجودة.
نتنياهو، الذي يواجه أول أزمة أمنية خطيرة في فترة ولايته الجديدة، لديه حكومة مليئة بالمتشددين الذين يطالبون بعمل جذري. ولكنه يعلم أنه لا توجد حلول سريعة، باستثناء إرسال القوة العسكرية الكاملة لإسرائيل إلى المدن الفلسطينية، ما يتسبب في المزيد من الوفيات على نطاق واسع.
كانت الانتفاضة الأولى، التي بدأت في عام 1987، إلى حد كبير ثورة شعبية للمدنيين باستخدام الحجارة وزجاجات المولوتوف.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news